خبراء: إرجاء البرلمان يدعم جهود السلام في السودان
الخبراء يؤكدون أن التأجيل من شأنه تهيئة البيئة لجولة محادثات مقبلة في جوبا 10 ديسمبر المقبل بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة
قال خبراء إن تأجيل تشكيل المجلس التشريعي (الضلع الثالث المكمل لهياكل السلطة الانتقالية) في السودان سيدعم جهود تحقيق السلام في البلاد، بوصفه جاء ملبياً لرغبة قوى الكفاح المسلح.
- خلافات بين حكومة السودان والحركة الشعبية بمفاوضات جوبا
- إرجاء تشكيل البرلمان السوداني لنهاية ديسمبر المقبل
وشدد الخبراء، خلال أحاديث منفردة مع "العين الإخبارية"، على أن التأجيل من شأنه تهيئة البيئة لجولة محادثات مقبلة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة المقرر عقدها في عاصمة جنوب السودان (جوبا)، في 10 ديسمبر/كانون الأول المقبل، والتي يعول عليها بأن تكون حاسمة في إنهاء الحرب بمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور.
وكانت خلافات نشبت الأيام الماضية بعدما أعلنت قوى الحرية والتغيير عزمها تشكيل المجلس التشريعي وتعيين حكام جدد للولايات الإقليمية، الشيء الذي عارضته الجبهة الثورية المسلحة بوصفه مخالفا لاتفاق "إعلان جوبا" الذي وقعته مع الحكومة السودانية 11 سبتمبر/أيلول الماضي والذي يقضي بإرجاء البرلمان والولاة لحين تحقيق السلام.
ولكن قوى الحرية والتغيير سارعت باحتواء هذه الخلافات، حيث أعلنت الثلاثاء الاتفاق على تأجيل تشكيل المجلس التشريعي إلى فترة أقصاها يوم 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وذلك لإتاحة المجال للتشاور مع الجبهة الثورية وبين مكوناتها حول صيغة تكوين هذا المجلس.
وشددت على أن تأجيل تشكيل المجلس التشريعي الذي كان ينبغي أن يتم في يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بنص الوثيقة الدستورية، جاء على ضوء التطورات المتعلقة بملف السلام والتحفظات التي أبدتها الجبهة الثورية بهذا الخصوص.
وقال المحلل السياسي حافظ المصري إن تأجيل تشكيل التشريعي سيحدث التوافق بين قوى الثورة وشركات التغيير في السودان، حيث تباعدت المواقف بين الجبهة الثورية والحرية والتغيير خلال الفترة الماضية، بسبب هذا الملف.
وأضاف: "هذه الخطوة تعكس الإرادة الحقيقية للسلام في السودان، وتصب إيجاباً في دعم العملية السلمية وتمثل عربونا لجولة المفاوضات القادمة".
وقال: "ما تم يقطع الطريق أمام المزايدات السياسية، وكل الساعين لعرقلة العملية السلمية في السودان، وستظهر نتائج من خلال الروح العائلة التي تدخل بها الأطراف المحادثات".
من جانبه، شدد أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية الدكتور إبراهيم كباشي على ضرورة الالتزام بالفترة المحددة لقيام المجلس التشريعي، وهي نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل، حتى لا يؤثر تأخير البرلمان على الفترة الانتقالية، لأنها بحاجة الى تشريعات جديد للإصلاح.
وقال كباشي إن "التأجيل الذي تم للمجلس التشريعي قصير المدة، مطلوب لأجل السلام ويمثل خطوة ايجابية تشجع التفاوض".
وأضاف أن "الانتقال السياسي في السودان قائم على قاعدة قانونية، ويتطلب تعديل وسن كثير من التشريعات التي هي من صميم سلطات البرلمان التي تتطلب تشكيله سريعا".
وتابع: "في تقديري السلام يأتي في مرتبة متقدمة من حيث الأهمية عن وضع التشريعات، ما يستوجب إرجاء المجلس التشريعي لفترة زمنية محددة لإعطاء فرصة للمفاوضات المنتظر انطلاقها خلال أيام في عاصمة دولة جنوب السودان".
واستطرد: "كنا نأمل في التأجيل بهدف تحقيق السلام، وألا يكون لأغراض سياسية أخرى، لأنه سيهزم الفترة الانتقالية المحددة بـ39 شهراً، لأن كثيرا من الإصلاحات بحاجة الى قوانين جديدة لا تتحقق إلا بقيام برلمان قوي يحمل برامج ثورة ديسمبر المجيدة التي أنهت حكم الجنرال عمر البشير".
واتفق المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم مع سابقه في التأثيرات الإيجابية لتأجيل تشكيل البرلمان على تحقيق السلام والاستقرار في السودان.
وقال إن "الخطوة تهيئ البيئة تماما وتجعلها مواتية لإحداث خرق حقيقي في ملف السلام خلال جولة المفاوضات المقبلة بين الحكومة والحركات المسلحة".
وأعلنت الوساطة الجنوب سودانية عن استئناف محادثات السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة التي تقاتل في عدد من الجبهات في البلاد يوم 10 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بغرض تحقيق السلام في إقليم دارفور غربي السودان، وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان (جنوبي البلاد).
وتجري الحكومة السودانية المفاوضات على مسارين، الأول مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، بقيادة الجنرال عبدالعزيز الحلو التي تخوض حربا منذ عام 2012 في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وتسيطر على مناطق واسعة حالياً، وهي من أكثر الفصائل المسلحة قوة على الأرض في البلاد.
أما المسار التفاوضي الثاني فيجري مع تحالف الجبهة الثورية الذي يضم نحو 7 فصائل مسلحة تقاتل في إقليم دارفور وولايتي النيل الأزرق، وتوصلت معها الحكومة في الجولات السابقة إلى تفاهمات واتفاق "إعلان جوبا" الذي وضع خارطة للمحادثات وتضمن إجراءات لبناء الثقة.
ويمثل المنخرطون في محادثات السلام الحالية كل الفصائل المسلحة التي تقاتل في السودان، باستثناء حركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد نور التي تخوض حربا في إقليم دارفور، والتي لم تحسم موقفها حتى الآن من العملية السلمية والانخراط في التفاوض من عدمه.
واتخذت الحكومة الانتقالية في السودان خلال الأشهر القليلة الماضية جملة إجراءات لبناء الثقة وتمهيد طريق محادثات السلام، بينها وقف شامل لإطلاق النار في كل أنحاء البلاد وإطلاق سراح عدد من سجناء الحركات المسلحة في الخرطوم آخرهم 24 معتقلا، يتبعون لحركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور.
aXA6IDMuMTM4LjE3MC42NyA= جزيرة ام اند امز