الخرطوم تشتعل والبرهان يفتش عن الدعم.. كل الطرق تؤدي لـ"جدة"
مع تصاعد ألسنة اللهب بالخرطوم، توجه رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، إلى نيويورك، في رحلة تقوده على الأغلب إلى جدة.
زيارة البرهان تهدف بالأساس للمشاركة في أعمال الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وتعد سابع زيارة خارجية لقائد الجيش السوداني منذ اندلاع الصراع في بلاده، منتصف أبريل/نيسان الماضي.
وميدانيا، قال شهود عيان لـ"العين الإخبارية"، إن معارك عنيفة اندلعت بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، اليوم الأربعاء، في محيط القيادة العامة للجيش، وسط العاصمة الخرطوم.
وحسب الشهود، فإن قوات "الدعم السريع" حاصرت مقر القيادة العامة للجيش، من 3 محاور، بغرض إحكام السيطرة وترجيح كفتها في الصراع.
وتابع الشهود أن مدينة بحري شمالي الخرطوم، ما زالت تشهد اشتباكات مسلحة، مع تحليق مكثف للطيران الحربي.
كما أفاد الشهود، بأن مدينة أم درمان غربي العاصمة، تشهد أيضا اشتباكات، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان، مضيفين أن قوات "الدعم السريع" هاجمت محلية "الأضية" بولاية غرب كردفان، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية على الأرض.
قضايا إقليمية ودولية
ومع تعقد الأزمة، ذكر بيان صادر عن مجلس السيادة، أن البرهان سيترأس وفد السودان المشارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي انطلقت رسميا الثلاثاء وتستمر لنحو أسبوع.
ومن المقرر أن يلقي البرهان، خطابا بشأن السودان أمام الجمعية العامة، بعد غد الجمعة، كما سيشارك في اجتماعات رفيعة المستوى، لبحث تعزيز التعاون متعدد الأطراف فيما يتعلق بمختلف القضايا الدولية والإقليمية المطروحة.
وذكر البيان أن البرهان سيلتقي على هامش الدورة الـ 78 للجمعية العامة، بعدد من الرؤساء من مختلف دول العالم وممثلين من المنظمات الدولية والإقليمية، لبحث سبل التعاون الثنائي ودور التعاون متعدد الأطراف في إطار منظمة الأمم المتحدة، لبناء مستقبل أكثر استقرارا.
وخلال أقل من شهر، أجرى البرهان زيارات خارجية إلى كل من مصر، وأوغندا، وجنوب السودان، وقطر، وإريتريا، وتركيا.
وأمس، دعا الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى "وقف القتال في السودان والاحتكام لصوت العقل وتجنيب المدنيين تبعات القتال"، مؤكدا دعم بلاده لكافة الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى وقف القتال، والحوار بين القوى السياسية السودانية.
الرهان على جدة
وبالنسبة إلى الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأسباط، فإن زيارة البرهان إلى نيويورك "لن يكون لها أي دور في إنهاء الحرب".
وقال الأسباط لـ"العين الإخبارية" إنه "منذ خروجه من القيادة العامة للجيش منذ ما يقارب الشهر أو يزيد، لم يذهب البرهان إلى المدينة التي تنطلق منها العملية الوحيدة الجادة لوقف الحرب وهي مدينة جدة"، في إشارة لمفاوضات سابقة بين طرفي الأزمة جرت في المدينة السعودية.
وأضاف "منذ خروجه من القيادة، ذهب البرهان إلى مصر وجنوب السودان وقطر وتركيا وإريتريا وكان الرجل يتلمس طرقا ووسائل للحصول على دعم عسكري وسياسي ودبلوماسي".
وتابع قائلا "كان البرهان يستهدف على وجه التحديد تصنيف قوات الدعم السريع حركة متمردة، ولكنه لم يحصل على دعم سياسي أو عسكري أو دبلوماسي، وكان الحديث فقط حول ضرورة وقف الحرب تفاوضيا وضرورة الحل السلمي للأزمة".
واعتبر أن البرهان سيسمع نفس الحديث في نيويورك، وقال "كما كان واضحا في أحاديث قادة دول العالم أمس وعلى رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس التركي ورؤساء قطر والجزائر والرئيس الأمريكي وملك الأردن كل هؤلاء تحدثوا ودعوا إلى ضرورة حل الأزمة في السودان سلما عبر التفاوض".
وأضاف "سيسمع البرهان مزيدا من هذه الدعوات وسيعود بعدها مضطرا إلى مدينة جدة لاستئناف الحوار من أجل إيقاف هذه الحرب المجنونة"، مضيفا أن "مستقبل السودان هو في وجود جيش واحد فقط، يقوم بحماية البلاد ولا يحكمها".
تدابير عملية لوقف النار
إلى ذلك، اتفق اجتماع وزاري لدول جوار السودان، على "اتخاذ تدابير عملية للتوصل لوقف إطلاق نار مُستدام في السودان" الذي يشهد مواجهات بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، منذ أبريل/نيسان الماضي.
وانطلقت أعمال الدورة الـ 78 من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، رسميا الثلاثاء، بحضور 150 من رؤساء الدول والحكومات، ومن المقرر أن تستمر لأسبوع .
وكانت مصر قد استضافت قمة دول جوار السودان، في يوليو/تموز الماضي، ودعت لوقف القتال وبدء مفاوضات، وتلاها في أغسطس/آب الماضي استضافة تشاد أول اجتماع وزاري لدول الجوار، مع مساعٍ لحل الأزمة السودانية.
وأوضح بيان مشترك لوزراء خارجية مسار دول جوار السودان على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، أن "الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان (مصر، تشاد، أفريقيا الوسطى، إثيوبيا، إريتريا، ليبيا، جنوب السودان) عُقد، الثلاثاء، بمقر البعثة الدائمة المصرية لدى الأمم المتحدة بنيويورك".
وأشار إلى أن الاجتماع جاء في إطار مسار قمة دول جوار السودان، وتم بالتنسيق بين مصر وتشاد، وذلك وفقاً لنتائج اجتماع الاجتماع الوزاري الأول في إنجمينا في 7 أغسطس/آب الماضي وشارك فيه أيضاً ممثلا جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي المعتمدين لدى المنظمة الدولية.
واستعرض الاجتماع جهود دول جوار السودان لتسوية الأزمة، واتصالاتهم بمختلف الأطراف السودانية، والتنسيق القائم بين دول الجوار والآليات الأخرى التي تتناول الأزمة في السودان.
وبحسب البيان فقد تم التشاور وتبادل الرؤى حول أولويات التحرك خلال المرحلة القادمة، والاتفاق على اتخاذ تدابير عملية للتوصل لوقف إطلاق نار مُستدام في السودان، دون الإعلان عن تفاصيل تلك التدابير.
كما تم الاتفاق على "شحذ الجهود الدولية للاستجابة للوضع الإنساني، بما في ذلك توفير الدعم المطلوب لدول الجوار التي تستضيف أعداداً كبيرةً ومتزايدة من السودانيين".
ومنذ اندلاع الاشتباكات منتصف أبريل/نيسان الماضي، يتبادل الجيش بقيادة البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال الذي خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم من المدنيين، وأكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.