"قائمة الإرهاب".. تفاؤل سوداني بطي صفحة الإخوان المظلمة
طوى السودان، الإثنين، أكثر صفحات جماعة الإخوان ظلاما، بعد قرار واشنطن الخاص بحذفه نهائيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
القرار الأمريكي، الذي خلف فرحة عارمة في الشارع السوداني كونه أتى بعد انتظار 27 عاما، يؤكد خبراء أنه سيعود بمكاسب عاجلة للبلاد، أقلها انتهاء العزلة الدولية والاندماج مع العالم سياسيا واقتصاديا.
وبحجم الدمار الذي ألحقته قائمة الإرهاب بالسودان خلال العقود الثلاثة الماضية، تجيء توقعات الخبراء لفوائد البلاد من مغادرة لائحة الإرهاب، إذ إنها ستفتح آفاق الاستثمار وتدمج اقتصاد الخرطوم مع العالم.
وبلغة الأرقام، يؤكد خبراء، أن السودان بمقدوره الحصول على 18 مليار دولار سنويا من قطاع الصادرات والمغتربين كانت تبدد بالخارج إثر الحظر المصرفي وامتناع البنوك العالمية فتح اعتمادات للبلاد خوفا من إجراءات أمريكية، وهي كفيلة بإنعاش اقتصاد البلاد المتدهور.
وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قررت رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، المدرج بها منذ عام 1993 بسبب ممارسات نظام الإخوان المعزول، ودخل القرار حيز التنفيذ اليوم الإثنين رسميا.
ضربة للإخوان
أما على المستوى السياسي، فإن رفع السودان من قائمة الإرهاب، وفق المحلل عمرو شعبان، يمثل ضربة قوية لفلول نظام الإخوان البائد وقوى الثورة المضادة الذين كانوا يعولون على استمرار العقوبات على البلاد وأن تستمر عزلتها لضمان عدم تحسن الأوضاع المعيشية حتى يتمكنوا من الانقضاض على السلطة مجددا".
وقال شعبان لـ"العين الإخبارية" إن مغادرة قائمة الإرهاب يمثل يعد بداية حقيقية لعودة الخرطوم للمنظومة الدولية سياسيا واقتصاديا، فضلا عن أنها ستزيل الوصمة السالبة بحق البلاد خارجيا.
وأضاف أن "هذا إنجاز كبير لحكومة الفترة الانتقالية بعد تحقيق السلام، وسيسهم في إنعاش آمال السودانيين الذين عانوا نوعا من الإحباط نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية".
وشدد على أن "القرار جاء متأخرا بعد عام ونصف من التغيير في وقت كنا نترقبه فور عزل البشير، لكن ما تم اليوم يؤكد اعتراف الإدارة الأمريكية بسلمية الشعب السوداني وأنه ظل على الدوام نابذا للعنف والإرهاب، ويحتكم للقانون في كل تصرفاته".
تتويج الكفاح
ورئيس تحرير صحيفة "السوداني" عطاف محمد مختار يرى أن رفع اسم الخرطوم من قائمة الإرهاب يعد انتصارا جديدا لثورة ديسمبر وما تخللها من تضحيات، وتتويجا لكفاح الشعب مع هذه اللائحة التي كبلت السودان لمدة 27 عاما.
وقال إن السودان "ظل مكبلا بأغلال من حديد طيلة العقود الثلاثة الماضية بفضل ممارسات إرهابية، ظل ينبذها ويكافحها ورغم ذلك دفع ثمنها".
وأوضح مختار أن قرار رفع السودان من قائمة الإرهاب سيشكل فتحا جديدا للبلاد، شريطة أن تحسن الحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية التعامل معه وتوظفه بالصورة المثلى، لكونه يتيح فرص سياسية واقتصادية واستثمارية كفيلة بوقف التدهور المعيشي.
مكاسب اقتصادية
وفي الوقت الذي يعيش فيه اقتصاد السودان تحديات عصيبة وتدهور يشارف الانهيار، زفت السفارة الأمريكية بالخرطوم الإثنين البشرى للسودانيين بأن قرار إلغاء تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب يسري اعتبارا من اليوم 14 ديسمبر/كانون الأول عقب انتهاء مهلة الإخطار الممنوحة للكونجرس والبالغة 45 يوما.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله الرمادي أن القرار النهائي الذي أتى إثر تسوية مالية مع عائلات ضحايا سفارتي واشنطن في نيروبي ودار السلام بمبلغ 335 مليون دولار، سيعود بمكاسب كبيرة للبلاد.
وقال الرمادي لـ"العين الإخبارية" إن "الحظر الأمريكي شل عمليات الصادر والوارد في السودان، نتيجة حرمان المصارف العالمية من فتح اعتمادات مما مكن ضعاف النفوس لعدم إعادة حصائل الصادر وأيضاً مدخرات المغتربين للبنك المركزي وحرمان البلاد من أهم مورد للنقد الأجنبي، فضلاً عن توقف 80% من المصانع وتعطيل حركة قطاع الطيران وغيرها من المرافق الحيوية".
وأشار إلى أن إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب سيعيد الحياة لقطاع الصادر والوارد بالتمكن من فتح الاعتمادات واستئناف التعاملات المصرفية، وحركة الإنتاج في البلاد وهو ما سيقود إلى تحسن في الاقتصاد وسعر صرف العملة الوطنية مقابل النقد الأجنبي.
وقدر الرمادي أن حصيلة صادرات السودان بعد رفع اسمه من قائمة الإرهاب ستتجاوز الـ18 مليار دولار سنويا، 10 مليار من الذهب المنتج من التعدين التقليدي، و4 مليارات من الصادرات التقليدية، و4 مليارات تحويلات المغتربين.
وشدد على أن تحقيق هذه المكاسب بحاجة إلى السيطرة على الحدود لوقف عمليات التهريب، والقضاء على كافة مظاهر الفساد، واختيار طاقم اقتصادي كفء بعيداً عن المحاصصات الحزبية والقبلية للخروج بالسودان إلى بر الأمان، ولتفادي تجربة رفع العقوبات الاقتصادية في عام 2017 والتي قادت لمزيد من التدهور الاقتصادي.
وعلى مدى 27 عاما أمضاها السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، تكبد خسائر مالية فادحة قدرتها السلطات في البلاد بنحو 450 مليار دولار، ناجمة عن الحظر المصرفي الذي شل حركة الصادر والوارد وحرمان قطاع الطيران والمصانع من قطع الغيار، مما قاد الى وضع اقتصادي مأساوي، فضلا عن ارتفاع الدين الخارجي لما يقرب 60 مليار دولار.