مع بدء مشاورات جدة.. معارك عنيفة تمزق شرايين السودان
معارك عنيفة تندلع بمدن سودانية مع انطلاق مشاورات استباقية لحكومة السودان مع الولايات المتحدة في جدة بالسعودية.
والمشاورات تأتي قبل محادثات لوقف إطلاق النار مقررة في جنيف الأسبوع المقبل.
وأبلغت مصادر دبلوماسية "العين الإخبارية"، أن المشاورات بين وفد الحكومة السودانية مع نظيره الأمريكي بدأت، اليوم السبت، بمدينة جدة.
ووفق المصادر، فإن الوفد السوداني سيناقش مع الجانب الأمريكي، وفق تفويضه المحدد، 4 قضايا تتعلق بضرورة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقا في منبر جدة، وأجندة مفاوضات جنيف المرتقبة، والدول المراقبة للمفاوضات، والدول المراقبة للاتفاق حال اكتماله.
ويضم الوفد الحكومي في مدينة جدة بعض أعضاء وفد الجيش السوداني لمفاوضات جدة، إلى جانب سفير السودان لدى الرياض، دفع الله الحاج.
وفي بيان أصدرته أمس الجمعة، أعلنت الحكومة السودانية إرسال وفد إلى جدة للتشاور مع الحكومة الأمريكية بخصوص الدعوة المقدمة منها لحضور مفاوضات ستنعقد الأربعاء المقبل في جنيف لبحث وقف إطلاق النار في السودان.
وتهدف المحادثات إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ 16 شهرا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وستكون محادثات جنيف، التي وافقت قوات الدعم السريع على حضورها، أول محاولة كبيرة منذ أشهر للتوسط بين الطرفين المتحاربين في السودان.
ونهاية الشهر الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن واشنطن تسعى لإنهاء النزاع ودعت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات بشأن وقف إطلاق النار، بوساطة الولايات المتحدة، تبدأ في 14 أغسطس/ آب بسويسرا".
وأضاف بلينكن أن المحادثات التي ترعاها أيضا السعودية، ستضم الاتحاد الأفريقي ودولة الإمارات ومصر والأمم المتحدة بصفة مراقب.
وأوضح أن المحادثات "تهدف إلى تحقيق وقف العنف في جميع أنحاء البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها، ووضع آلية مراقبة وتحقق فعالة من أجل ضمان تنفيذ أي اتفاق".
وآنذاك، رحّب قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، عبر منصة إكس، بدعوة بلينكن قائلا: "أعلن مشاركتنا في محادثات وقف إطلاق النار القادمة في 14 أغسطس/آب 2024 بسويسرا".
كما وافقت حكومة السودان على المشاركة، إلا أنها اشترطت "عقد اجتماع مع مسؤولين أمريكيين للتحضير لمفاوضات السلام".
وفي 19 يوليو/ تموز الماضي، اختتمت محادثات غير مباشرة في جنيف، برعاية أممية، لتعزيز المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، بعد مرور 16 شهرا من القتال العنيف في السودان.
معارك أم درمان
وأفادت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، باندلاع معارك عنيفة، صباح اليوم، بمدينة أم درمان بالمدفعية الثقيلة، تسببت في تدمير منشآت حيوية ومنازل.
ووفق المصادر، فإن قوات "الدعم السريع"، قصفت بالصواريخ والراجمات لليوم الثاني على التوالي أحياء مدينة أم درمان، بعد أن دمر قصفها العنيف يوم الجمعة، مستشفى النساء والتوليد (الدايات) قبل 24 ساعة فقط من إعادة تشغيله.
واتهمت وزارة الصحة بولاية الخرطوم، الجمعة، قوات "الدعم السريع" بقصف مستشفى النساء والتوليد في أم درمان، مما أحدث خسائر كبيرة في المرفق الذي أُعيد تشغيله قبل 24 ساعة من القصف.
وبحسب بيان، سيطر الجيش السوداني خلال الفترة الماضية على معظم أحياء أم درمان القديمة، وطرد قوات "الدعم السريع" التي تراجعت نحو غرب وجنوب أم درمان.
وقال البيان الذي أصدره المتحدث باسم وزارة الصحة بولاية الخرطوم، محمد إبراهيم، واطلعت عليه "العين الإخبارية"، إن "قوات الدعم السريع قصفت اليوم مستشفى الولادة في أم درمان بعدد كبير من القذائف المدفعية، مما أدى إلى خسائر في المباني دون وقوع ضحايا بين الكوادر الطبية والمرضى."
ولم يصدر بعد أي تعقيب من قوات "الدعم السريع" حول قصف مدينة أم درمان وتدمير مستشفى (النساء والتوليد).
وكثفت قوات الدعم السريع خلال الأيام الماضية من وتيرة استهدافها لأحياء كرري شمالي مدينة أم درمان التي يسيطر عليها الجيش السوداني، بالإضافة إلى أحياء أم درمان القديمة، ما تسبب في وقوع ضحايا من المدنيين جراء القصف المدفعي والصواريخ بعيدة المدى.
معارك بحري
كما أفادت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، باندلاع اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة بالقرب من جسر "الحلفايا"، الذي يربط مدينتي بحري وأم درمان.
وبحسب المصادر العسكرية، فإن قوات "الدعم السريع" قصفت بشكل عنيف أحياء مدينة بحري ما أدى إلى تدمير منازل جزئيا وكليا.
من جانبهم، أفاد شهود عيان "العين الإخبارية" بأن القصف العنيف أجبر المواطنين على البقاء داخل منازلهم، فيما توقفت حركة السوق الداخلية.
ومؤخرا، أصبحت مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، ثكنة عسكرية، مع توقف شبه كامل لخدمات الكهرباء والمياه والمرافق الطبية.
معارك الفاشر
مع التصعيد المستمر، أفادت مصادر عسكرية "العين الإخبارية"، بأن مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، شهدت اليوم السبت، اشتباكات عنيفة، تسببت في تدمير جزئي للمستشفيات والمساجد ومرافق الكهرباء والمياه.
وأبلغ شهود عيان "العين الإخبارية"، أن مدينة الفاشر الخالية من السكان تعيش أوضاعا كارثية بسبب انقطاع خدمات الكهرباء والمياه.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.