العالم يرفض أكاذيب سلطة بوتسودان ضد الإمارات.. صفعات أممية جديدة بجنيف

صفعات أممية متلاحقة لسلطة بورتسودان من نيويورك بأمريكا (مقر مجلس الأمن الدولي) إلى جنيف بسويسرا (مقر مجلس حقوق الإنسان)، مرورا بلاهاي في هولندا (مقر محكمة العدل الدولية).
صفعات تدين انتهاكات سلطة بورتسودان (حكومة الجيش السوداني التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقرًا لها)، وترفض أكاذيبها المتتالية ومزاعمها المتكررة بشأن دعم الإمارات لأحد أطراف الصراع، وتنتصر لمواقفها الدبلوماسية والإنسانية الداعمة للامن والاستقرار في المنطقة والعالم.
أحدث تلك الصفعات تلقتها سلطة بورتسودان خلال اجتماعات الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التي عقدت في جنيف من 8 سبتمبر/ أيلول إلى 8 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، والدورة السادسة والسبعين للجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، التي عقدت في جنيف أيضا خلال الفترة من 6 إلى 10 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وكعادتها دائما حاولت سلطة بورتسودان استغلال اجتماعات المنابر الأممية لترويج أكاذيبها ضد دولة الإمارات، إلا أنها تلقت صفعات مزدوجة من جانب الدبلوماسية الإماراتية التي فندت تلك الأكاذيب، ومن جانب آخر عبر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي أصدر قرارا بتمديد عمل بعثة تقصي حقوق الإنسان في السودان لعام آخر، رغم اعتراض سلطة بورتسودان، ومحاولته الحثيثة إنهاء عمل البعثة الأممية، التي حملت طرفي النزاع، الجيش وقوات الدعم السريع، المسؤولية عن الانتهاكات التي تشهدها البلاد.
صفعة حقوقية
واعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الإثنين الماضي، قرارا بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان عاما إضافيا، رغم اعتراض الحكومة القائمة في بورتسودان.
وأدان القرار الانتهاكات الجسيمة في السودان، داعياً إلى وقف الحرب ومحاسبة المسؤولين، وعدم الإفلات من العقاب، ودعم عملية انتقال سياسي بقيادة مدنية نحو حكومة ديمقراطية.
ويهدف التمديد إلى استمرار التحقيق في الانتهاكات التي وصفتها البعثة بأنها "ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وأكد تقرير البعثة الأخير مسؤولية طرفي النزاع، الجيش وقوات الدعم السريع، عن قصف مناطق سكنية ومنشآت حيوية، وارتكاب عمليات قتل خارج القانون، وهجمات بدوافع عرقية، إضافة إلى العنف القائم على النوع الاجتماعي.
كما وثق التقرير عمليات قصف جوي عشوائي من قبل الجيش، وعمليات قتل انتقامية شهدتها الخرطوم بعد استعادتها من قوات الدعم السريع في أبريل/ نيسان 2025.
ووصف مجلس حقوق الإنسان في نص قراره الانتهاكات بأنها "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، داعيا إلى وقفها فورا وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي، ومؤكدا أن الإفلات من العقاب يشجع على تكرار الجرائم ويعد عقبة أمام السلام المستدام.
كما شدد على أهمية العدالة الانتقالية الشاملة التي تضمن إنصاف الضحايا وتعويضهم وتعزز المصالحة الوطنية، مشيرا إلى أن تحقيق السلام في السودان يمر عبر المساءلة ووضع حد للإفلات من العقاب.
لم يستطع المندوب الدائم لسلطة بورتسودان بجنيف إخفاء صدمته من القرار، الذي اعتبره دعما من المجتمع الدولي للإمارات، بعد تجاهله لأكاذيب سلطة بورتسودان ضدها.
بل وجاءت بنود القرار متفقة مع ما تدعو له دولة الإمارات دائما كآلية لحل لأزمة السودان.
تلك الآلية أعادت بعثة الإمارات في جنيف التأكيد عليها خلال مشاركتها في الدورة السادسة والسبعين للجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، التي عقدت في جنيف خلال الفترة من 6 إلى 10 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، والتي تستند على مبادئ وقواعد أساسية لطالما عبرت عنها الإمارات في مختلف المحافل، من أبرزها:
الجانب الإنساني أولاً
ترفض الإمارات الانجرار لأجندات ضيقة ومهاترات عبثية، وتضع معاناة الشعب السوداني الشقيق في صدارة أولوياتها، وتعكس دعوتها المستمرة لوقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، وتأمين المساعدات موقفاً مبدئياً إنسانيا راسخاً، بعيداً عن أي أهداف سياسية.
دعم إغاثي بلا شروط
ترجمة لسياستها التي تضع "الإنسانية أولا" في تعاملها مع تلك الأزمة، تواصل الإمارات تقديم مساعداتها الإنسانية العاجلة عبر قنوات أممية وشراكات دولية، مركزة على تخفيف المعاناة وإنقاذ الأرواح، دون أي مقابل سياسي، رغم محاولات التشويه المستمرة من قبل سلطة بورتسودان.
وضمن جهودها المتواصلة في هذا الصدد، عقدت الإمارات وإثيوبيا والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) في 14 فبراير/ شباط 2025 "المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان" في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وأعلنت الإمارات خلاله عن تقديم تمويل إضافي بقيمة 200 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانية في السودان، ليصل إجمالي المساعدات إلى 680 مليون دولار منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل / نيسان 2023، وإلى 3.5 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية.
جهود دولية
كعضو فاعل في المجموعة الرباعية بشأن السودان التي تضم دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية ، تدعم الإمارات حلاً سياسياً شاملاً يضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار، ولطالما أكدت أن مستقبل السودان يحدده إرادة شعبه، في إطار رؤية استراتيجية لاستعادة الاستقرار والسيادة.
وفي 13 سبتمبر/ أيلول الماضي، أصدرت المجموعة الرباعية، بيانا مشتركا عقب مشاورات مكثفة بشأن الصراع في السودان، أجراها وزراء خارجية الدول الأربع، حيث أكدوا أن هذا الصراع تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأنه يشكل مخاطر جسيمة على السلم والأمن الإقليميين.
والتزم الوزراء بمجموعة من المبادئ المشتركة لإنهاء الصراع في السودان ومن أبرزها أن سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه ضرورية للسلام والاستقرار، وعلى عدم وجود حل عسكري مجدٍ للصراع، وأن مستقبل حكم السودان يقرره الشعب السوداني من خلال عملية انتقالية شاملة تتسم بالشفافية.
ودعا الوزراء إلى هدنة إنسانية، لثلاثة أشهر بصفة أولية، لتمكين الدخول السريع للمساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان، بما يؤدي بشكل فوري إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم يتم إطلاق عملية انتقالية شاملة تتسم بالشفافية وإبرامها في غضون تسعة أشهر لتلبية تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مستقلة بسلاسة بقيادة مدنية تتمتع بشرعية ومسؤولية واسعة النطاق، وهو أمر حيوي لاستقرار السودان على المدى الطويل والحفاظ على مؤسسات الدولة فيه.
وبينوا إن مستقبل السودان لا يمكن أن تُمليه الجماعات المتطرفة العنيفة التي تنتمي أو ترتبط بشكل موثق بجماعة الإخوان، التي أدى نفوذها المزعزع للاستقرار إلى تأجيج العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
ولكن حكومة بورتسودان، أعلنت رفضها مقترح الهدنة التي قدمته الرباعية، وأكدت تمسكها بالمشاركة في الحكم خلال الفترة الانتقالية.
رفض التدخل الخارجي
تؤكد الإمارات رفضها القاطع لأي محاولات لفرض حلول أو أجندات خارجية على السودانيين، ودعمها عبر القنوات الدبلوماسية متعددة الأطراف يعكس التزاماً بمسار سوداني خالص، بعيداً عن الوصاية.
الأمم المتحدة
مبادئ سبق أن أكدت عليها الإمارات، خلال الكلمة التي ألقتها لانا زكي نسيبة، وزير الدولة في حكومة الإمارات في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين 27 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وأكدت في كلمتها وقوف الإمارات مع الشعب السوداني الشقيق في تَطَلُّعاتِه لانتهاء الحرب الأهلية وتداعياتِها الإنسانية العميقة.
وشددت على أهمية تحقيق وَقْف إطلاق نار فوري، وضَمان وصول المساعدات الإنسانية دونَ عوائِق إلى أنحاء البلاد.
وبينت أن السلام الُمستدام لا يتحقق بالحُلول العسكرية، ولابُد من الدَّفْع نحوَ عملية انتقالية في السودان تُفْضي إلى حكومة مدنية مستقلة، لا تخضع لهيمَنَة أي من الأطراف الُمَتحارِبة، ولا مَكانَ فيها للتطرف والإرهاب.
خارطة طريق أعلنتها الإمارات مرارًا وتكرارًا في مختلف البيانات الرسمية التي أصدرتها بشأن الأزمة، وفي المحافل الدولية التي شاركت فيها لدعم أي حراك دولي يهدف إلى إنهاء تلك الأزمة سلمياً.
تمسّك الإمارات بتلك الخارطة، التي رفضت فيها تلك الحرب العبثية، وأكدت عدم الانحياز لأي من أطرافها (الجيش السوداني والدعم السريع)، بل ودعت إلى محاسبتهم على انتهاكاتهم، مشددة على أن الشعب السوداني يستحق حكومة يقودها المدنيون، جعلها هدفًا دائمًا لأكاذيب سلطة بورتسودان .
وبين الفينة والأخرى، تعيد سلطة بورتسودان تدوير الأكاذيب القديمة التي تتهم الإمارات بدعم أحد أطراف الصراع، في محاولة متكررة لتحقيق مآرب خبيثة لا تخفى على أحد.
صفعات دولية
أكاذيب سودانية متكررة سبق أن نفت صحتها تقارير ومنظمات دولية موثوقة، أبرزها مجلس الأمن الدولي في أبريل/نيسان الماضي، ومحكمة العدل الدولية في مايو/أيار، قبل أن تدحض وكالة رويترز، 29 أغسطس/ آب الماضي، أحدث تلك الأكاذيب.
أحدث الأكاذيب التي تعمدت سلطة بورتسودان الترويج لها هو الزعم بتورط الإمارات باستقدام مرتزقة كولومبيين للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع.
ورغم أن الإمارات سارعت، في أكثر من بيان بالإعراب عن رفضها القاطع للمزاعم والاتهامات الباطلة لسلطة بورتسودان، إلا أنها وذبابها الإلكتروني استمورا في نشر تلك الأكاذيب، مدعومة بمقاطع فيديو مزعومة، إلى ان جاء الرد من وكالة "رويترز"، حيث كشفت خدمة تقصي الحقيقة للوكالة عن أن الفيديو الذي زعمت الحكومة السودانية سابقًا أنه لـ«مرتزقة كولومبيين» يقاتلون إلى جانب قوات «الدعم السريع» في البلاد، ليس سوى مقطع من تدريبات عسكرية مشتركة للقوات المسلحة الأمريكية وقوات أوروبية في إستونيا.
وقبيل ذلك، رفضت محكمة العدل الدولية في لاهاي 5 مايو/أيار الماضي الدعوى المقدمة من قبل سلطة بورتسودان ضد دولة الإمارات، التي تتهمها فيها — دون أي أساس قانوني أو مستند واقعي — بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، فيما يتعلق بالهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع السودانية والفصائل المتحالفة معها ضد جماعة المساليت العرقية في غرب دارفور.
قرار اعتبر انتصارًا لدولة الإمارات ودبلوماسيتها الداعمة للسلام في السودان، وصفعة جديدة لحكومة جيش السودان من أعلى وكالة قضائية في هيئة الأمم المتحدة.
جاء هذا القرار بعد أقل من شهر من صدور التقرير النهائي لمجلس الأمن الدولي لفريق الخبراء المعني بالسودان، بتاريخ 17 أبريل/نيسان 2025، الذي لم يتضمّن أي استنتاجات أو دليل واحد ضد الإمارات.
ولم يكشف التقرير النهائي لمجلس الأمن الدولي حول السودان عن زيف ادعاءات جيش السودان بخصوص الإمارات فحسب، بل أنصفها، منوهًا بدورها في دعم محادثات جنيف لتحقيق السلام في السودان، التي عرقلها الجيش السوداني نفسه.
ملحمة إنسانية
انتصارات دبلوماسية متتالية، تأتي في وقت تتواصل فيه جهود الإمارات على مختلف الأصعدة للحفاظ على السودان وأهله، وإعادة الاستقرار والأمن والسلام لأرض النيل.
وعلى مدار أكثر من عامين من عمر الأزمة، شكّلت المبادرات والمساعدات الإماراتية، التي بلغت 680 مليون دولار، طوق نجاة لملايين المتضررين، حيث بلغ عدد المستفيدين المباشرين من تلك المساعدات ما يزيد على مليوني شخص، وسط جهود متواصلة لضمان وصول المساعدات إلى 30 مليون سوداني يواجهون خطر المجاعة، بينهم أطفال ونساء.
وبمساعداتها خلال الأزمة، يرتفع إجمالي مساعدات الإمارات للسودان على مدار السنوات العشر الماضية إلى أكثر من 3.5 مليار دولار.
فمنذ بداية الأزمة، سيّرت دولة الإمارات جسرًا جويًا وبحريًا نقل قرابة 13 ألفًا و168 طنًا من المواد الغذائية والطبية والإغاثية عبر 162 طائرة وعدد من سفن المساعدات.
أيضًا، في إطار الدعم الإنساني والإغاثي والطبي المقدم من دولة الإمارات للاجئين السودانيين المتأثرين بالأوضاع الصعبة التي تسبب بها الصراع في البلاد، أنشأت الإمارات 3 مستشفيات لتوفير الخدمات الطبية للاجئين في دول الجوار، تنفيذًا لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وهما مستشفيان في أمدجراس وأبشي بتشاد، قاما بعلاج 90,889 حالة.
كما افتتحت الإمارات، في 7 مارس/آذار الماضي، مستشفى ثالثًا في منطقة مادول في ولاية بحر الغزال في جنوب السودان، فضلًا عن تقديم الدعم إلى 127 منشأة صحية في 14 ولاية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز