خبراء يكشفون لـ«العين الإخبارية» مصير هدنة السودان.. تشاؤم وصورة قاتمة
لم تؤثر نفحات شهر رمضان المبارك على الأوضاع في السودان، فلا توجد هدنة مرتقبة، أو حلا سياسيا يلوح في الأفق مع استمرار الحرب وتفاقم معاناة المدنيين جراء تدهور الأوضاع الإنسانية.
لوقف الكارثة الإنسانية تبنى مجلس الأمن، الجمعة، قرارا يدعو طرفي القتال في السودان لوقف العدائيات قبل حلول شهر رمضان، وذلك في أعقاب دعوة مماثلة من الأمين العام للأمم المتحدة.
التشاؤم بتحقيق الهدنة على أرض ميادين القتال يعود إلى التباين في مواقف طرفي القتال بشأن بالهدنة، والالتزام بقرار مجلس الأمن الذي دعا الأطراف المتنازعة في السودان إلى وقف القتال خلال شهر رمضان.
ولم يلتزم الجيش و"الدعم السريع" بالعديد من اتفاقيات الهدن قصيرة المدى السابقة، كما أن إخفاقها في تنفيذ إجراءات بناء الثقة دفعت الوساطة السعودية الأمريكية المشتركة في 3 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى تعليق التفاوض لأجل غير مسمى.
وأعلن قيادي بالجيش السوداني في أثناء تخريج قوات عسكرية جديدة بولاية كسلا أنه لا هدنة في رمضان، إلا إذا نفذت قوات الدعم السريع اتفاق جدة، الذي تم توقيعه في مايو/أيار 2023، بالخروج من المنازل والأعيان المدنية.
اشتراطات مستحيلة
وقال الكاتب والمحلل السياسي محمد الأسباط إنه "وفقا للخبرة والمعرفة لطريقة قائدي الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، و"الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي"، يبدو من الواضح أن قرار مجلس الأمن والدعوات إلى هدنة خلال شهر رمضان لن تجد استجابة".
وأضاف الأسباط لـ"العين الإخبارية" أن الحرب ستستمر خلال شهر رمضان، وفقا لما يصدر من الرجلين كلما أطلقت دعوات لإيقاف الحرب، أو هدنة، كما حدث في أعقاب مفاوضات جدة، أو الدعوات التي تلتها سواء من منظمة الإيغاد أو الاتحاد الأفريقي أو الجامعة العربية، أو دول جوار السودان".
وأضاف "يطلق البرهان ودقلو حديثا معمما عن استعدادهما للسلام وإيقاف الحرب، ولكن يتضمن هذا الحديث دائما اشتراطات تبدو أقرب إلى الاستحالة، الأمر الذي يؤشر إلى أن الرجلين يعتزمان الاستمرار في الحرب وليس في نيتهما إيقافها".
وأشار إلى أن قرار مجلس الأمن هو قرار غير ملزم، وبالتالي لم يلتفت إليه جنرالا السودان.
الحسم العسكري
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي عباس عبدالرحمن إن كل الدلائل والقرائن على الأرض، تشير إلى عدم التزام طرفي الحرب بالهدنة خلال شهر رمضان.
وأضاف عبدالرحمن لـ"العين الإخبارية" إنه "في السابق لم يلتزم الجيش السوداني والدعم السريع بالعديد من اتفاقيات الهدن قصيرة المدى السابقة، بالتالي فإن قرار مجلس الأمن لن يجد حظه من التنفيذ خاصة وأنه صادر تحت الفصل السادس".
وأضاف أن "الجيش السوداني والدعم السريع، يرغبان في استمرار الحرب، وحسمها عسكريا، دون الاستماع إلى صوت المجتمع الإقليمي والدولي."
هدنة غير قابلة للصمود
من جهته أعرب الكاتب والمحلل السياسي، محمد حسيب عن اعتقاده أن طرفي الصراع لن يلتزما بالهدنة في شهر رمضان، بعد التصريحات الأخيرة لمساعد الجيش السوداني ياسر العطا، التي أكد من خلالها ألا هدنة في رمضان مع الدعم السريع، ولا تفاوض إلى بخروجه من المدن التي تسيطر عليها".
وأشار حسيب لـ"العين الإخبارية" إلى أن "التجارب السابقة للهدن المقترحة من قبل، التي لم يلتزم بها أي من الطرفين تشير إلى أن الهدنة التي تبناها مجلس الأمن لن تصمد، مما يؤكد استمرار الحرب لغياب الإرادة الحقيقية لإيقافها سلما".
الجيش السوداني يرفض الهدنة
وأعلن مساعد القائد العام للجيش السوداني ياسر العطا رسميا رفض وقف العدائيات مع قوات "الدعم السريع"، تعليقا على الدعوات للدخول في هدنة خلال رمضان.
وقال العطا خلال كلمته بحفل تخريج قوات عسكرية جديدة بولاية كسلا شرقي السودان، إنه "ليس هناك هدنة بأمر الجيش والشعب".
وأوضح أن القائد العام للجيش عبدالفتاح البرهان لكل من اتصل به أنه "ألا هدنة مع أناس بلا قيم ولا أخلاق ولا دين"، وفق تعبيره.
وأكد العطا أن الهدنة ممكنة فقط حال انسحبت قوات الدعم السريع من مدن دارفور التي احتلتها وغادرت الجزيرة وكردفان وخرجت من العاصمة الخرطوم، مشددا على عدم الجلوس على طاولة تفاوض ما لم تطبق شروط الهدنة.
وأضاف "الجلوس للتفاوض يتم تحديد 3 معسكرات في العاصمة و3 في دارفور تنسحب إليها قوات الدعم السريع وتسلم الآليات العسكرية والأسلحة والعربات"، موضحا أن الجلوس معها سيكون فقط لتطبيق العدالة، ومن يثبت القانون براءته يتم النظر في تسريحه أو دمجه.
موقف "الدعم السريع"
وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت، أمس السبت، موافقتها على دعوات وقف الأعمال القتالية خلال شهر رمضان، مبدية استعدادها للتفاوض حول آليات مراقبة لضمان تنفيذه.
وقالت قوات الدعم السريع، في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، إنها "ترحب بقرار مجلس الأمن الدولي، على أمل أن تسهم الخطوة في بدء مشاورات جادة نحو إطلاق عملية سياسية تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار وتتوصل لحل شامل للأزمة".
وأعلنت استعدادها للحوار حول آليات مراقبة متوافق عليها لوقف الأعمال العدائية، لضمان تنفيذه وتحقيق الأهداف الإنسانية المطلوبة.
وأشارت إلى أنها تستجيب لقرار مجلس الأمن من واقع مسؤوليتها الأخلاقية تجاه الشعب، كما ينسجم مع موقفها الرافض للحرب ويتسق مع رغبتها في رفع معاناة السودانيين وتسريع وصول المساعدات الإنسانية.
رؤية القوى المدنية
من جهتها اعتبرت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) قرار مجلس الأمن الداعي لوقف العدائيات خطوة مهمة وبداية عملية تحقق السلام والاستقرار.
ودعت طرفا النزاع إلى الاستجابة لرغبة الشعب السوداني في تحقيق الهدنة ووقف الأعمال العدائية خلال شهر رمضان، لإنقاذ الأرواح وتوفير الأمان للمدنيين.
وناشدت تقدم الجيش وقوات الدعم السريع بالجلوس إلى طاولة المفاوضات بمسؤولية كأساس لتحقيق وقف شامل للعدائيات والعمل المشترك عبر الخارطة التي اقترحتها لوضع حد للصراعات.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، حربا خلفت أكثر من 13 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.