لا أثر ولا دور.. كيف فضح التقرير الأممي أكاذيب جيش السودان ضد الإمارات؟

لا دور لدولة الإمارات، لا تمويل، لا تسليح، لا تحريض، ولا حتى شبهة رمادية في تأجيج الصراع السوداني، هكذا دحض التقرير الأممي، المعني بالسودان، الافتراءات والأكاذيب ومحاولات التضليل الممنهجة التي قادها الجيش السوداني، بحق دولة الإمارات.
التقرير الصادر في أبريل/نيسان 2025، والمكوّن من خمسة خبراء، أفشل مساعي الجيش السوداني لتصوير الوساطة التي تسعى إليها دولة الإمارات لتهدئة النزاع بالسودان على أنها مرادف للتدخل، مثبتا بأن الحقائق أصدق من الضجيج.
وفيما حاول الجيش السوداني اتهام الإمارات بإمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة، كان التقرير الأممي مفصلاً في تتبعه لمسارات الدعم الخارجي، من تهريب السلاح عبر ليبيا وتشاد، إلى دعم فصائل محددة بالاسم، مروراً بشبكات لوجستية عابرة للحدود وشركات طيران بعينها. ومع كل هذا التدقيق، لم يرد اسم دولة الإمارات مطلقاً، لا تلميحاً ولا تصريحاً.
هذا الغياب ليس هامشياً، بل جوهري، لأن التقرير حين يذكر كل من له يد في النزاع ولا يأتي على ذكر دولة الإمارات، فهو يثبت أنها ليست فاعلاً سلبياً كما يدّعي البعض، بل دولة حاضرة في مساعي إطفاء النزاع السوداني.
ولعل المطلع على التقرير الأممي بعين غير مسيّسة، يدرك أن عدم ذكر دولة الإمارات لا تلميحا ولا تصريحا ليس إغفالاً، بل اعتراف ضمني بنزاهة موقفها، فالدبلوماسية الإماراتية، التي تحركت بصمت وفاعلية، كانت تركّز على إطفاء الحريق، لا إذكائه.
بل إن البلد الخليجي بحكمة قيادته أدرك مبكراً أن السودان عقدة جيوسياسية تستحق الاحتواء لا التأجيج، فكرس جهوده للعب دور فاعل في تقريب وجهات النظر، واحتضان المبادرات السياسية الهادفة إلى وقف إطلاق النار، وتخفيف وطأة الكارثة الإنسانية التي تنهش أوصال الشعب السوداني.
هكذا، وفي ظل التوثيق الدقيق للتقرير الأممي الذي امتد على أكثر من أربعين صفحة من الرصد والتحقيق الميداني، تغيب دولة الإمارات تماماً من قائمة الدول المتورطة في النزاع، مما يقطع الشك باليقين، ويضع الأمور في نصابها.
فما أبرز ما أتى عليه التقرير من حقائق تدحض مزاعم الجيش السوداني؟
إفشال الوساطة
تحدث التقرير الأممي عن أن غياب الجيش السوداني عن محادثات جنيف التي عقدت في الفترة من 16 إلى 23 أغسطس/آب، والتي كانت بدعم من جهات دولية فاعلة بما في ذلك دولة الإمارات ومصر، والاتحاد الأفريقي، كان أحد أسباب إفشال تلك المحادثات.
وبحسب التقرير، فإنه بسبب غياب الجيش السوداني، اقتصرت المحادثات على مناقشات بشأن إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية ووقف مؤقت للقتال. وقلل جدول الأعمال الضيق هذا من احتمالات التوصل إلى حل أشمل.
توريد الأسلحة
لم يتطرق التقرير الأممي إلى أي دور لدولة الإمارات في الادعاءات التي أثارها الجيش السوداني، بدور مزعوم للبلد الخليجي في توريد الأسلحة لقوات الدعم السريع.
وأكد التقرير الأممي النهائي -كذلك- عدم وجود دليل على أي تدخل عسكري من دولة الإمارات، وكذلك أي دعم عسكري أو لوجستي لقوات الدعم السريع، مكتفيا بالإشارة إلى رصده رحلات جوية إلى تشاد لا دليل على أنها تحمل معدات عسكرية.
التقرير الذي أوضح بشكل مفصل كيف حصلت قوات الدعم السريع على أسلحتها، لم يتطرق إلى دور لدولة الإمارات لا تلميحا ولا تصريحا، مؤكدًا أن سلسلة إمداد الدعم السريع ترتكز على شبكة من القادة المتنقلين ذوي الخبرة وعلى علاقات راسخة عبر الحدود.
ومن بين الطرق التي حصلت قوات الدعم السريع على أسلحة عبرها، بعض العتاد الذي استولت عليه من وحدات تابعة للجيش السوداني بعد مغادرتها دارفور في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بالإضافة إلى مخزونات منقولة من الخرطوم وغيرها من خطوط المواجهة النشطة مع الجيش السوداني.
غارات انتقامية
أدان التقرير سلوك الجيش السوداني، الذي شن غارات جوية انتقامية على مطار نيالا وعلى أحياء مكتظة بالسكان مثل حي المصانع وحي المطار وحي عبدالرحمن، باستخدام طائرات من طراز أنتونوف، التي يمتلك الجيش خمسا منها.
وتحدث التقرير عن أن الجيش السوداني كثف الغارات الجوية التي كانت بعضها عشوائية، مستهدفة مناطق مدنية في مختلف أنحاء دارفور، مشيرًا إلى أن الغارات العشوائية تمثل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني وترقى إلى مستوى جرائم حرب، فضلا عن كونها تشكل انتهاكا للفقرة 6 من قرار مجلس الأمن 1591 الصادر في 2005.
وأشار التقرير إلى 140 غارة جوية أصابت 20 منطقة حضرية في مختلف أنحاء دارفور، مما أدى إلى مقتل وإصابة مدنيين بينهم نساء وأطفال، وتدمير بنية تحتية بما في ذلك منازل للمدنيين، ومخيمات للنازحين، ومستشفيات وأسواق.
الغارات الجوية أعاقت مرافق الرعاية الصحية عن أداء مهامها، وطوقت قدرة المدنيين على القيام بأنشطتهم اليومية بأمان.
اعتقالات تعسفية
بحسب التقرير، فإنه منذ منتصف مايو/أيار الماضي، شنت القوة المشتركة الموالية للجيش، اعتقالات تعسفية واسعة النطاق ضد المدنيين والشبان ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين، واحتجزتهم في حاويات شحن لمدة تصل لأسبوعين، تعرضوا خلالها لسوء معاملة بدنية ونفسية بما في ذلك الضرب المبرح والإساءة اللفظية، فضلا عن الافتقار إلى الماء والطعام.
دحض فريق الأمم المتحدة المعني بالسودان، والمكوّن من خمسة خبراء، الافتراءات والأكاذيب ومحاولات التضليل الممنهجة التي قادتها القوات المسلحة السودانية بحق دولة الإمارات، وأكد مسؤولية القوات المسلحة وقوات الدعم السريع عن الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين.
حكومة بورتسودان
التقرير الأممي قوض أسس الشكوى التي تقدمت بها حكومة بورتسودان ضد دولة الإمارات في محكمة العدل الدولية، مما يعني خسارة القضية.
وبناءً على تقرير لجنة الخبراء، لا توجد فرصة قانونية أو واقعية لحكومة بورتسودان للاستمرار في شكواها ضد دولة الإمارات، مما يعني أن عليها الانسحاب أو الاعتراف بعدم المصداقية.
كينيا تقوض مصداقية الجيش السوداني
في ضربة جديدة لمصداقية القوات المسلحة السودانية ومحاولات التضليل الممنهجة، لتشتيت الانتباه عن الفظائع التي ترتكب بحق الشعب السوداني، رفضت كينيا مزاعم أخرى من الجيش السوداني يحملها مسؤولية الصراع المأساوي المستمر الذي عصف بالبلاد لأكثر من عامين.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الكينية، فإن كينيا «ترفض مزاعم إدارة القوات المسلحة السودانية التي تحمِّل كينيا مسؤولية الصراع المأساوي والمستمر الذي عصف بالبلاد لأكثر من عامين»، مؤكدة أنها مهتمة فقط بحل سلمي للصراع في السودان.
وأضافت: «مع أنه ليس من مصلحة كينيا الانخراط في مهاترات لا داعي لها، لا سيما في مسألة بالغة الخطورة ومستعصية، إلا أنه من الواجب توضيح الأمور وحثّ الشعوب والدول ذات النوايا الحسنة على تجاهل هذه الانتقادات اللاذعة باعتبارها لا أساس لها».
وأوضحت الوزارة، أنه على عكس هذه الاتهامات، لم تنحزْ القيادة الكينية قط إلى أي طرف في النزاع في السودان.
- الأمم المتحدة تبرئ الإمارات من التدخل العسكري في السودان. تقرير فريق الخبراء يدحض مزاعم القوات المسلحة السودانية، ويؤكد مسؤولية الطرفين المتحاربين عن الانتهاكات.
- ضربة جديدة لمصداقية الجيش السوداني الإخواني. تقرير أممي يؤكد: لا دليل على دعم عسكري إماراتي لقوات الدعم السريع. رحلات جوية لتشاد لا تثبت شيئاً.
- هل ستسحب بورتسودان شكواها ضد الإمارات؟ تقرير الأمم المتحدة يقوض أسس القضية في محكمة العدل الدولية. لا فرصة قانونية للاستمرار.
- كينيا ترفض مزاعم الجيش السوداني أيضا. بيان للخارجية الكينية يدحض محاولات تحميلها مسؤولية الصراع. فضح أكاذيب قوات المسلحة أصبح مسؤولية دولية.
aXA6IDE4LjIyNi4xNTkuMTI1IA== جزيرة ام اند امز