إخوان السودان.. انقسام «الإخوة الأعداء» يعصف بـ«حزب الترابي»
خلافات تنظيمية حادة تضرب حزب "المؤتمر الشعبي" بالسودان، وتُقسمه إلى تيارين مختلفين في الرؤية والسياسة، ما يهدد مستقبله السياسي.
و"المؤتمر الشعبي" هو حزب سياسي إسلاموي في السودان. أسسه حسن الترابي عام 1999، ومنشق من حزب "المؤتمر الوطني"، بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير، الذي أسقطته ثورة شعبية في أبريل/نيسان 2019.
ويوم الأربعاء الماضي، قرر مجلس الشورى الذي يعتبر ثاني أعلى جهة تنظيمية بالحزب، إقالة الأمين العام علي الحاج، وإلغاء كل القرارات والتحالفات مع القوى السياسية، القشة التي قصمت ظهر البعير، وأدت إلى الأزمة الطاحنة التي يعيشها الحزب حاليا.
أزمة نتج عنها تياران في الحزب، الأول يؤيد مجلس الشورى الذي ينضوي تحته قادة التنظيم القدامى وعدد من أبناء الترابي، والثاني يقوده علي الحاج وكمال عمر وما يعرف بمجموعة الأمانة العامة، ويرفض بشكل قوي قرارات المجلس.
خلافات مكتومة
ووفق الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأسباط، فإن حرب البيانات التي اندلعت الأسبوع الماضي، بين جناحي علي الحاج، وإبراهيم السنوسي، هي "حرب مؤجلة كانت تدور خلف أستار مغلقة منذ أكثر من عامين، خاصة بعد موافقة قيادة المؤتمر الشعبي، عندما كان علي الحاج أمينا عاما، على الاتفاق الإطاري، وسيرها في مسار التحول المدني الديمقراطي".
وقال الأسباط لـ"العين الإخبارية"، إنه "منذ ذلك الوقت هناك خلاف مكتوم بين تيارين برزا إلى العلن نهاية الأسبوع الماضي، وهذا الصراع بكل تأكيد سيضعف هذا الحزب الذي انقسم في السابق إلى شطرين هما (المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي)".
وأضاف أن "هذه الانشقاقات المتتالية ستؤدي إلى إضعاف هذا الحزب الذي بدأ أن حظوظه في المشهد السياسي على الأقل في المدى القصير والمتوسط، متواضعة جدا، وبمثل هذه الانشقاقات قد يفقد حظوظه تماما".
سياسة فرق تسد
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، الهضيبي يس، إن ما طرأ مؤخرا داخل أروقة المؤتمر الشعبي، "هو نتيجة كانت متوقعة منذ نحو عام تقريبا".
وأضاف يس لـ"العين الإخبارية"، أنه "بينما تقف مجموعة مع اتفاق سياسي ضم مجموعة تنظيمات سياسية لحل أزمة البلاد قبل أكثر من عام (الاتفاق الإطاري)، وكانت وما زالت تنظر إليه على أنه مخرج للأزمة السودانية، ترفض مجموعة أخرى وهي أصولية، التحالف مع أحزاب الطيف السياسي من اليسار وغيرها".
وأشار إلى أن هذا ما دفع التيارين إلى حالة من الحرب الباردة داخليا، ما بين التخوين وتبادل الاتهامات، واعتبار أن كل طرف له الحق في إدارة دفة الحزب".
وقال إن "تقييمي للأمر يتلخص في وقوع المؤتمر الشعبي في ذات الفخ الذي نٌصب من قبل لعدد من التنظيمات إبان عهد الرئيس المعزول عمر البشير وكان هدفه تطبيق سياسة فرق تسد وعدم وجود أي فكرة مركزية للالتفاف حولها".
بداية الخلاف
وظهرت الخلافات بعد الإجراءات التي اتخذها مجلس السيادة العسكري بقيادة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، والتي أطاحت بالحكومة الانتقالية، برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في خطوة وصفها كثيرون بأنها "انقلاب".
وقتها، أدان الحاج، في بيان رسمي، "الانقلاب"، لكن مجموعة الشورى، بقيادة إبراهيم السنوسي، سحبت البيان من منصات الحزب على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصدرت قرارات بفصل قيادات في التنظيم ما أدى إلى تصدع الحزب.
وامتد الخلاف في "المؤتمر الشعبي" إلى القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع، منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، حيث أعلنت جماعة الشورى تأييدها للقوات المسلحة، في حين انضم تيار الحاج إلى مؤيدي وقف الحرب، دون التصريح بالانحياز لطرف بعينه.
ومع تسارع وتيرة الخلافات داخل الحزب، عارضت الأمانة للحزب، قرارات مجلس شورى التي قضت بإعفاء الأمين العام علي الحاج، وانتخاب أمين عام جديد، ووصفت ما جرى بـ"التآمر على الحزب".
وقالت الأمانة العامة في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، "إنها ترفض ما قامت به مجموعة بانتحال صفة الشورى وما ترتب عليها من نتائج لأن ما بني على باطل فهو باطل."
ورأى البيان، أن ما جرى هو استكمال لما وصفها بحلقات "التآمر" التي قادتها مجموعة الشورى، موضحا أن الأمين العام هو من يقع على عاتقه التنسيق مع الشورى وليس العكس.
وكشف البيان أن الأمانة العامة "ستتخذ خطوات تنظيمية وتدابير صارمة وحاسمة ما يحافظ على الحزب وخطه السياسي وقواعده وقيادته المنتخبة من المؤتمر العام"، دون ذكر تفاصيل.
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuMTgwIA== جزيرة ام اند امز