ديون السودان المتعثرة منذ 4 عقود تطفو على السطح عقب عزل البشير
السودان تخلف عن سداد قرض بقيمة 1.64 مليار دولار حصل عليه في 1981، وبعد إضافة الفوائد وصل الإجمالي حاليا إلى 7.99 مليار دولار.
أثارت الإطاحة بالرئيس عمر البشير، الذي حكم السودان 30 عاما، اهتماما جديدا بين المتعاملين والحائزين لديون السودان التي تخلف عن سدادها منذ وقت طويل.
وفي أعقاب أسابيع من المظاهرات أججتها زيادات حادة في تكاليف المواد الغذائية والبطالة وقمع متزايد، أطاح الجيش بالبشير (75 عاما)، الخميس، بعد 3 عقود من استيلائه على السلطة في انقلاب.
ووعد المجلس العسكري، الذي تولى حكم البلاد، بفترة انتقالية تفضي إلى حكومة مدنية منتخبة.
وديون السودان، المجمدة منذ نحو 4 عقود، هي جزء من سوق غامضة لميراث ديون دول معزولة عن المجتمع الدولي، مثل ديون كوبا التي ترجع إلى ما قبل فيدل كاسترو أو القروض التي أصدرتها كوريا الشمالية.
وفضلا عن تخلفه عن سداد مدفوعات الديون منذ أوائل الثمانينيات، خضع السودان أيضا لعقوبات أمريكية مرتبطة بالصراع في دارفور لحوالي عقدين حتى 2017.
- عقوبات أمريكية قديمة تخنق اقتصاد السودان
- تحويل الأموال عبر الموبايل.. مهنة ولدت من رحم أزمة اقتصاد السودان
وقال أحد حائزي الديون، التي تخلف السودان عن سدادها، متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته: "هذه لحظة حاسمة للبلاد، نحتاج الآن إلى معرفة ما سيحدث بعد ذلك، أي نوع من الحكومة أو أي زعيم سيأتي، وكيف سيتطور الوضع".
وأضاف: "هناك إمكانية لتغيير حقيقي، لكن التغيير ليس دائما للأفضل وقد يستغرق الأمر وقتا طويلا جدا حتى تتحسن الأمور".
وتتركز معظم التعاملات في ديون السودان التي تخلف عن سدادها حول قرض مضمون من الدولة صدر في 1981 في إطار اتفاقية لإعادة هيكلة دين قيمته الأصلية 1.64 مليار فرنك سويسري (1.64 مليار دولار)، وبعد فترة قصيرة، تخلفت الحكومة السودانية مجددا عن سداد التزاماتها بشأن القرض.
ويقدر محللون الآن المبلغ المستحق، بما في ذلك نحو 4 عقود من الفوائد غير المدفوعة، بنحو 8 مليارات فرنك سويسري (7.99 مليار دولار).
ورفعت الحكومة الأمريكية معظم عقوباتها عن السودان في فبراير/شباط 2017، لكنها أبقت البلاد في قائمتها للدول الراعية للإرهاب، وهذا يبقي الاقتصاد مخنوقا ويجعل من شبه المستحيل للشركات أن تعمل في صفقات دولارية ويقطع أي سبيل للوصول إلى أسواق رأس المال الدولية والكثير من مصادر التمويل الأخرى للحكومة.
وباستثناء الصومال، فإن السودان هو الآن البلد الوحيد في العالم الذي عليه متأخرات لصندوق النقد الدولي، تشكل أكثر من 80% من إجمالي المتأخرات المستحقة لتلك المؤسسة المالية الدولية.
والبلد الفقير الواقع في شمال شرق أفريقيا يئن تحت ديونه، وتشكل القروض التي تخلف عن سدادها للقطاع الخاص جزءا صغيرا من ذلك العبء.
وأشار ستوارت كالفيرهاوس رئيس أبحاث الديون السيادية والدخل الثابت في مؤسسة "إكسوتكس" إلى بيانات لصندوق النقد الدولي ترجع لعام 2016 قالت "الدين العام الخارجي يبلغ حوالي 51 مليار دولار، هذا يشكل 88% من الناتج المحلي الإجمالي، من المرجح أن النسبة أعلى الآن بسبب ضعف العملة المحلية".
وقال صندوق النقد، في تقرير في ديسمبر كانون/الأول 2017، إن السودان كان مؤهلا لإعفاء للديون في ظل خطة الدول الفقيرة الأكثر مديونية، وهي مبادرة لصندوق النقد والبنك الدولي أطلقت في 1996 لمساعدة البلدان الفقيرة التي تجد صعوبة في سداد ديونها الخارجية في الحصول على تخفيف للديون.
وأضاف تقرير صندوق النقد "الأوضاع الاقتصادية في السودان شديدة الصعوبة منذ انفصال جنوب السودان في 2011 وخسارة غالبية إنتاج وصادرات النفط، وهو ما فاقم البيئة الخارجية الصعبة".
وفي حال قام بلد بإصلاح عبء ديونه مع المقرضين الثنائيين ومتعددي الأطراف، فإنه يتعين عليه أن يتوصل إلى اتفاقية مع المقرضين من القطاع الخاص قبل أن يصبح بمقدوره الوصول مجددا إلى أسواق رأسمال الدولية.
وعلى سبيل المثال، فإن الحماس بشأن الاستثمار في كوبا تحول إلى الفتور بعد أن تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مسعى سلفه باراك أوباما للتقارب مع هافانا، وتحركت ديون كوريا الشمالية بشكل أكبر إلى المنطقة الانحدار بعد أن فرضت واشنطن عقوبات جديدة على بيونج يانج في 2017.
وقال حائز آخر لدين تخلف السودان عن سداده: "كان لدينا مؤخرا انتكاسات قليلة، البعض قد يعتقد أن زيادة في الأسعار الآن قد تكون فرصة جيدة للخروج".
aXA6IDE4LjExNy43NS42IA== جزيرة ام اند امز