أزمة السودان تنكأ جراح دارفور.. «العين الإخبارية» ترصد محنة النزوح والجوع
مع تصاعد وتيرة الحرب، وتوسع رقعتها دون حل سياسي بالأفق، بات السودان، الذي يشهد أكبر نسبة نزوح، على شفير أزمة جوع هي الأكبر في العالم.
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ نحو 11 شهرا أكبر أزمة إنسانية، اضطرت الأهالي إلى تناول أعلاف الحيوانات وورق الأشجار في دارفور، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغ عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
- جرس إنذار أممي.. استمرار القتال يضع السودان في مواجهة أزمة كارثية
- التقارب السوداني الإيراني.. مخرج من الأزمة أم قفزة في المجهول؟
نقص الغذاء والدواء
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليونا، أي نصف عدد سكان السودان، يحتاجون لمساعدات، كما فر نحو 8 ملايين شخص من منازلهم، وقد تفتك مجاعة كارثية في الأشهر المقبلة بنحو 5 ملايين شخص.
وتقول رئيسة اتحاد المرأة بمخيم "كلمة" للنازحين، بولاية جنوب دارفور، حنان حسن، إن "المواطن السوداني في معسكرات دارفور فقد الأمن والصحة والتعليم بسبب الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع منتصف أبريل/نيسان الماضي".
وطالبت حسن، في حديثها لـ"العين الإخبارية"، بـ"التدخل العاجل للمنظمات الإنسانية، لتقديم المساعدات الضرورية للنازحين في المعسكرات."
وأضافت، "لن نيأس بضرورة فتح مسارات إنسانية للمنظمات.. كبار السن والأطفال يعانون من نقص الغذاء والعلاج ونحن ضحايا حرب سياسية"، مشددة على أن "إهانة كرامة الإنسان جريمة يعاقب عليها القانون".
الجوع والأمراض
ومع تصاعد الأزمة الإنسانية، تقول النازحة، حليمة عبد الرحمن (41 عاما) بمخيم "مرشنق" للنازحين بولاية جنوب دارفور، إن "الوضع الإنساني داخل المعسكرات سيئ للغاية خاصة مع التدهور المريع في كل مناحي الحياة".
وأضافت عبدالرحمن في حديثها لـ"العين الإخبارية": "نعاني من الجوع والأمراض، والأطفال يفتقدون الطعام."
وتابعت: "اضطررنا لأكل علف الحيوانات وأوراق الأشجار، لانعدام الغذاء بشكل كامل داخل المخيمات."
وأشارت إلى أن "الأطفال الصغار يعانون من الإسهال مع انعدام العلاج وعادة ما نستخدم الأدوية البلدية"، موضحة أن "معسكرات النزوح تشهد سوء التغذية الحاد ونقص الأدوية المنقذة للحياة".
سوء التغذية
ومع تصاعد أزمة الجوع، يقول المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور، آدم رجال، إن أكثر من 5 ملايين نازح في مخيمات بحاجة للغذاء.
وأوضح آدم في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "دارفور تعيش مرحلة المجاعة، إذ يعاني السكان من سوء التغذية، بسبب الحرب التي اندلعت منتصف أبريل/نيسان الماضي".
وأشار إلى أن "عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في مخيمات النزوح بالداخل تجاوز مليون طفل".
وأعلن آدم، وفاة أكثر من 561 طفلا بسبب نقص الغذاء وسوء التغذية خلال 11 شهرا من الحرب، بمعدل 17 طفلا يموتون كل يوم.
وأضاف: "الأوضاع الإنسانية داخل مخيمات النزوح معقدة للغاية وتحتاج إلى التدخل العاجل من المنظمات الإقليمية والدولية."
الأمن الغذائي
وكان من المقرر أن يصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تحديثا لتحليله في ديسمبر/كانون الأول الماضي، الذي خلص إلى أن ما يقرب من خمسة ملايين شخص كانوا على شفا مجاعة كارثية. لكن لم يتسن ذلك بسبب الحرب.
وورد في تقرير التصنيف المرحلي الجمعة "دون وقف فوري للأعمال القتالية ونشر كبير للمساعدات الإنسانية.. فإن سكان ولايتي الخرطوم والجزيرة ودارفور الكبرى وكردفان الكبرى، مهددون بالوصول إلى أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية خلال موسم الجفاف المقبل الذي يبدأ في أبريل/نيسان-مايو/أيار 2024".
ويقدر التصنيف المرحلي المتكامل أن ما يقرب من خمسة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية الحاد، منهم 3.6 مليون طفل دون سن الخامسة و1.2 مليون امرأة حامل ومرضعة.
وتشير تقديراته إلى أن إنتاج الحبوب كان أقل بنسبة 46% عن العام السابق بسبب القتال في مناطق إنتاج المحاصيل الأساسية خلال ذروة موسم الحصاد، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق بنسبة 73% عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي.
الاستجابة الإنسانية
وتقدر خطة الاستجابة الإنسانية في السودان الاحتياجات المالية لتغطية 14.7 مليون شخص بالسودان بنحو 2.7 مليار دولار للعام 2024، لم تتوفر منها حاليا إلا 84 مليون دولار (3.1%). وشهد العام 2023 توفير 42% فقط من التمويل المطلوب.
وتتوقع هيئات دولية تعمل في المجال الإنساني، أن تشهد الفترة القادمة زيادة كبيرة في عدد حالات المرض والوفيات وتفاقم سوء التغذية خصوصا وسط الأطفال والحوامل، وتقدر أن حوالي خمسة ملايين شخص على حافة المجاعة.
ولم تتمكن جهود وساطة عربية وإفريقية من إنهاء هذه الحرب، التي حذر برنامج الأغذية العالمي (التابع للأمم المتحدة) في 6 مارس/ آذار الجاري، من أنها تهدد بإثارة أكبر أزمة جوع في العالم.
وفاقمت هذه الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور، خاصة في مخيمات النازحين، إثر تسبب الاشتباكات الناجمة عنها في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.
وبدأت مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم 2003 بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة.
وبحسب آخر تقديرات حكومية في 2019، بلغ عدد هؤلاء النازحين أكثر من مليون و900 ألف.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلفت حوالي 13 ألفا و900 قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.