"العين الإخبارية" في الخرطوم.. يوميات رعب بلا أمل هدنة
يوميات تمضي متثاقلة في الخرطوم على وقع أزيز المدافع وانقطاع الخدمات الأساسية فيما لا تلوح بأفق المدينة المنهكة أي بوادر لهدنة جديدة.
ومع استمرار الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، يعيش سكان العاصمة حالة من الرعب والخوف في ظل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وخدمة الإنترنت والمياه وشح المواد الغذائية.
هلع وخوف
يعيش أغلبية سكان الخرطوم حالة هلع بسبب تحليق الطائرات الحربية ودوي الانفجارات وأصوات المدافع وحرب الشوارع بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، وفق ما رصدته "العين الإخبارية".
وتقول المواطنة سلمى إسماعيل: "لا نستطيع التحرك وسط الانتشار العسكري الكثيف في الشوارع والوضع يزداد تعقيدا".
وتضيف إسماعيل في حديثها لـ"العين الإخبارية: "أمي مريضة وتحتاج إلى الطبيب ولكن لا نستطيع ذلك، بسبب الحرب وعدم الأمان في الشارع".
من جانبه، يروي أحمد عبد الله كيف "سقطت قذيفة داخل المنزل لكن دون أن يتأذى أحد من أفراد الأسرة".
وقال عبد الله لـ"العين الإخبارية"، إن "حالة الخوف تسيطر علينا خاصة الأطفال في ظل سماع أصوات الرصاص".
هروب
في ظل حالة التدهور المريع، تتواصل حركة نزوح المواطنين من الخرطوم إلى مدن السودان الأخرى ودول الجوار خاصة مصر.
ويشير المواطن عبد الوهاب أحمد وهو يستعد لمغادرة الخرطوم إلى العاصمة المصرية القاهرة، إلى صعوبة الأوضاع في العاصمة مع استمرار المعارك الحربية ونقص الخدمات.
ويقول أحمد في حديثه لـ"العين الإخبارية": "حاولت الصمود والاستقرار في الخرطوم رغم صعوبة الأوضاع الأمنية والمعيشية، لكن الأحوال أصبحت أكثر تعقيدا ولا بد من الخروج بأقل الخسائر."
وفي تصريحات سابقة، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن بلاده استقبلت أكثر من 60 ألف شخص هربوا من الاشتباكات في السودان، مشيرا إلى التنسيق الثنائي مع تشاد لدعم جهود وقف إطلاق النار.
وفي 27 أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الخارجية المصرية، في بيان، أن “أعداد العابرين من الأشقاء السودانيين تجاوزت 14 ألفا، كما بلغ عدد العابرين إلى مصر ما يزيد على 2000 أجنبي من 50 دولة و6 منظمات دولية”.
وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ارتفاع عدد الفارين من السودان إلى تشاد إلى أكثر من 26 ألف لاجئ.
وأظهرت بيانات البوابة الإلكترونية التابعة للمفوضية، والمخصصة لمتابعة بيانات النازحين من السودان، أن إجمالي عدد القادمين من السودان إلى تشاد وصل 26 ألفا و249 لاجئا.
وأشارت إلى أن إجمالي الفارين من السودان إلى الدول المجاورة، بينها مصر وتشاد وإثيوبيا، وصل أكثر من 107 آلاف لاجئ.
وفي وقت سابق الثلاثاء، أفادت الأمم المتحدة بأن المعارك الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان تسببت حتى الآن بتشريد أكثر من 700 ألف شخص.
قتلى وجرحى
أوقع النزاع الدائر بين القوتين المتحاربتين قتلى وجرحى بين المدنيين وتدمير البنية التحتية للبلاد ومرافقها الصحية.
وكشفت منظمة الصحة العالمية عن مقتل 604 أشخاص على الأقل منذ بداية الاشتباكات المسلحة في السودان منتصف أبريل/ نيسان الماضي.
وقال متحدث المنظمة الأممية طارق ياساريفيتش، في مؤتمر صحفي، إن "604 أشخاص لقوا حتفهم، وأصيب 5127 آخرون منذ بدء الاشتباكات في السودان".
وأوضح أن الأمم المتحدة رصدت "نزوح أكثر من 700 ألف نازح داخليا في السودان، على خلفية الاشتباكات"، وهو ما يمثل ضعف العدد الذي كشفت عنه الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي.
لكن الرقم يبدو أكبر ويصل إلى 750 قتيلا وخمسة آلاف جريح، بحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي).
وبحسب نقابة أطباء السودان، فإن عدد المستشفيات في مناطق الاشتباكات التي توقفت عن العمل يبلغ حوالي 60 مستشفى من أصل 88.
وذكرت النقابة (غير حكومية)، في بيان، أن 28 مستشفى تعمل بشكل كامل أو جزئي وبعضها يقدم خدمات إسعافية.
وحذرت النقابة من أنه حتى المستشفيات التي تعمل مهددة بالإغلاق نتيجة لنقص الكوادر الطبية والإمدادات الطبية والتيار المائي والكهربائي. وهناك 17 مستشفى تعرضت للقصف، وأخليت 20 من المستشفيات قسريا دون تحديد الجهة التي أخلت المستشفى.
ويبلغ عدد الأطباء والكوادر الطبية الذين لقوا حتفهم جراء الاشتباكات 14 بحسب أطباء السودان.
وقدّرت نقابة أطباء السودان عدد ضحايا الاشتباكات المدنيين بـ481 قتيلا، وأكثر من 2564 مصابا، وفق آخر إحصائية.
ويقول الطبيب، يوسف البشير إن "معظم المستشفيات بالعاصمة الخرطوم خارج الخدمة بسبب نقص الكوادر الصحية والدواء.
وأشار البشير في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن "البلاد في طريقها إلى كارثة صحية".
وقف القتال
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة بالسودان، الثلاثاء، مواصلة رئيسها فولكر بيرتس، مساعيه واتصالاته مع الجيش وقوات "الدعم السريع" لوقف "الأعمال العدائية" واستعادة الهدوء لإتاحة المجال أمام توزيع المساعدات الإنسانية.
وقالت البعثة في بيان: "يواصل رئيس البعثة الأممية المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، فولكر بيرتس، مساعيه الحميدة من بورتسودان (شرق)".
يذكر أن البعثة الأممية نقلت نشاطها إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، منذ بدء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان الماضي.
وأضافت: "بيرتس على اتصال مع الجانبين لوقف الأعمال العدائية واستعادة الهدوء لإتاحة المجال لتوزيع المساعدة الإنسانية التي تمس الحاجة إليها".
وأشارت إلى أن رئيس البعثة الأممية ندد بعمليات نهب طالت مباني الأمم المتحدة في العاصمة الخرطوم، مشددة على ضرورة حماية واحترام العاملين الإغاثيين والمرافق الإنسانية.
وتتواصل منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، اشتباكات في ولايات بالسودان بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، تبادل فيها الجانبان الاتهامات بالمسؤولية عنها عقب توجّه فرق تابعة لكل منهما للسيطرة على مراكز تابعة للآخر.