السودان ومسار غزة.. سلام مرهون بـ«تحييد» الإخوان

مع نجاح جهود التوقيع على وثيقة إنهاء حرب غزة، تجددت آمال السودانيين في أن تتجه البوصلة الدولية والإقليمية نحو بلادهم، علها تسلك مسارا آمنا يقود إلى سلام طال انتظاره، وينهي واحدة من أكثر الحروب دموية في تاريخ السودان الحديث.
ومنذ أن اندلعت حرب السودان في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لم تفلح حتى الآن كل النداءات الدولية والإقليمية والمحلية في إجبار الأطراف المتصارعة على إيقاف الحرب.
فهل يسلك السودان مسار غزة؟
يقول مراقبون ومحللون سياسيون استطلعت «العين الإخبارية» آراءهم، إن الجهود الدولية والإقليمية تجاه السودان، تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في ضرورة ممارسة أقصى العقوبات على الأطراف الداعية لاستمرار الحرب، وعزل تأثيرها المباشر في صناعة القرارات المطلوبة في تحقيق السلام.
وبحسب المراقبين، فإن فهم طبيعة الحرب في السودان، بوصفها امتدادا لمشروع التنظيم الإخواني الهادف للسيطرة على الحكم بقوة السلاح، هي أولى الخطوات المطلوبة لنجاح الجهود الدولية والإقليمية في إرساء السلام في السودان.
وتسببت الحرب في السودان في أكبر كارثة إنسانية يشهدها العالم في الوقت الراهن، حيث بلغ عدد الضحايا في صفوف المدنيين أكثر من 60 ألفًا وفقاً لباحثين دوليين، فيما تجاوز عدد الذين أجبروا على النزوح حاجز الـ13 مليونًا، فضلاً عن حجم الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحية في الدولة ومرافقها، وانهيار غير مسبوق في قطاع الخدمات والصحة والتعليم.
إرادة وطنية
ويقول رئيس دائرة الإعلام في حزب الأمة القومي في السودان، المصباح أحمد محمد، إنّ التوجه الدولي نحو إنهاء النزاعات، والضغوط المتزايدة لإرساء الاستقرار في المنطقة، مع تفاقم الوضع الإنساني في السودان، سيزيد من الضغوط على طرفي الحرب، ويهيئ فرصة تاريخية للسودان كي يطوي صفحة الحرب ويفتح مسارًا جادًا نحو السلام والتحول المدني الديمقراطي.
المصباح أوضح في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن «نجاح هذه الجهود مرهون أولًا بوجود إرادة وطنية صادقة، تضع مصلحة الوطن فوق المصالح الضيقة، وتستجيب لمطالب الشعب في الحرية والسلام والعدالة».
وأضاف: «إذا ما التقت الإرادة الدولية والإقليمية مع الإرادة الوطنية الصادقة، يمكن أن يكون السودان على موعد مع فجر السلام، يعيد الأمل لشعبٍ أنهكته الحرب وأرهقته المآسي، وسيكون لذلك أثر مهم في إعادة التوازن المنشود للمنطقة».
تحييد الإخوان
من جانبه، يرى المحلل السياسي في السودان، حاتم طه، أن أي محاولة لتحقيق السلام في السودان لن تنجح ما دامت كتائب التنظيم الإخواني ومليشياته، تحتفظ بالسلاح وتعمل بعقيدة «نصرة الدين» لتبرير الحرب ضد السودان.
وأكد طه في حديثه لـ«العين الإخبارية»، أن «الدول التي أدركت خطر الجماعات الإخوانية، تعاملت معها كمنظمات إرهابية، وتخلّصت منها بإجراءات صارمة». مشيراً إلى أن الإرهاب الدولي لم ينحسر، إلا بعد تصنيف هذه الجماعات كتنظيمات إرهابية وتجفيف منابع تمويلها.
وبحسب المحلل السياسي، فإن «تفكيك التنظيمات العقائدية المسلحة هو المدخل الحقيقي لأي سلام دائم»، مشيرًا إلى أن «الاكتفاء بتسويات فوقية بين قادة الحرب، يعد تجميدا مؤقتا للنار لا إطفاءها».
وفي إشارة إلى تحالف الجيش السوداني مع المليشيات الإخوانية، قال طه: «لا يمكن أن يولد السلام في السودان من رحم مشروع لا يعترف أصلًا بفكرة الوطن، ولا يرى في الآخر إلا خصمًا يجب استتابته أو إلغاؤه».
وفيما يتعلق بمدى إمكانية نجاح الجهود الدولية والإقليمية لإنهاء الحرب في السودان، قال طه: إن الأمر يتعلق بطبيعة الحرب نفسها في السودان، والتي ليست مجرد صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بل هي امتداد مباشر لمشروع تنظيم «الإخوان» الذي ما زال يرى في السلاح طريقًا للحكم، وفي الدين وسيلة للهيمنة السياسية، بحسب تعبيره.
خريطة طريق دولية
ورغم التعقيدات الشائكة في طبيعة الحرب في السودان، إلا أن الجهود الدولية والإقليمية لم تتوقف عن مساعيها الحثيثة بهدف إنهاء النزاع في السودان، ودفع أطرافه نحو مسار تفاوضي يُفضي لوقف إطلاق النار.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تُوجت مشاورات مكثفة لدول الرباعية، الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، بالاتفاق على خريطة طريق موحدة لإنهاء الحرب في السودان.
ونصت خريطة طريق "الرباعية" على ضرورة الحفاظ على سيادة ووحدة السودان وسلامته الإقليمية، كعناصر أساسية للأمن والاستقرار فيه، وتكثيف المساعدات الإنسانية لجميع أبناء الشعب السوداني، وإنهاء تدفقات السلاح التي تطيل من أمد النزاع.
كما طالبت دول الرباعية بهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر بصفة مبدئية، تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم يقود ذلك إلى عملية انتقالية جامعة وشفافة خلال تسعة أشهر، تحقق تطلعات الشعب السوداني نحو حكومة مدنية مستقلة.
وحظيت خريطة طريق الرباعية بترحيب كبير من قبل القوى السياسية السودانية المناهضة للحرب، وكذلك أعلنت قوات الدعم السريع قبولها بالمقترحات التي تقدمت بها دول الرباعية.
إلا أن قيادة الجيش السوداني وحلفائها، أعلنت عن تحفظات حول مقترحات خريطة الطريق، ومن ثم أطلقوا العنان لجميع الغرف الإعلامية الإخوانية لتضليل الرأي العام السوداني، بغرض مقاومة مقترحات الرباعية ورفضها ووسمها بأنها بمثابة تدخل خارجي ووصايا على السيادة الوطنية على حد وصفهم.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODYg جزيرة ام اند امز