صراع السودان.. هل بدأ العد التنازلي نحو الانهيار الشامل؟
مع كل رصاصة تطلق وكل قنبلة تسقط، تتلاشى آمال السلام في السودان، بعد أكثر من عام ونصف العام من القتال المحتدم، والأوضاع الإنسانية المتدهورة، وبات العالم يحصي العد التنازلي نحو الانهيار الشامل للبلاد.
وبينما تصل مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، أنيت ويبر، إلى مدينة بورتسودان الأسبوع المقبل، لمناقشة سبل حماية المدنيين، أعلن الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند، بدء العد التنازلي نحو الانهيار الشامل، في ظل معاناة 20 مليون سوداني.
- «مدينة الصمغ» بيد جيش السودان.. وشرط لإعادة البعثة الأفريقية
- «مدينة الجبن» تحت النار.. حرب السودان تشتد نزفا ونزوحا
قصف عنيف
وأفادت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، الأحد، أن "منطقة جنوب العاصمة الخرطوم شهدت مواجهات محتدمة وقصف مدفعي عنيف هو الأشد منذ عدة أشهر".
وطبقا للمصادر العسكرية، فإن القصف المدفعي أدى إلى تدمير منازل كليا وجزئيا مع تصاعد ألسنة اللهب والدخان في سماء المنطقة، ما أدخل الرعب في صفوف المواطنين.
وأفاد عضو غرفة طوارئ جنوب الحزام، (نشطاء)، محمد عبدالله إدريس، لـ"العين الإخبارية"، بأن "المنطقة عانت بشدة من القصف المدفعي ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية على الأرض".
وشكا إدريس، من تردي الخدمات الأساسية من الكهرباء والمياه، ونقص الأدوية والمحاليل الوريدية في ظل تفشي الملاريا وحمى الضنك والكوليرا.
كما أبلغت مصادر عسكرية "العين الإخبارية"، بأن قوات "الدعم السريع" هاجمت مرة أخرى مواقع الجيش السوداني بولاية النيل الأبيض، واقتحمت قرى السيال، واللقيد، و"المجمع" شمال منطقة "الأعوج".
وحسب المصادر العسكرية، فإن قوات "الدعم السريع" تحاول الدخول إلى مدينة "الدويم" والسيطرة على الجسر الاستراتيجي لتسهل حركة قواتها وسياراتها القادمة من دارفور غربي السودان.
تدمير طائرات حربية
ومع تصاعد وتيرة العنف، أعلنت قوات "الدعم السريع" في بيان، استهداف منطقة "وادي سيدنا" العسكرية شمالي مدينة أم درمان، في عملية نوعية وتدمير طائرات حربية من طراز أنتونوف و(K8)، وطائرات مسيرة وآليات ومعدات عسكرية أخرى بالقاعدة.
وذكر البيان، أن العملية النوعية تأتي ضمن الخطة (ب) التي ستستمر لتشمل جميع المقرات والمواقع العسكرية للجيش السوداني.
ولم يصدر تعليق فوري من الجيش السوداني، حول الهجوم على القاعدة العسكرية، وتدمير عدد من الطائرات الحربية بمدينة أم درمان.
ضحايا الفاشر
ومع تصاعد العنف في دارفور، قالت السلطات الصحية بولاية شمال دارفور، إن إحصائية ضحايا المعارك من المدنيين في مدينة الفاشر تجاوزت 9 آلاف بين قتيل وجريح وذلك منذ اندلاع القتال في أبريل/نيسان من العام 2023.
وشهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدا كبيرا في العمليات العسكرية بالفاشر، في سياق المعارك العنيفة المستمرة منذ مايو/أيار الماضي بين الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة، وقوات "الدعم السريع" التي تسعى للسيطرة على آخر معاقل السلطة المركزية في الإقليم.
وقال المدير العام لوزارة الصحة بالولاية، إبراهيم خاطر، في تصريحات إعلامية، إن "عدد الإصابات جراء المعارك في الفاشر بلغ 9131 إصابة، و516 وفاة منذ 15 أبريل/نيسان 2023 وحتى 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري."
وأشار إلى أن "عدد القتلى قد يكون أكبر من الأعداد المسجلة في المستشفيات، حيث تم دفن أكثر من 300 شخص بواسطة ذويهم قبل وصولهم إلى المستشفيات".
وأوضح أنه "تم إجراء حوالي 3,127 عملية جراحية، من بينها 1,541 عملية متعلقة بجراحة العظام نتيجة الإصابة بطلق ناري"، بالإضافة إلى العديد من الإصابات الطفيفة التي يتم علاجها في مراكز الرعاية الصحية الأولية.
وأشار إلى أن "النظام الصحي في عاصمة شمال دارفور يقترب من الانهيار شبه الكامل، بعد توقف أغلب المستشفيات عن العمل نتيجة وقوعها في مناطق المواجهات العسكرية، بالإضافة إلى استهداف قوات الدعم السريع للمرافق الطبية بالمدفعية، مما أدى إلى تدمير عدد كبير منها.
معاناة المدنيين
ومع استمرار معاناة المدنيين بسبب الحرب، أفادت تقارير إعلامية بأن مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، أنيت ويبر، ستزور، الأحد المقبل، مدينة بورتسودان (العاصمة الإدارية المؤقتة) للقاء المسؤولين في البلاد.
وطبقا للتقارير الإعلامية، فإن ويبر، ستناقش مع مسؤولين سودانيين حماية المدنيين، إلى جانب نقل فحوى ورسائل مسؤولين من دول عربية وأفريقية.
وتناقش المسؤولية الأوروبية تقديم مقترحات بشأن سلامة المنشآت الحيوية التي تشمل السدود والخزانات ومحطات الكهرباء، إلى جانب متطلبات فتح مكتب الاتحاد الأوروبي في بورتسودان.
في الأثناء أعلن الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند، عن معاناة 20 مليون سوداني من عنف مستمر وقال إنه بعد عام ونصف من الحرب في هذا البلد، بدأ «العد التنازلي نحو الانهيار الشامل».
وقال إيغلاند في تصريح أعقب نهاية زيارة للسودان الأسبوع الماضي: "قبل عشرين عامًا، قمنا بحشد الرؤساء ورؤساء الوزراء لوقف الفظائع في دارفور. يوجد الآن أضعاف عدد الأشخاص المعرضين للخطر – هذه أسوأ أزمة في العالم – ولكننا نواجه صمتا مدويا. يجب أن نوقظ العالم قبل أن تلتهم المجاعة جيلاً من الأطفال."
وأضاف: "رأيت بعيني في دارفور وفي الشرق النتائج المدمرة للهجمات العشوائية والحرب العبثية. في الشهر الماضي فقط، قُتل أكثر من 2,500 شخص ونزح أكثر من 250,000 آخرين."
وقال إيغلاند: "واحد من كل خمسة أشخاص في السودان يُعد نازحا. المناطق الآمنة القليلة المتبقية مكتظة للغاية، حيث تعيش مئات الأسر في مخيمات مزدحمة بالكاد تستطيع البقاء على قيد الحياة بالموارد المحدودة المتاحة."
وفي جميع أنحاء السودان، يتسبب الجوع الشديد في وفاة أشخاص كل يوم. يُقدر أن 24 مليون شخص، أي نصف السكان، في حاجة ماسة إلى الغذاء، بما في ذلك 1.5 مليون شخص على حافة المجاعة.
وأضاف إيغلاند: "الجوع المستمر هنا هو مأساة من صنع الإنسان. التقيت في دارفور نساء بالكاد يبقين على قيد الحياة. يتألف غذاؤهم اليومي من وجبة واحدة تتألف من أوراق الشجر المسلوقة. تتحمل الأطراف المتحاربة التي تعرقل الوصول إلى هذه المجتمعات المسؤولية المباشرة عن هذه الكارثة. يمكن وقف هذه الأزمة الإنسانية في الحال."
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان، بما يجنب البلاد كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 11 مليون نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
aXA6IDMuMTM1LjIyMC4yMTkg جزيرة ام اند امز