أزمة السودان.. مشاورات جدة تنتهي دون اتفاق وجبهات القتال تشتعل
رغم الضغوط الدولية لإنهاء أزمة السودان تعثرت المشاورات الاستباقية في مدينة جدة السعودية، الأحد، قبيل انطلاق محادثات وقف إطلاق النار في جنيف الأسبوع المقبل.
وانتهت المفاوضات التي شارك فيها وفد حكومي سوداني مع الولايات المتحدة الأمريكية دون نتيجة أو أمل نحو اتفاق، وعاد الوفد إلى بورتسودان.
- مع بدء مشاورات جدة.. معارك عنيفة تمزق شرايين السودان
- أزمة السودان.. مشاورات استباقية في جدة قبل محادثات جنيف
وقال وزير المعادن السوداني، رئيس وفد الحكومة للتشاور مع الحكومة الأمريكية، محمد بشير أبونمو: "أعلن بصفتي، رئيسا للوفد الحكومي في الاجتماعات التشاورية مع الأمريكان في مدينة جدة السعودية، انتهاء المشاورات من غير الاتفاق على مشاركة الوفد السوداني في مفاوضات جنيف".
وأوضح أبونمو على صفحته الرسمية عبر "فيسبوك": "كتوصية للقيادة -سواء كان الوفد ممثلا للجيش حسب رغبتهم أم ممثلا للحكومة حسب قرار الحكومة من الآن وصاعدا، والأمر كذلك متروك في النهاية لقرار القيادة بتقديراتها".
وأضاف "هناك بالتأكيد تفاصيل كثيرة قادتنا إلى هذا القرار بإنهاء الحوار التشاوري دون اتفاق".
وكانت الحكومة السودانية أعلنت في بيان، الجمعة، إرسال وفد إلى جدة للتشاور مع الحكومة الأمريكية بخصوص الدعوة المقدمة منها لحضور مفاوضات ستنعقد في جنيف في 14 أغسطس/آب لبحث وقف إطلاق النار في السودان.
وتهدف المحادثات إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ 16 شهرا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وكان من المفترض أن تكون محادثات جنيف، التي وافقت قوات الدعم السريع على حضورها، أول محاولة كبيرة منذ أشهر للتوسط بين الطرفين المتحاربين في السودان.
ونهاية الشهر الماضي أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن واشنطن تسعى لإنهاء النزاع "ودعت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات بشأن وقف إطلاق النار، بوساطة الولايات المتحدة، تبدأ في 14 أغسطس/آب في سويسرا"، مضيفا أن "المحادثات التي ترعاها أيضا السعودية ستضم الاتحاد الأفريقي ودولة الإمارات ومصر والأمم المتحدة بصفة مراقب".
بلينكن أوضح أن المحادثات "تهدف إلى تحقيق وقف العنف في جميع أنحاء البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها، ووضع آلية مراقبة وتحقق فعالة من أجل ضمان تنفيذ أي اتفاق".
وآنذاك، رحّب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، عبر منصة إكس بدعوة بلينكن قائلا: "أعلن مشاركتنا في محادثات وقف إطلاق النار القادمة في 14 أغسطس/آب 2024 في سويسرا".
كما وافقت حكومة السودان على المشاركة إلا أنها اشترطت "عقد اجتماع مع مسؤولين أمريكيين للتحضير لمفاوضات السلام"، وهو ما انتهى اليوم دون اتفاق.
وفي 19 يوليو/تموز الماضي، اختتمت محادثات غير مباشرة في جنيف برعاية أممية، لتعزيز المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، بعد مرور 16 شهرا من القتال العنيف في السودان.
القصف العشوائي
ومع تعثر المشاورات تصاعدت فيه وتيرة القتال في جبهات متعددة، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بينهم أطفال.
وأفادت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية" باندلاع مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بمدينة أم درمان شمالي العاصمة الخرطوم.
ووفق المصادر العسكرية، فإن قوات "الدعم السريع" أطلقت صباح اليوم 7 دانات سقطت في الأحياء السكنية، أسفرت عن أضرار بشرية ومادية بالغة.
وبسبب القصف العشوائي قُتل طفل واحد على الأقل وأصيب آخرون، مساء السبت، في قصف نفذته قوات الدعم السريع على شمال أم درمان.
ومنذ 3 أيام، كثفت قوات الدعم السريع استهدافها أحياء محلية كرري بعدد كبير من القذائف المدفعية، مما أدى إلى مقتل مدنيين وتدمير مرافق خدمية.
وذكرت تنسيقية لجان مقاومة كرري (نشطاء) في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أن قوات "الدعم السريع" استهدفت مركز إيواء الحتانة في رياض أطفال برادايس"، مما تسبب في وفاة أحد الأطفال وإصابة 11 آخرين بجراح.
وتعد محلية كرري في شمال أم درمان، بكافة أحيائها، المنطقة الوحيدة في أم درمان التي لا تزال مأهولة بالسكان رغم مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، نظرا لانتشار القوات المسلحة في جميع أنحاء المنطقة.
كما أدانت حكومة ولاية الخرطوم، في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، استمرار قصف قوات "الدعم السريع" للمواطنين الأبرياء في الأحياء السكنية والمستشفيات والأسواق والمرافق المدنية.
وأوضحت أن الاستهداف الذي تعرض له مستشفى أم درمان للنساء والتوليد "الدايات" حرم النساء الحوامل من هذه الخدمة وأدى إلى إيقاف العمل بالمستشفى، وهو ما يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية التي توفر الحماية للمدنيين في حالات الحروب.
وتعرض مستشفى أم درمان للنساء والتوليد، يوم الجمعة، للقصف بعد يوم واحد فقط من إعادة تشغيله، مما أحدث دمارًا كبيرًا في المرفق الطبي.
واتهمت سلطات الخرطوم قوات الدعم السريع بإجبار نحو 6 آلاف من مواطني مناطق شمال بحري على إخلاء منازلهم وعبور النيل بالمراكب التقليدية في زمن الفيضان، مما عرض حياتهم لخطر الموت غرقا، أغلبهم من النساء والأطفال الذين تم حرمانهم من حمل أبسط أمتعتهم الشخصية.
وأشار البيان إلى وصول نحو 6 آلاف فرد من تلك المناطق، وأنهم تعرضوا لجرائم إرهابية مروعة تُضاف إلى سجل قوات الدعم السريع، والتي تؤكد يومًا بعد يوم أنها تستخدم المفاوضات كتكتيك ضمن مخططها الرامي إلى القضاء على المواطن وانتهاك حقوقه ونهب ممتلكاته وتهجيره لخدمة أجندتها الحقيقية.
محور مدينة الفاشر
وحسب مصادر عسكرية أخرى، فإن قوات "الدعم السريع" صعدت المواجهات العسكرية في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وطبقا للمصادر، فإن قوات "الدعم السريع" هاجمت المدنية من عدة محاور، واقتربت من الأحياء الطرفية بغرض التوغل إلى عمق المدينة وبسط سيطرتها بشكل كامل على المنطقة.
وأكدت المصادر أن القوات المشتركة تصدت للهجوم، وأجبرت عناصر "الدعم السريع" على التراجع.
وذكر الجيش السوداني، في بيان مقتضب اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أن قواته صدت هجوما كبيرا من قبل قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر وكبدتها خسائر كبيرة.
ولم تتلق "العين الإخبارية" تعليقا فوريا حول قصف المدنيين في أم درمان، والهجوم على مدينة الفاشر.
محور ولاية القضارف
كما أفادت مصادر عسكرية "العين الإخبارية" باندلاع مواجهات جديدة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، صباح اليوم، في محور ولاية القضارف شرقي السودان.
وأكدت المصادر العسكرية أن الجيش السوداني تصدى، مساء السبت، لهجوم جديد نفذته قوات "الدعم السريع" على مناطق حدودية بين ولايتي القضارف (شرق) والجزيرة (وسط) البلاد.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
aXA6IDE4LjIxNy4yMzcuMTY5IA==
جزيرة ام اند امز