58 مليار دولار ديون السودان الخارجية.. و"هيبك" بداية حل الأزمة
بلغت 166% من إجمالي الناتج المحلي
خبراء يقولون إن إدراج السودان بقائمة الإرهاب منع السودانيين بالخارج من تحويل نحو 6 مليارات دولار سنوياً عبر النظام المصرفي الرسمي.
بلغ حجم دين السودان الخارجي نحو 58 مليار دولار وفق آخر إحصاء رسمي، بينما يتراوح أصل الدين من 17 إلى 18 مليار دولار فقط والمتبقى فوائد وجزاءات أصبحت تساوى أكثر من ضعف المبلغ الأصلي نفسه، حيث قد بدأ تراكم ديون السودان الخارجية منذ عام 1958.
وأكد عدد من خبراء الاقتصاد السودانيين أن خيارات الحل لهذه الأزمة المتفاقمة من سنوات هي أن يتمتع السودان بمبادرة إعفاء الديون على الدول النامية المثقلة بالديون /هيبك/، أو جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي وهو ما يحتاج لسنوات، مع إدارة الموارد بكفاءة عالية.
ووفقا للبنك الدولي في تقرير إحصائيات الديون الدولية للعام 2018، فإن نسبة المتأخرات تبلغ 85% من هذه الديون، وتضم قائمة دائني السودان مؤسسات متعددة الأطراف بنسبة 15%، ونادي باريس 37% و36% لأطراف أخرى، بجانب 14% للقطاع الخاص.
- ديون السودان المتعثرة منذ 4 عقود تطفو على السطح عقب عزل البشير
- صندوق النقد: نتواصل مع السودان ومتأخرات تعرقل التمويل الإضافي
وكشف البنك في تقرير مشترك مع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي السودانية مؤخرا حول استراتيجية خفض الفقر للعام، عن أن المتأخرات المستحقة للمؤسسة الدولية للتنمية بلغت 700 مليون دولار، بينما بلغت المستحقات لصندوق النقد الدولي ملياري دولار.
وأوضح التقرير أن نسب الديون الخارجية أعلى من الحدود الاسترشادية، حيث بلغت 166% من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بالحد البالغ 36%.
وبحسب إحصائيات البنك الدولي للإنشاء والتعمير، كانت الديون بلغت في العام 1973 أقل من مليار دولار، وأدت الأعباء المترتبة على هذه الديون والمتمثلة في مدفوعات الفائدة وأقساط استهلاك الدين إلى تزايد مستمر في حجم الدين، فقد وصل أصل الدين إلى 11 مليارا بنهاية العام 1998، فيما بلغت جملة الديون/ أصل وفوائد/ في نهاية العام 1999 حوالي 20 مليار دولار.
ويؤكد الدكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي أن السودان يستحق منذ فترة طويلة أن يتمتع بمبادرة إعفاء الديون على الدول النامية المثقلة بالديون /هيبك/ فقد استوفى السودان كل الاشتراطات الفنية اللازمة للاستفادة من هذه المبادرة بخاصة أن ذلك الدين شكّل ضغطاً على الاقتصاد الوطني.
وقال بروفيسور إبراهيم أحمد أونور استاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم إنه مازال أمام السودان طريق طويل فيما يخص البنى التحتية وهي مكلفة ولايمكن لأي دولة بمفردها أن تقوم بهذا الجهد، وإنما يتطلب تضافرا ودعما خارجيا، مبيناً أن السودان إذا وجد هذه الفرصة ووفر المبالغ التي يتحصل عليها من خلال إعفائه من الديون الخارجية فسيمكنه ذلك من الانطلاق إلى الأمام، لأن أهم القيود التي تقف أمام الاقتصاد السوداني هي البنى التحتية، وهي تشمل الطرق والجسور والري والكهرباء والمطارات والمواني البحرية، وهذه جميعها توقفت في فترة الحظر الأمريكي وبالتالي أصبحت التكلفة إضافية.
ومن جانبه، يرى الطيب أحمد شمو رئيس قسم الاقتصاد بكلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بجامعة الخرطوم أن السودان يسعى إلى أن يعفى من الديون من قبل السوق الأوروبي وأن تكون لديه إعفاءات في الجدولة، ولكن لايوجد إعفاء بالكامل وإنما هي تسهيلات طويلة المدى بفوائد هامشية أو رمزية.
وأضاف أن السودان ليس أمامه سوى إدارة موارده بكفاءة عالية خاصة "الذهب" لأن تكلفة استخراجه رخيصة في السودان ويعتبر أحد الموارد المنقذة للاقتصاد السوداني، ودعا إلى إقامة بورصات في جانب التسويق للذهب والصمغ العربي والثروة الحيوانية والسمسم.
- الصندوق العربي للإنماء يقرض السودان 200 مليون دولار
- أمريكا والسودان يبحثان استئناف التحويلات المصرفية
وأوضح الخبير الاقتصادي طه حسين أن إدراج اسم السودان ضمن قائمة الإرهاب أرهق موازنة السودان وحرمها من الامتيازات التي تتمتع بها جميع الدول الأخرى كالاستدانة بشروط ميسرة من صناديق التمويل الدولية، إضافة إلى إن هذا الأمر أدى إلى "عزل المصارف المحلية عن النظام المصرفي الدولي، وعدم قدرة السودانيين العاملين في الخارج من تحويل أموالهم التي قُدرت بـ 6 مليارات دولار سنوياً، عبر النظام المصرفي الرسمي".
ومن جانبه قال الخبير المصرفي الشيخ وراق إن على السودان إزالة المخاطر من أمام المستثمرين وجذبهم بالتسهيلات ومنحهم امتيازت.
ووافقه في الرأي أحمد حمور الخبير المصرفي الذي أكد أهمية الاستثمار وضرورة تهيئة البيئة للمستثمرين وطالب الحكومة أن تفرض اولوياتها في الاستثمار وأن تضع شروطا واضحة في هذا المنحى للمستثمرين وقال "إنه يجب رهن التسهيلات والمزايا بمدى الالتزام بها والالتزام بالخارطة الاستثمارية".
ويقول وراق إن السودان لايمتلك فرص للاستدانة مرة أخرى من الصناديق الدولية لأنه لم يتمكن من السداد، موضحا أن آخر دين منح له كان في العام 1986 وأن المبالغ قد تجاوزت الـ 50 مليار دولار، مبينا أن أصل المبالغ المستدانه تشكل نسبة الـ 10% من الفوائد والمتأخرات.
وأعلن بنك السودان المركزي في 21 أبريل/نيسان الماضي رفع سعر الصرف الرسمي للعملة إلى 45 جنيهاً مقابل الدولار، كما شهدت السوق الموازية للعملات ارتفاعاً كبيراً في قيمة الجنيه السوداني.
وأعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبدالفتاح البرهان ضخ عملات أجنبية في خزينة المصرف المركزي، وهذا ما أدى إلى انخفاض كبير في سعر الدولار مقابل الجنيه، وفق خبراء محليين.
وأشار البرهان إلى أن جهوداً كبيرة تبذل الآن لحصر أموال السودان في الخارج وأصول أخرى كانت مجمدة خلال فترة النظام السابق، بينما كشف المجلس العسكري بالسودان، في 24 أبريل/نيسان الماضي عن البدء في سداد ديون البلاد الخارجية، دون مزيد من التفاصيل.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMjMxIA== جزيرة ام اند امز