سودانية تحيي التراث الأفريقي في مصر بـ"حلي الخرائط"
فتاة سودانية تصمم حلي الخرائط لإحياء التراث الأفريقي في مصر، بلدها الثاني، وتروي رحلتها لـ"العين الإخبارية"..
لم يدر بخلد الفتاة المصرية، ذات الأصول السودانية، ريم صلاح الدين، أن أسئلة بخلاف سعر قطعة الحلي التي تقوم بتصميمها، ستكون في انتظارها، فتارة توضح علم الدولة، وتارة تشرح خريطة أفريقيا، في مسعى دائم لإحياء التراث الأفريقي.
وتقول ريم لـ"العين الإخبارية": "أنا سودانية مصرية، والداي من السودان، لكن جدتي لأمي كانت مصرية، ولدت وعشت بمصر، فجمعت بين هويتي البلدين".
ريم، البالغة من العمر ٢٥ ربيعا، سعت لدراسة كل ما يتعلق بالصناعات اليدوية، فدرست النحت والخزف، وأشغال الجلد والقماش والنسيج والمعادن والموزاييك، والتصميم والطباعة والتصوير.
وتقول: "تخرجت في كلية تربية فنية وكرست وقتي كله لدراسة معظم الصناعات اليدوية، وأخذت دورات في الرسم والجرافيك، وأردت أن أمتلك أدواتي قبل أن أبدأ بسؤال نفسي ما الذي أريد أن أفعله، ولماذا؟".
رحلة الشغف
رحلة البحث عن الشغف، لم تكن طويلة، بقدر ما كانت مليئة بالإشارات، إذ إن ريم وجدت نفسها تميل للتراث الأفريقي مع كل اختيار في الصناعات اليدوية.
تروي ريم: "لطالما كنت أميل للأشياء غير التقليدية، أحببت التراث الأفريقي، خاصة الإكسسوارات واللبس والألوان، معظم مشاريعي في الكلية وفي المعارض التي شاركت فيها كانت لوحات أفريقية".
وتضيف ريم: "التراث الأفريقي يتميز بتنوع الأشكال وكثرة الألوان، وهذا كان أكثر ما يبهجني لأنه يمنحني فرصة كبيرة للتصميم والإبداع".
وتتذكر الفتاة العشرينية المثل القائل إن الحاجة أم الاختراع، وتؤكد: "هذا المثل ينطبق على بدايتي مع صناعة الحلي ذات التصميم الأفريقي، كنت أشتري لبسي وإكسسواراتي من السودان أو كينيا أو غانا، وكنت أعاني من ارتفاع الأسعار، فضلا عن أنه كانت تخطر ببالي أشكال لا أجدها".
وتضيف بابتسامة: " سألت نفسي حينها لماذا لا أصمم ما أريده، وهنا بدأت رحلتي وبعد فترة قليلة قررت أن أصمم للآخرين بأسعار مناسبة لكل الطبقات والفئات، بحيث أستطيع نشر التراث الأفريقي بين الجميع".
أكثر ما يشغل ريم، كيف ستنوع التصميمات بما يجعل الفتاة تقدم على شراء قطعة واثنتين منها فتقول: "بدأت عمل سلاسل وشنط وتيشرتات، وبالنسبة للتصميمات نفسها ليست كلها خرائط بل أحاول أن أمزج الأشكال الهندسية برسومات وألوان أفريقية".
وعن نوعية الخامات المستخدمة، تجد نفسها أسيرة التطور، فبعد أن بدأت بالخشب، أدخلت الخرز والمعدن والخيوط، وتقول: "مازال هناك خامات أخرى أقوم بتجربتها حاليا، قبل تنفيذ كميات منها وطرحها".
أكون أو لا أكون
لا تنسى ريم المعوقات التي واجهتها في بداية عملها كمصممة حلي، وتروي لـ"العين الإخبارية": "أسرتي كانت تشك في مدى جديتي بهذا العمل، كانوا يعتقدون أنني سرعان ما سأترك الفكرة، كما كانوا يرون أهمية وجود عمل براتب ثابت".
تمسك الفتاة إحدى القطع الأكثر مبيعا لديها، وهي حلي الخرائط، وتقول: "تحديت الجميع وأثبت لهم أن لدي حلما وأستطيع العمل عليه والوصول له، حتى باتت أسرتي كلها تشجعني بعدما شهدوا رد فعل الناس على صناعتي".
وتستغرق ريم في عمل منتجات الخشب والمعادن من يومين لـ3، حتى تتمكن من تثبيت الألوان، أما الشنط فتأخذ من ٧ إلى ١٠ أيام.
ترك الأثر
تحلم ريم، كغيرها من مصممات الحلي، بأن يكون لها جاليري خاص داخل وخارج مصر، لكن ما يميزها رغبتها في امتلاك مكان تقدم فيه ورشا مختلفة للكبار والصغار، وتعرض منتجاتها النهائية للبيع لتشجيعهم.
وتقول لـ"العين الإخبارية": "حلمي هو ترك الأثر، أعلم غيري ما تعلمته أنا، أحلم بتدريب العشرات، بل المئات من الفتيات هذه الصناعة، لعلهن يجدن الشغف الذي نبحث عنه جميعا".
ولا ترى ريم أي مستحيل، فتوجه رسالتها للفتيات بقولها: "يجب أن تعرفن ما تردن بالضبط، تحديد الهدف مهم جدا، وهنا لا أعني الهدف المادي، بل يجب أن يكون السؤال دائما وأبدا لماذا.. اسألن أنفسكن لماذا تقمن بهذا العمل؟ لماذا تقدمن على هذه الفكرة؟ هل ستفيد الناس بشيء؟ وبماذا سيفيدني أنا؟ .. نصيحتي الوحيدة جربن وحاولن وإذا واجهتكن أي صعوبة أكملوا وعافروا وبالتأكيد ستصلن يوما ما".