عبدالباسط حمزة.. قصة سقوط الخزانة السرية لإخوان السودان
عبدالباسط حمزة أحد رجال نظام البشير وينتمي لتنظيم الإخوان الإرهابي متورط في عشرات القضايا المتهم فيها بالاستيلاء على المال العام.
في الخفاء وتحت جنح الظلام، ظل الإخواني عبدالباسط حمزة يتمدد كالخلايا السرطانية في جسد السودان المنهك، نهبا لثرواته بمعاونة جماعة الإخوان الإرهابية التي توهمت الخلود في نعيم السلطة.
صعد حمزة خلال فترة وجيزة إلى مصاف رجال المال والأعمال بصورة أذهلت الشارع السوداني، لكن سرعان ما تكشف الأقنعة وتواترت التقارير الموثوقة، أن الرجل يمثل واحدا من المستثمرين السريين للحركة الإسلامية السياسية الإخوانية، ضمن شبكة تضم العشرات، وفق مراقبين.
تاريخ مشبوه
وكان عبدالباسط أحد عناصر الدائرة المغلقة حول زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن عندما كانت تأويه جماعة الإخوان في السودان تسعينيات القرن الماضي، وعمل إلى جانبه حتى خروجه من الخرطوم، ليظهر بعدها واحد من أثرياء البلاد البارزين.
وتشير تقارير سودانية إلى أن الحركة الإسلامية السياسية قامت بتوزيع الأموال التي نهبتها من البلاد فور توليها السلطة بانقلاب عسكري عام 1989م على عدد من منسوبيها لاستثمارها ويبدون كأنهم رجال أعمال مستقلين لخدعة الشعب وإبعاد الشبهات عنها، وحتى يصعب استرداد هذه الأموال حال حدث تغيير سياسي.
ولم يصمد المخطط الإخواني كثيرا بعد عزل الجماعة الإرهابية عن السلطة، إذ امتدت أيادي الحكومة الانتقالية عبر لجنة "التفكيك" لتضرب أوكار الفساد الخفية التي بنتها الحركة الإسلامية السياسية عبر عبدالباسط حمزة وآخرين.
وروت لجنة تفكيك نظام الإخوان السودانية فصلا من تراجيديا فساد عبدالباسط حمزة وكيفية كنزه للأموال بصورة غير مشروعة وتحويل ثروات السودانيين إلى الخارج لتغذية الجماعة الإرهابية.
ووضعت اللجنة وفق مؤتمر صحفي عقدته نهاية الأسبوع الماضي، يدها على أصول وأملاك تقدر بنحو ملياري دولار تتبع لحمزة، وأصدرت قرارات فورية باسترداد نحو 1.2 مليار دولار أمريكي لصالح خزينة الدولة، وهي عبارة عن أسهم في شركة اتصالات وأراض سكنية وزراعية.
وأثار فساد عبدالباسط حمزة دهشة لجنة التفكيك، قبل الشارع السوداني، إذ قال نائب رئيس اللجنة، عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد الفكي، إنه كان مدركا لفساد جماعة الإخوان الإرهابية ونهبها لثروات البلاد، لكنه لم يتوقع أن يمتلك شخص واحد مليون فدان من الأراضي السكنية والزراعية في أبهى صور الطمع، وهو يشير بذلك إلى المستثمر السري للحركة الإسلامية السياسية.
وتدعم معطيات الواقع، مزاعم الفساد الفاحش بحق الإخواني عبدالباسط حمزة، حيث ينحدر الرجل من أسرة بسيطة تسكن مدينة كوستي وسط السودان، وكان والده يجتهد في الكسب الحلال بواسطة عربة بدائية "كارو حمار"، وفق رواية مقربين منه "للعين الإخبارية".
ووفقا للروية ذاتها، فقد انتقلت عائلة عبدالباسط حمزة للعيش في العاصمة الخرطوم عام 1992م أي بعد ثلاث سنوات من استيلاء الحركة الإسلامية السياسية على مقاليد الحكم في السودان بانقلاب عسكري، عقب تطاير نعيم السلطة نحو حمزة وجماعته الإرهابية.
ضابط صغير والتزام تنظيمي كبير
ولم يكن حمزة في ذلك الحين سوى ضابط صغير في هيئة المساحة العسكرية، لكن التزامه التنظيمي جعله في مقدمة مستقبلي زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن الذي وصل إلى الخرطوم هاربا في عام 1993.
مضت أيام وأصبح حمزة ضمن عناصر دائرة ضيقة حول أسامة بن لادن الذي وضع فيه الثقة وجعله من المقربين له وكاتمي أسراره، وسلمه إدارة مشروعات بنية تحتية نفذها زعيم القاعدة الإرهابي في السودان، مثل طريق شريان الشمال الذي يربط العاصمة الخرطوم مع الولايات الواقعة شمال البلاد.
وعقب خروج أسامة بن لادن من السودان في عام 1996 نتيجة الضغط الدولي على حكومة الإخوان في الخرطوم وقتها، التحق عبدالباسط حمزة بجهاز الأمن والمخابرات الذي أسسه نظام الحركة الإسلامية السياسية.
ومكنه عمله في جهاز مخابرات الإخوان الأكثر وحشية في المنطقة من التغلغل في قطاع الاتصالات والاستحواذ على أراض حكومية في مناطق مميزة بالعاصمة الخرطوم، وذلك بمساعدة الحركة الإسلامية السياسية وأشقاء الرئيس المعزول عمر البشير.
فساد واستيلاء على المال العام
ويقول عضو لجنة تفكيك نظام الإخوان وإزالة التمكين، صلاح مناع، إن عبدالباسط حمزة الضابط الصغير في القوات النظامية تغلغل في قطاع الاتصالات وتورط في بيع شركة موباتيل السودانية بمبلغ يساوي 10% فقط من قيمتها الحقيقية.
كما تورط في نقل فرع لشركة سوداتل للاتصالات السودانية للخارج واستثمار أموالها لصالح نظام الإخوان ولم يعِدْ هذه الأموال للداخل، وأسس شركات وهمية نهب بموجبها أموال الشعب السوداني.
وأشار إلى أن اللجنة استردت أراضي سكنية وزراعية من عبدالباسط حمزة تقدر مساحتها بمليون فدان، بجانب نحو 30 مليون سهم من شركة "إم تي إن" للاتصالات، وأسهم بمول عفراء وفندق السلام روتانا.
ورغم ضخامة الأصول المستردة من عبدالباسط حمزة، فإن تقديرات غير رسمية تشير إلى امتلاك الرجل ثروة خيالية ورؤوس أموال بالداخل والخارج، ممن استأمنته عليها الجماعة الإرهابية.
ويقول الناشط السياسي السوداني، خليل محمد سليمان، إن الفظائع التي ارتكبها عبدالباسط حمزة بحق ثروات البلاد يجب أن تقوده للمشانق دون مواربة، ولا ينبغي الاكتفاء باسترداد الأموال لخزينة الدولة.
وأشار سليمان خلال منشور على صفحته بموقع التواصل "فيسبوك" الجمعة، إلى أن عبدالباسط حمزة وجماعته قاموا بتهريب الأموال التي نهبوها إلى الخارج، حيث يملك شركات اتصالات في دول أفريقية عديدة، تدر مليارات الدولارات، يمكن أن تُستخدم في تمويل الإرهاب، وعدم استقرار الوضع في السودان.
وشدد على أن ضرب الفساد المرتبط بالإرهاب بيد من حديد يؤسس لأهداف الثورة، والدقة في تتبع هذه الأموال يجنب البلاد والعباد شرور هذه الجماعة الإرهابية.
aXA6IDE4LjE4OC4xMTkuNjcg
جزيرة ام اند امز