الإمارات والسودان.. روابط تاريخية ودعم إنساني مستمر

منذ عقود طويلة، شكّلت دولة الإمارات ملاذًا آمنًا لآلاف السودانيين، الذين وجدوا على أرضها بيئة مستقرة وفرصًا واعدة للعمل والتعليم.
ومع تصاعد الأزمة في السودان منذ أبريل/نيسان 2023، لم تتردد الإمارات في الوقوف إلى جانب الشعب السوداني، عبر تقديم مساعدات إنسانية واسعة النطاق، ومواصلة جهودها السياسية والدبلوماسية للحد من تداعيات النزاع الدائر.
وتُعد الجالية السودانية من أقدم الجاليات العربية المقيمة في دولة الإمارات، وقد ساهم أبناؤها في مراحل مبكرة من بناء الدولة وتأسيس بنيتها التحتية.
وتشير الشواهد التاريخية إلى عمق العلاقات بين الشعبين حتى قبل قيام الاتحاد، بما في ذلك العلاقة التي جمعت بين القادة المؤسسين في البلدين، والتي أرست قواعد متينة للتعاون والاحترام المتبادل.
ويحظى السودانيون المقيمون في الإمارات باحترام واسع من الدولة والمجتمع، إذ ينعمون برعاية كريمة وفرص متكافئة في مجالات العمل والتعليم والصحة.
وقد انعكس هذا الاهتمام في ثقة السودانيين بالإقامة في دولة الإمارات، وشعورهم بالانتماء والاندماج ضمن نسيجها الاجتماعي المتعدد.
ومنذ اندلاع النزاع المسلح في السودان، سارعت دولة الإمارات إلى مد يد العون، وبلغت قيمة المساعدات الإنسانية الإماراتية للشعب السوداني أكثر من 600 مليون دولار خلال الأزمة الأخيرة فقط.
وبحسب بيانات رسمية، بلغ عدد المستفيدين من تلك المساعدات أكثر من مليوني شخص داخل السودان ودول الجوار.
كما أطلقت الإمارات جسرًا جويًا لنقل المساعدات تضمن 162 طائرة محملة بالمواد الغذائية والطبية والإغاثية، بالإضافة إلى سفن إغاثية نقلت آلاف الأطنان من المساعدات إلى داخل السودان وإلى اللاجئين في تشاد وأوغندا وجنوب السودان.
أولت الإمارات أهمية خاصة للجانب الصحي، فأنشأت مستشفيين ميدانيين في تشاد استقبلا أكثر من 90 ألف حالة، إلى جانب دعم 127 منشأة صحية في 14 ولاية سودانية، وافتتاح مستشفى جديد في جنوب السودان.
وفي قطاع التعليم، خصصت الإمارات مبلغ 4 ملايين دولار لمنظمة اليونيسيف لدعم تعليم اللاجئين السودانيين في تشاد، ما يعكس التزامها تجاه مستقبل الأجيال السودانية المتأثرة بالحرب.
وقد تجاوز الدعم الإماراتي حدود الإغاثة المباشرة، ليشمل تمكين السودانيين من العيش الكريم داخل دولة الإمارات، من خلال توفير بيئة داعمة تحترم الكرامة الإنسانية، وتوفر فرص العمل، والتعليم، والرعاية الصحية، بما يعكس نهجاً إنسانياً قائماً على الشمول والاحترام.
ولم تكتفِ دولة الإمارات بالمساعدات الميدانية، بل حرصت على أداء دور فاعل في الساحة السياسية والدبلوماسية، من خلال التنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والدول الفاعلة من أجل إنهاء النزاع في السودان.
وقدمت الإمارات رؤى متوازنة للحل، تضع مصلحة الشعب السوداني في المقام الأول، وتدعو لوقف إطلاق النار وبدء حوار وطني شامل.
ويحتل السودان موقعاً متقدماً في سياسة دولة الإمارات الخارجية، ليس فقط لأسباب جيوسياسية، بل انطلاقاً من روابط الأخوة والتاريخ المشترك بين الشعبين.
وتؤمن الإمارات بأن استقرار السودان ضرورة لاستقرار المنطقة، وأن مساندة الأشقاء في أوقات المحن هي جزء من التزام أخلاقي وإنساني لا تحيد عنه.
ولعبت الإمارات دوراً محورياً في حشد الدعم الدولي للسودان، من خلال مشاركتها الفاعلة في المؤتمرات الإنسانية الدولية، وتقديم تعهدات مالية ملموسة تعكس التزامها بالحلول المستدامة، إلى جانب حث المجتمع الدولي على مضاعفة جهوده وتنسيق استجابته الإنسانية لتكون أكثر فعالية وأثراً.
وإلى جانب دعمها للسودانيين داخل بلادهم، لم تغفل دولة الإمارات عن اللاجئين السودانيين في الدول المجاورة، حيث تكفلت بإرسال مساعدات عاجلة إلى المخيمات في تشاد وأوغندا وجنوب السودان، كما ساهمت في تحسين البنية التحتية داخل هذه المخيمات من خلال تقديم دعم طبي وتعليمي وغذائي متواصل.
كما أولت الإمارات اهتماماً خاصاً للنساء والأطفال المتضررين من الحرب في السودان، من خلال تمويل برامج حماية الطفل، ودعم اللاجئات وتوفير الاحتياجات الأساسية لهن، فضلاً عن توفير التعليم الآمن للأطفال في مناطق النزوح، في ظل حرص واضح على تمكين الفئات الأكثر ضعفاً في أوقات الأزمات.
ولعب الإعلام الإماراتي دوراً مكملاً للموقف الرسمي، حيث أفسح المجال لأبناء الجالية السودانية في الإمارات للتعبير عن تطلعاتهم في السلام والاستقرار، ضمن خطاب إعلامي يتسم بالمسؤولية والتوازن.
ورغم التحديات الراهنة، تؤمن دولة الإمارات أن السودان قادر على تجاوز أزمته، وأن الطريق إلى التنمية ما زال ممكناً بدعم الأشقاء.
وتواصل الإمارات العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل بناء مستقبل سوداني أكثر استقراراً، يستند إلى التنمية الاقتصادية، والتعايش، وتعزيز دور الشباب في صناعة الغد.
وتُعد الإمارات نموذجًا في التعايش والتسامح، حيث تحتضن أكثر من 200 جنسية على أرضها، وتكفل القوانين فيها الحقوق المدنية والحرية الدينية والمساواة.
كما احتلت المرتبة الأولى عالميًا في قوة جواز السفر، والمركز 25 حسب تقرير التنافسية العالمي 2019، وتواصل تصدرها لقوائم الدول الأكثر عطاءً في مجال المساعدات الخارجية.
aXA6IDE4LjExOC4xMjIuMTQ3IA== جزيرة ام اند امز