والي شمال دارفور لـ"العين الإخبارية": عنصرية الإخوان وراء الصراع بالإقليم
أكد نمر عبد الرحمن، والي ولاية شمال دارفور غربي السودان، أن عنصرية نظام الإخوان الإرهابي سبب رئيسي في الصراع القبلي بإقليم دارفور الذي يعاني ويلات العنف والقتل.
جاء ذلك في حوار مطول أجرته "العين الإخبارية" مع عبد الرحمن تناول فيه عدة ملفات داخلية لا سيما بالمتعلقة بالنظام السابق وسبل تحقيق السلام والظروف المعيشية للسودانيين غربي البلاد.
وحذر والي شمال دارفور من التراخي في تسليم الرئيس المعزول عمر البشير وبقية المطلوبين للجنائية الدولية.
وكشف عن وجود خطة متكاملة لتنمية الإقليم ورفع مستوى معيشة المواطنين، بجانب حملة لجمع ومصادرة السلاح لضبط الأمن، وملاحقة فلول الإخوان.
ونمر عبدالرحمن، هو قيادي بحركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي، التي يترأسها الهادي إدريس، وهي أحد الأطراف الموقعة على اتفاق السلام، وكان قد وقع في الأسر أبان حكم الإخوان، وتم تعيينه واليا لشمال دارفور الأسبوع الماضي ضمن كوتة هذا التنظيم.
وإلى نص الحوار..
* بداية.. ما خطتكم لمعالجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية بشمال دارفور؟
بعد أن تم تكليفي بمنصب والي شمال دارفور، عكفت مع عدد من الخبراء في مجالات مختلفة خلال الأيام الماضية لدارسة الوضع الراهن.
وتم الانتهاء إلى ضرورة وضع خطة سريعة قصيرة المدى، لتلبية الاحتياجات الضرورية للمواطنين من مياه وخدمات صحية وفي مجال التعليم، بجانب توفير السلع الاستراتيجية والوقود.
كما تم وضع برنامج لمدة عام، يهدف إلى توطين مهنة الزارعة في الإقليم وتطويره هذا القطاع، لذا تم التواصل مع العديد من الجهات لتقديم المساعدة في هذا الجانب.
وعلى المدى الطويل، نعمل على دعم المشروعات الصغيرة للأسر، بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية السودانية.
وتشمل خطتنا أيضا فتح الحدود لدعم التجارة وحركة البضائع، بطريقة قانونية منظمة، عبر إنشاء نقاط الجمارك على حدود الولاية مع مصر، وليبيا، وتشاد.
* ماذا عن النازحين وضحايا الحرب الذين تحتضنهم ولاية شمال دارفور؟
لقد تم وضع خطة تهدف إلى اندماج النازحين وعددهم نحو 84 ألف شخص، في قطاع الزراعة.
وعلى المدى الطويل، تهدف خطتنا إلى عودة النازحين واللاجئين للمساهمة في عملية التنمية، وتحويل الشباب، المزارعين، والرعاة حتى يلعبوا دور أساسي في الإنتاج.
من ناحية أخرى، تضمنت خطتي كذلك الاهتمام بالثروة الحيوانية، خاصة أن شمال دارفور من الولايات الغنية برؤوس الماشية، وسنعمل على إنشاء مسالخ في الولاية لتصدير اللحوم للخارج للاستفادة من القيمة المضافة.
وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، هناك أيضاً تركيز على مجال استخراج الذهب بطريقة منظمة وإدارة رشيدة حتى تعم الفائدة لمواطني ولاية شمال دارفور.
* الفساد يعتبر الإرث الأبرز لنظام الإخوان المعزول في شمال دارفور، ما خطتكم في هذا الملف؟
اتفاقية جوبا للسلام في السودان، لم تغفل مسألة العدالة والمحاسبة لكل من ارتكب جرائم بحق السودانيين سواء كان كبيرة أو صغيرة.
نحن في حركات الكفاح المسلح إذا ارتكبنا أي أخطاء في حق أشخاص يجب أن تتم مساءلتنا أمام القانون، وليست لدينا حصانة تحمينا، وأيضا يجب محاسبة قيادات الإخوان التي حكمت البلاد 30 عاما.
* عناصر الإخوان ما زالت متغلغلة في دارفور وأقاليم البلاد، ماذا أنتم فاعلون؟
هناك لجنة حالية تعمل على تفكيك نظام الإخوان المعزول في ولاية شمال دارفور، يجب أن تستمر في عملها ومصادرة الأموال من فلول النظام السابق دون انتقام أو تشفي ودون أي استفزاز، لتعود هذه المبالغ والمؤسسات إلى الدولة والاستفادة منها.
نحن كقوى للتغيير في السودان، ملتزمون بالتعامل الجاد مع قضية استرداد أموال الشعب من رموز النظام المعزول، ويجب مصادرة الأموال المختلسة بأسرع ما يمكن حتى تعود الفائدة للمواطن.
* كيف ترى أهمية تسليم الرئيس المعزول وقادة الإخوان للمحكمة الجنائية الدولية؟
موقف الجبهة الثورية السودانية وأطراف العملية السلمية وأنا معهم، هو أن أي شخص ارتكب جرم في حق مواطني دارفور والمطلوبين للمحكمة الجنائية، يجب تسليمهم.
وأكدنا للحكومة الانتقالية السودانية خلال مفاوضات جوبا أن المحكمة الجنائية الدولية هي الوسيلة التي يعتمد عليها الضحايا، لذلك يجب علينا دعم موقف الضحايا من خلال مثول المطلوبين أمام المحكمة بدون تأخير أو تردد أو شائعات لأي أحاديث، وقد تم إدراج الأمر في وثيقة اتفاق جوبا.
فهناك بعض الجهات تروج حالياً بأن تسليم المطلوبين إلى محكمة الجنايات الدولية يعتبر خيانة وطنية، لكن نقول لهم على النقيض، أن مثول هؤلاء المجرمين أمام الجنائية يفتح الباب أمام الأمن والاستقرار والمصالحات.
في المقابل، فإن عدم تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، سيعيق عملية السلام في السودان، فهؤلاء ارتكبوا جرائم في حق مواطنين عُزّل، حيث قتل نحو 3.5 ألف شخص، ونزوح مليونين و750 ألف شخص على الأقل.
لذا، يجب تسليم المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية مهما كان عددهم، لأن أي تعاطف معهم سيكون بمثابة عدم احترام للضحايا وضربة لمساعي بسط سيادة حكم القانون وبناء دولة المحاسبة والعدالة.
(والمطلوبون هم: الرئيس المعزول عمر البشير، ووزير دفاعه عبدالرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد هارون، وعلي كوشيب الذي سلم نفسه، بجانب المتمرد عبدالله بندة.)
* ترددت أنباء حول موافقة الحكومة السودانية على تسليم أحمد هارون، والإخواني جعفر عبدالحكم للجنائية الدولية لارتباطهما بملف قضية كوشيب.. هل لديك معلومات بهذا الخصوص؟
ليس لدي معلومة حتى الآن، لكن أحمد هارون نفسه أصدر بيانا قال فيه إنه يريد الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ويجب مثول البشير، وهارون، وجعفر عبد الحكم، عبدالرحيم محمد حسين، ولو كان هناك متورطين من قيادات حركات الكفاح المسلح يجب تسليمهم للجنائية الدولية.
* وأنت بصدد تولي إدارة الولاية وهناك حاكم لإقليم دارفور بالفعل، ألا تعتقد أن هذا الوضع سيخلق تضاربا في القرار؟
لا أعتقد حدوث تضارب في القرار، إذ تم تعيين الوالي وحاكم الإقليم من قبل رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك بنص اتفاقية السلام وصلاحيات الوالي والحاكم منصوص عليها في الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا.
لكن ستتضح الرؤية بعد عقد مؤتمر الحكم الإقليم المقرر بموجب اتفاقية السلام، والذي سيحدد السلطات والاختصاصات بالصورة المطلوبة، فنحن الآن ننسق ونتعاون مع مني أركو مناوي حاكم الإقليم من أجل خدمة مواطن دارفور.
(وكانت اتفاقية جوبا للسلام بالسودان أكدت عودة نظام الحكم الفيدرالي في البلاد القائم على 8 أقاليم، بدلا من 18 ولاية حالياً).
* يعزو الكثيرون الاشتباكات والصراعات بدارفور إلى انتشار السلاح.. ماذا ستفعل في هذا الشأن؟
يلعب انتشار السلاح دورا كبيرا في زعزعة الاستقرار، لكن غياب التوعية والتحشيد القبلي في حقبة نظام الإخوان، الذي عمل على تقسيم المجتمع عرقيا وعنصريا، أشعل الصراعات بين سكان البلاد خاصة إقليم دارفور.
بالطبع سنقود حملة لجمع السلاح في إطار عمل اللجنة العليا، وسنبدأ ببرامج توعية للشباب والقوى السياسية والمجتمعية بخطورة حمل السلاح خارج القانون.
وستبدأ الحملة في المرحلة الأولى بالجمع الطوعي للسلاح مصحوبة بتعويض، والثانية الجمع الإجباري في حال الرفض واتخاذ إجراءات قانونية ضد الرافضين.
* هل تعتقد أن القوة المشتركة لحفظ السلام ستعالج المشكلات التي في دارفور؟
بالطبع، ونحن نحث الحكومة على الإسراع بتشكيل هذه القوة الوطنية لحفظ الأمن في دارفور، والآن هناك اجتماعات مستمرة، ونأمل أن تعطي الحكومة أولوية قصوى لتكوين وتأسيس هذه القوة في أقرب وقت لتقوم بدورها.
ويجب على الحكومة السودانية توفير المعدات اللازمة لقوة حفظ السلام، وأن تكون مهامها واضحة، خاصة أن معظم المنتمين لها من أبناء ولايات دارفور، بالتالي هم يدركون المشاكل المتوقع حدوثها، وبالتالي إمكانية لعب دور إيجابي مهم في فض النزاعات الأهلية، من جمع السلاح، وتحقيق الاستقرار، وتأمين طرق الزراعة.
(العدد الأولي الذي تم الاتفاق عليه حول قوة حفظ السلام هو 8 آلاف جندي، على أن يرتفع تدريجياً إلى 20 ألف، توزع على ولايات دارفور بواقع 4 آلاف لكل ولاية).
* كيف تنظر لتأخير تنفيذ الترتيبات الأمنية بعد مرور 8 أشهر على توقيع اتفاق السلام؟
هذا التأخير مؤسف للغاية، وفي تقديري يعود إلى تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، وعدم مساهمة الضامنين للاتفاق بصورة مباشرة.
فالتأخير مشترك بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح، إذ يجب على الحكومة إعطاء نظرة خاصة والإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية لأنها تمثل العمود الفقري لاتفاق جوبا لسلام السودان.
* تنص اتفاقية جوبا على أن تدفع الحكومة مبلغ 750 مليون دولار سنويا لمدة عشرة أعوام لصالح دارفور، في رأيك هل ستلتزم الحكومة بدفع هذا المبلغ في ظل التدهور الاقتصادي؟
الاتفاقية نصت على دفع الحكومة هذا المبلغ سنويا بغرض التنمية لتعويض دارفور عن التخلف التنموي السابق، ومراعاة للظروف التي تمر بها البلاد هناك بدائل كثيرة في حال تعذر الإيفاء بهذا المبلغ من قبل الحكومة.
aXA6IDMuMTQ1LjU4LjkwIA== جزيرة ام اند امز