«السودان أوفلاين» والبرهان بقفص الاتهامات.. تعتيم على «انقلاب»؟
نحو 50 مليون سوداني انقطعت صلتهم بالعالم فيما تلاحق الاتهامات قائد الجيش بقطع الاتصالات والإنترنت لـ«التعتيم» على «انقلاب» ضده.
وخرجت معظم مدن السودان في شماله وشرقه «عن الخدمة» عقب قطع الاتصالات والإنترنت، ما أدخل البلاد في حالة شلل، قبل أن تعود الخدمة بشكل جزئي.
وفاقم انقطاع الاتصالات من معاناة السودانيين جراء فقدانهم أعمالهم ومصادر دخلهم إضافة إلى محنة النزوح جراء الحرب المستعرة بين الجيش وقوات «الدعم السريع».
وتوجهت أصابع الاتهام إلى الجيش، خصوصا إلى قائده عبد الفتاح البرهان، حيث انتشرت شائعات تفيد بأن الأخير قام بقطع الاتصالات لـ«التعتيم» على محاولة الانقلاب عليه، وإخفاء ملامح الانشقاق والتفكك بصفوف جيشه.
لكن الأنباء المتداولة سرعان ما تجاوزت حيز الشائعات، حيث نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر عسكرية قولها إن "استخبارات الجيش اعتقلت عددا من الضباط الفاعلين بمنطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان غربي الخرطوم".
وأضافت المصادر أن الاعتقالات طالت هؤلاء العسكريين على خلفية «انقلاب كانوا يخططون لتنفيذه».
وربطت مصادر محلية بين ما يتم تداوله حول «الانقلاب» على البرهان وبين قطع الاتصالات، معتبرة أن الجيش وقائده يحاولان التعتيم على الانشقاقات التي تضرب المؤسسة العسكرية.
نفي
يعتقد مراقبون أن قطع الاتصالات بعد أيام من أنباء الانقلاب على البرهان قد يكون في حد ذاته مؤشرا على صحة ما يتم تداوله حول وجود انشقاقات بالجيش.
فرغم أن البرهان حرص على نفي صحة وجود انقلاب عسكري في السودان، فإنه لم ينجح مع ذلك في احتواء الأخبار المتداولة حول تفكك الجيش.
ويخشى المسؤول العسكري تداعيات مثل هذه الأخبار على سير المعارك مع قوات الدعم السريع على الأرض، وعلى معنويات الجنود.
ولذلك اختار الخوض في الموضوع بشكل مباشر بالقول أمام ضباط وجنود "الفرقة 19 مشاة" التابعة للجيش السوداني بمدينة الدبة بالولاية الشمالية، إن "كل من يدعي ذلك فهو كاذب وواهم".
وبحسب بيان للجيش، تعهد البرهان بـ"القتال حتى النصر من أجل كرامة هذا الشعب وقواته المسلحة"، مشددا على أن "كل من يقول إن هنالك انقلابا فهو كاذب وواهم، وكل الجيش على قلب رجل واحد، وكلنا مع بعضنا سننهي هذا التمرد (في إشارة لقوات الدعم السريع)".
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل حاول مساعد البرهان، ياسر العطا، رفع معنويات الجيش، بالتأكيد على أن القوات المسلحة "كلها خلف قائد الجيش والقوات النظامية الأمنية تعمل خلف القيادة بقلب رجل واحد وفق تراتبية منظمة"
تركيز على نفس الموضوع اعتبره محللون مؤشرا إضافيا على صحة ما يتم تداوله حول انقسام الجيش.
محنة إضافية
انقطاع شبكات الاتصالات والإنترنت فاقم محنة السودانيين وعطل ما تبقى من أنشطة محدودة في حياتهم، كما تسبب في حالة من الشلل طالت القطاعين الخاص والعام.
وفي غضون ذلك، لم تنجح المساعي الدولية في جمع طرفي الأزمة حول طاولة المفاوضات بسبب تعنت البرهان.
وسبق أن حذرت كليمنتين سلامي، منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان، من أن "غياب خدمات الاتصالات أضر بعمليات إرسال واستقبال الأموال لملايين السودانيين".
وأضافت، في منشور عبر منصة إكس، أن "انقطاع التيار الكهربائي يعوق أيضا أنشطة الاستجابة الإنسانية الحاسمة، ووصول الناس إلى المعلومات المنقذة للحياة".
ونقل إعلام محلي عن سكان قولهم إن الجيش يقوم بقطع الاتصالات أو التشويش عليها خلال بعض المعارك، بهدف تعطيل عمليات التواصل بين وحدات الدعم السريع.
وفي بيان صدر السبت الماضي، نفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن قطع الإنترنت، وقالت إن "الخدمة انقطعت جراء قصف جوي قام به سلاح الجو التابع للجيش السوداني على مركز التحكم في الاتصالات"، وهي الاتهامات التي نفاها الجيش لاحقا.
aXA6IDE4LjExOS4xNDEuMTE1IA== جزيرة ام اند امز