السودان في أسبوع.. مشاهد دموية وسط تقدم مفاوضات نقل السلطة
الأسبوع الماضي بدأ متوترا بين الأطراف السودانية قبل أن تعود حالة من الهدوء الحذر لاستئناف العسكري الانتقالي وقوى التغيير مفاوضاتهما
سجل السودان أسبوعاً متوتراً بعد عودة حوادث قتل المحتجين إلى المشهد لأول مرة منذ عزل الرئيس عمر البشير في 11 أبريل/نيسان الماضي، رغم تقدم مفاوضات نقل السلطة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير التي تقود المظاهرات.
وبدأ الأسبوع المنصرم أكثر توتراً بين الأطراف السودانية، قبل أن تعود حالة من الهدوء الحذر، بعد استئناف "العسكري الانتقالي" و"الحرية والتغيير"، المفاوضات التي تعثرت سابقاً بشأن تشكيل السلطة الانتقالية، حيث تم وضع برنامج جديد لإدارة الحوار والخلافات.
وبالتزامن مع اختراق غير مسبوق في التفاوض واتفاق العسكريين وقوى الاحتجاجات على هياكل السلطة الانتقالية، كانت مجموعة مسلحة تحصد أرواح المدنيين في محيط ساحة الاعتصام أمام قيادة الجيش السوداني بوسط الخرطوم.
وأسفر هجوم يوم الإثنين الماضي، الذي نفذته عناصر مسلحة وصفها رئيس المجلس العسكري الانتقال الفريق أول عبدالفتاح البرهان بـ"المندسة"، عن 6 قتلى من المعتصمين وضابط بالقوات المسلحة وإصابة 200 آخرين، وفق إحصائية لجنة أطباء السودان المركزية.
وفي محاولة ثانية لإزالة الحواجز من طرقات رئيسية بالخرطوم، الأربعاء الماضي، سقط 8 جرحى على الأقل من المحتجين بحسب مصادر طبية، وذلك إثر قيام قوات مسلحة بزي عسكري بإطلاق الرصاص الحي على المعتصمين أمام القيادة العامة للجيش، الأمر الذي زاد الأوضاع توترا في العاصمة القومية.
ومع غموض حادثة الإثنين، اتهم المجلس العسكري وتحالف "الحرية والتغيير" جهات وصفوها بالمتربصة بالثورة ولم يعجبها الاختراق في المفاوضات بأنها من قامت بالاعتداء على المعتصمين لإجهاض الاتفاق المبرم بين الطرفين، لكن قوى الاحتجاجات عادت وحمل "الانتقالي السوداني" مسؤولية قتل المحتجين.
غير أن رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أصر على أن جهات ما، وصفها بـ"المندسة"، تحاول إجهاض الاتفاق الذي تم توقيعه مع قوى الحرية والتغيير.
ردود أفعال غاضبة
ورغم تصريحات البرهان خلفت الاعتداءات المسلحة على ميدان الاعتصام ردود أفعال غاضبة من جانب المعتصمين، وسط تصعيد اللهجة في مواجهة المجلس العسكري الانتقالي الذي حملوه مسؤولية الأحداث الأخيرة.
وواجه المحتجون الاعتداء المسلح بصمود وإصرار ورفضوا فتح المسارات المؤدية لساحة الاعتصام أمام المجموعات المسلحة، رغم كثافة الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، مما دفع القوات المعتدية للانسحاب بعد اشتباكات استمرت نحو 4 ساعات، حسب ما أبلغ شاهد عيان "العين الإخبارية".
كما أغلق المتظاهرون منذ صباح الثلاثاء 14 مايو/أيار الجاري الطرقات الرئيسية بالخرطوم على مسافة بعيدة من ساحة الاعتصام بالحجارة "المتاريس" وأشعلوا الإطارات، ووسعوا ساحة الاعتصام لتشمل مساحات واسعة شرقا وغربا، حيث أغلقوا طريقي الجمهورية والجامعة قبالة جسر المك نمر.
وقام المحتجون كذلك بغلق شارع السيد عبدالرحمن من الناحية الغربية لقيادة الجيش وشارع النيل، إلى جانب إغلاق جسر القوات المسلحة نحو 700 متر شرق ساحة الاعتصام، في محاولة لتأمين الاعتصام ومنع تكرار حادثة الإثنين التي راح ضحيتها العشرات من قتلى ومصابين.
تعليق التفاوض بعد اختراق
وفي خطوة مفاجئة، أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبدالفتاح البرهان تعليق التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير بشأن نقل السلطة لمدة 72 ساعة، وألغى اجتماعاً كان مقرراً له مساء الأربعاء لحسم الخلاف حول تشكيل "مجلس السيادة"، من أجل إزالة الحواجز من الطرقات وتهيئة المناخ.
وفي يوم الثلاثاء، أعلن الطرفان اتفاقهما على فترة انتقالية مدتها 3 سنوات، وهياكل السلطة الانتقالية التي شملت 3 مستويات "سيادي، وتنفيذي، وتشريعي".
وأقر الاتفاق تشكيل مجلس تشريعي من 300 عضو 67% منهم من قوى الحرية والتغيير، وتشكيل مجلس وزراء من قوى الاحتجاجات، وتشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في الاعتداء المسلح على المحتجين أمام قيادة الجيش.
بدورها، أعربت قوى الحرية والتغيير في السودان، في بيان، عن أسفها من تعليق التفاوض من قبل المجلس العسكري، مؤكدة الالتزام بسلمية الحراك.
وتلا البيان محمد ناجي الأصم عبر فيسبوك، أكد خلاله أن "التصعيد السلمي حق مشروع وصدر بتوافق تام بين قوى إعلان الحرية والتغيير".
وأضاف "قررنا مسبقا تحديد منطقة الاعتصام، ولذلك تنتفي كل مبررات تعليق المفاوضات من طرف واحد"، متابعا أن "الاتهام بانتفاء سلمية الثورة هو طعن في وطنية الشرفاء".
وطالب بيان قوى الحرية والتغيير في السودان بإجراء تحقيقات حول المجزرة التي حدثت مساء الإثنين، وارتقى على إثرها شهداء من الثوار والقوات المسلحة.
هروب شقيق البشير
في خضم تطورات الأحداث وتلاحقها في السودان، حظيت واقعة هروب "العباس" شقيق الرئيس المخلوع عمر البشير وقيادات من تنظيم الإخوان البائد إلى تركيا اهتماماً واسعاً محلياً وإقليمياً، بوصفه أحد المتورطين في قضايا الفساد ونهب ثروات الشعب السوداني.
وبدا الجدل حول كيفية هروب شقيق البشير الذي أعلن المجلس العسكري الانتقالي في وقت سابق اعتقاله، بينما أكد مدير السجن القومي "كوبر" أن "العباس" لم يدخل السجن من الأساس، ما أثار حفيظة الشارع السوداني.
وامتد الجدل وردة الفعل الغاضبة على تركيا التي احتضنت "العباس" الهارب ووفرت له ملاذاً آمناً، فيما توقع مراقبون أن يؤدي احتضان أنقرة شقيق البشير إلى توتر العلاقات الثنائية مع السودان خلال المستقبل القريب.
aXA6IDMuMjMuMTAzLjIxNiA=
جزيرة ام اند امز