لأول مرة منذ 30 عاما.. أعياد رأس السنة في السودان بطعم الحرية
الحكومة الانتقالية السودانية تلغي في نوفمبر قانون "النظام العام" وتحل شرطة أمن المجتمع التي كان مناطاً بها تنفيذ القوانين القديمة.
لأول مرة منذ 30 عاماً يستقبل السودانيون أعياد رأس السنة الجديدة في أجواء مختلفة تسودها الحرية بعد اختفاء أعين السلطات التي كانت تحدد زمان ومكان وكيفية الاحتفال بالمناسبة، وتضع سيف قانونها مسلطاً على رقاب المخالفين.
وعبر عدد من السودانيين لـ"العين الإخبارية" عن فرحتهم العارمة باستقبال احتفالات رأس السنة الجديدة 2020 في أجواء من الحرية التي وفرتها ثورتهم الشعبية التي أطاحت بأحد أكثر الأنظمة الشمولية والديكتاتورية.
وكان نظام البشير الذي سقط بثورة شعبية انحاز لها الجيش في 11 أبريل/نيسان الماضي يتحكم في احتفالات الشعب بمناسبة رأس السنة عبر قانون النظام العام الذي يحدد ساعة واحدة فقط لزمن الاحتفالات بدخول العام الجديد.
كما تلاحق السلطات في نهار اليوم التالي المحتفلين في الساحات العامة والحدائق المفتوحة وتتلصص عليهم بذريعة المحافظة على السلوك العام، بمنع الاختلاط بين الشباب والفتيات إلا في حدود معينة تسمح بها.
وكانت السلطات تصادر كذلك مكبرات الصوت حال عدم حصول أصحابها على تصديق من الشرطة يسمح لهم بإقامة الاحتفال وفق شروط قانون "النظام العام".
وقال عمر هنري (30 عاماً) إنه في غاية السعادة لأنه سيتمكن هذه المرة من الاحتفال بمناسبة رأس السنة بطريقة مختلفة عن المرات السابقة.
وأضاف أنه درج على الاحتفال مع أصحابه على شارع النيل بالخرطوم من خلال إحضار "قالب حلوى" وإطلاق الألعاب النارية وغيرها، بيد أنهم يقومون بكل ذلك تحت رقابة قوات الشرطة المنتشرة حول المكان.
وأشار إلى أنَّ الزمن لم يكن يسعفهم للحاق بأي من الحفلات التي تقام في الأندية، لأنها تنتهي عند الساعة الواحدة صباحاً وبعدها يُجبَر الجميع على المغادرة إلى منازلهم، وتابع: "إذا أردنا حضور حفلة لأحد الفنانين فإننا نتخلى عن الاحتفالات التي نقيمها في شارع النيل".
لكن هنري بدا مسروراً بانتهاء كل تلك القيود وأنه سيتمكن مع أصدقائه في هذا العام من الاحتفال بكل حرية، قائلاً: "سنأتي إلى شارع النيل بالخرطوم لنحتفل مع الآخرين وبعدها سنتوجه إلى المكان الذي يغني فيه الفنان أبو عركي البخيت، ويمكننا أن نلتحق بأي برنامج آخر".
وكانت الحكومة الانتقالية في السودان أقرت في نوفمبر/تشرين الأول مشروعات قوانين من بينها إلغاء قانون "النظام العام" وحل شرطة أمن المجتمع التي كان مناطاً بها تنفيذ القانون.
وينص القانون المُلغى على عقوبات قاسية للمخالفين كانت تصل إلى الجلد لمن يقومون بنشاطات اجتماعية أو ترفيهية بسيطة كتدخين الشيشة في الأماكن العامة، وأحكام متنوعة تحدد طريقة استخدام مكبرات الصوت في الأماكن التجارية وأوقات استخدامها.
وتأتي احتفالات السودانيين برأس السنة الجديدة هذه المرة متزامنة مع احتفالات الشعب بالذكرى الأولى لثورته التي أنهت حكم البشير، ما يجعل المناسبة مختلفة تماماً عن سابقاتها.
ومنذ الخميس، بدأ السودانيون الاحتفالات بذكرى ثورة 19 ديسمبر/كانون الأول التي تقرر لها أن تستمر حتى مطلع العام الجديد لتتزامن مع احتفالات أعياد الاستقلال الذي كان في تاريخ 1 يناير/كانون الثاني 1956.
ويؤكد محمد بابكر (33) عاماً لـ"العين الإخبارية" ضرورة أن تكون الاحتفالات متلائمة مع عادات المجتمع السوداني المحافظ، قائلاً: "إن الحرية لا تعني الجنوح للفوضى".
وأوضح أن هناك متربصين بالثورة التي أطاحت بنظام البشير ويسعون باستمرار لتشويه صورة التغيير الذي حدث ويربطونه بالانحلال والمجون والفسوق.
وأضاف: "علينا ألا نمنح أمثال هؤلاء فرصة للنيل من الثورة، أنا لا أستبعد أن تسعى الثورة المضادة بدس عناصرها وسط المحتفلين للقيام بأفعال شاذة لتضليل الرأي العام بأن التغيير يعني هذه الفوضى".
ومنذ سقوط نظام البشير درجت عناصر الثورة المضادة على تشويه صورة التغيير من خلال فبركة فيديوهات مسيئة للثورة مثل فتاة تدخن السجائر والشيشة في الشارع العام، وبثها على وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها جزءا من التغيير الذي يجري.
لكن إدريس عبدالله (25 عاماً) يقلل من إمكانية تشويه صورة الثورة السودانية والتغيير الجذري الذي يجري حالياً، لأن المجتمع وصل إلى مرحلة من الوعي تجعله مدركاً لما تقوم به الثورة المضادة.
ولفت إلى أن الاحتفالات برأس السنة الجديدة هذه المرة ستكون بشكل مختلف وأن الحرية التي توفرت للسودانيين ستمكنهم من ابتداع أساليب مشوقة لتجسيد معاني التغيير والنظرة للمستقبل الذي يحلمون به.
aXA6IDE4LjExNy43MS4yMzkg جزيرة ام اند امز