بأولويات ومسارات محددة.. الإمارات ترمم بوصلة السلام في السودان

رغم سيل الاتهامات الزائفة التي ساقها الجيش السوداني أمام محكمة العدل الدولية بحق دولة الإمارات، برز البلد الخليجي في الأمم المتحدة حاملا رسائل دعم خالص للشعب السوداني، متساميًا فوق الضجيج السياسي، ومتمسكًا بمبادئ الحياد والإنسانية.
الموقف الإماراتي، الذي وثقته بعثتها الأممية في لقاءات رفيعة المستوى، أعاد توجيه بوصلة المجتمع الدولي نحو أولويات السلام ووقف النار، دافعًا بالأزمة السودانية إلى واجهة الاهتمام، بعيدًا عن التسييس والمزايدات.
فما أبرز الرسائل الإماراتية؟
في لقاء جمع السفير محمد أبوشهاب المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، بمسؤولة الأمم المتحدة روزماري ديكارلو، سلط الدبلوماسي الإماراتي الضوء على الأزمة الكارثية في السودان، مطالبًا بضرورة وقف فوري لإطلاق النار.
وبحسب بيان صادر عن بعثة دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، فإن السفير بوشهاب، أكد أنه على المجتمع الدولي مواصلة التركيز على تحقيق وقف فوري ودائم لإطلاق النار، والتمهيد للانتقال إلى حكومة مدنية بعيدة عن السيطرة العسكرية.
وفيما شدد على ضرورة حياد المنظمات الدولية لضمان وصول المساعدات دون عوائق سياسية أو عسكرية تعوق إغاثة الشعب السوداني، دعا إلى تجنب أي تحيز قد يعوق بناء السلام ويُطيل أمد الصراع.
الدبلوماسي الإماراتي أكد أن استخدام ذريعة السيادة لمنع وصول المساعدات الإنسانية أمر غير مقبول، مشددا على حق الشعب السوداني في الدعم.
وانتقد التسريبات الانتقائية والتحريف المتعمد لعمل خبراء الأمم المتحدة، مؤكدا أن نزاهة آليات المنظمة ركيزة أساسية، فـ«حياد المنظمات الدولية ضروري للحفاظ على مصداقيتها، ويجب حماية العمل الأممي من التسييس».
تلك الرسائل الإماراتية التي وضعت فيها الأزمة السودانية في بؤرة الاهتمام الدولي، تأتي بينما تستعد محكمة العدل الدولية لاستئناف جلسات دعوى سودانية بحقها، التي باتت بدون جدوى، بعد التقرير الصادر في أبريل/نيسان 2025، والمكوّن من خمسة خبراء، الذي أفشل مساعي الجيش السوداني لتصوير الوساطة التي تسعى إليها دولة الإمارات لتهدئة النزاع بالسودان على أنها مرادف للتدخل، مثبتا بأن الحقائق أصدق من الضجيج.
دحض الأكاذيب
وبينما حاول الجيش السوداني اتهام دولة الإمارات بإمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة، كان التقرير الأممي مفصلاً في تتبعه لمسارات الدعم الخارجي، من تهريب السلاح عبر ليبيا وتشاد، إلى دعم فصائل محددة بالاسم، مروراً بشبكات لوجستية عابرة للحدود وشركات طيران بعينها. ومع كل هذا التدقيق، لم يرد اسم دولة الإمارات مطلقاً، لا تلميحاً ولا تصريحاً.
لعل المطلع على التقرير الأممي بعين غير مسيّسة، يدرك أن عدم ذكر دولة الإمارات لا تلميحا ولا تصريحا ليس إغفالاً، بل اعتراف ضمني بنزاهة موقفها، فالدبلوماسية الإماراتية، التي تحركت بصمت وفاعلية، كانت تركّز على إطفاء الحريق، لا إذكائه.
بل إن البلد الخليجي بحكمة قيادته أدرك مبكراً أن السودان عقدة جيوسياسية تستحق الاحتواء لا التأجيج، فكرس جهوده للعب دور فاعل في تقريب وجهات النظر، واحتضان المبادرات السياسية الهادفة إلى وقف إطلاق النار، وتخفيف وطأة الكارثة الإنسانية التي تنهش أوصال الشعب السوداني.
هكذا، وفي ظل التوثيق الدقيق للتقرير الأممي الذي امتد على أكثر من أربعين صفحة من الرصد والتحقيق الميداني، تغيب دولة الإمارات تماماً من قائمة الدول المتورطة في النزاع، مما يقطع الشك باليقين، ويضع الأمور في نصابها.
aXA6IDMuMTQuMTQ0LjI0MCA= جزيرة ام اند امز