مصائب على كل شكل ولون ضربت البشرية خلال الأسابيع القليلة الماضية.. لكن تبقى الإمارات في ليل هذا العالم هي نقطة النور.
فبينما يحاول العالم التعافي من آثار الحرب الروسية-الأوكرانية، ويستعيد فتح شرايين سلاسل الإمداد بالغذاء الذي وصل إلى حالة حرجة، عانت منها عدة دول، فضلا عن موجة تغيرات مناخية حادة تخنق الكرة الأرضية.
وفي هذه اللحظة الفارقة انقسم المشهد بشكل حاد بين أمم تعاني موجة جفاف من ناحية، وشعوب غارقة في السيول من جهة أخرى.
فالقارة الأوروبية شهدت موجة جفاف عنيفة، مثلا فرنسا شهدت أسوأ موجة جفاف منذ عام 1958، إذ انقطعت إمدادات المياه عن أكثر من 100 مدينة وبلدة، فيما سجّلت بريطانيا -ولأول مرة- درجة حرارة فوق الـ40 مئوية، وفي ألمانيا انخفض مستوى نهر "الراين"، ما جعل تشغيل سفن الشحن أمرًا صعبًا.
النصف الآخر من المشهد القاسي هذه الملايين من الأسر الغارقة حتى رأسها في مياه السيول والفيضانات، ولعل أسوأ النماذج في هذا يعيشها السودان الشقيق، ومن بعده دولة باكستان، فالخسائر المادية والبشرية طالت أغلب ولايات السودان المتأثرة بالفيضانات والسيول، والحصيلة تشير إلى 89 حالة وفاة، ونحو 40 مصابًا، فيما راح 1162 باكستانيًّا -بينهم 384 طفلاً و231 امرأة- كحصيلة ضحايا مرشحة للزيادة.
الوضع المتأزم في باكستان دعا الأمم المتحدة لمناشدة الدول المانحة، لتقديم 160 مليون دولار أمريكي للمساعدة لكي تتمكن من التعامل مع الفيضانات المدمرة وإعادة تأهيل ملايين المنازل المتضررة، فيما صنّفت منظمة الصحة العالمية الكارثة في باكستان على أنها "حالة طوارئ من الدرجة الثالثة"، وهو أعلى مستوى طوارئ صحية.
في عالم الحرب، والمجاعات، والكوارث، والاحتباس الحراري، وتغير المُناخ، يبقى الأمل في التضامن الإنساني، وفي وقت الأزمات يبرز الدور الإماراتي كنموذج فريد في العطاء، سرعان ما يمد يد العون، ليُغيث المأزومين، دون حسابات مصالح، لكنها فقط إعلاء لقيمة الأخوة الإنسانية.
دائمًا ما تسجل الجهات المعنية في دولة الإمارات حضورها السريع لنجدة منكوبي العالم، وأبرز هذه المؤسسات الإماراتية: "مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية"، و"مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية"، وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي"، و"مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية".
وقد رأينا مع اللحظات الأولى لمعاناة الشعب السوداني من وطأة الفيضانات حضورا إماراتيا عاجلا بتقديم مساعدات إنسانية بقيمة 25 مليون درهم إلى المتأثرين والنازحين بسبب السيول والفيضانات في السودان، ثم أعقب ذلك تسيير جسر جوي إلى الخرطوم لنقل كميات كبيرة من المساعدات والاحتياجات الإنسانية.
أما على الجبهة الباكستانية، فقد كان الحضور الإماراتي بالمسارعة في تسيير جسر جوي لنقل المساعدات الإنسانية لدعم جهود إغاثة السكان المتضررين وتوفير الاحتياجات الضرورية، علاوة على مساعدات عاجلة بقيمة 50 مليون درهم.
طوق نجاة إماراتي لا يتوقف أبدًا ولا يؤخره أي ظرف عن الذهاب إلى أقاصي العالم، حيث إنسان في أزمة، إنسان فقط، بلا بغية ولا مصلحة سياسية.. المصلحة هنا تشارُكٌ في الهمّ البشري، الذي هو أساس التلاحم بين سكان هذا الكوكب وأعلى قيمة خُلقت منذ فجر الضمير على هذه الأرض.
ما تقدمه دولة الإمارات نموذج إنساني فريد، اتضح مثاله في السودان وباكستان مؤخرًا، كما اتضح سابقا دعم دولة الإمارات لـ178 دولة حول العالم على مدار 50 سنة ماضية، بحسب إحصاءات رسمية.
هذه الأرقام على سبيل المثال وليس الحصر ليست بجديدة على مثل هذه الدولة المعطاءة، فالعون والمساعدة ودعم وإغاثة الآخرين قيمة تاريخية متوارثة في هذا البلد المتفرد إنسانيا، ربما أبلغ تعبير عن وصف هذه الحالة الإماراتية هو ما قاله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، في أول خطاباته بعد توليه مقاليد الحكم: "على نهج زايد الخير سنعمل على تعزيز دورنا ضمن الدول الرائدة عالميًّا في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والعمل الخيري.. والاستمرار في مد يد العون إلى المجتمعات في جميع أنحاء العالم، دون النظر إلى دين أو عرق أو لون".
هذا العالم المأزوم في حاجة إلى دول كثيرة تسير على نهج دولة الإمارات لتصير الحياة على كوكبنا، المتعثر في حُفَر الطبيعة، أفضل مما هي عليه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة