مزاعم الجيش السوداني بحق الإمارات.. «التوثيق الدولي» يصدر حكمه

بينما تستعد محكمة العدل الدولية لاستئناف جلسات دعوى سودانية بحق الإمارات، يبدو التوثيق الدولي وقد أصدر حكمه الذي يجب كل افتراء بحقها.
ويرى المحلل السياسي في السودان، ورئيس تحرير صحيفة "إدراك" الإلكترونية، إيهاب مادبو، أن "جرائم الحرب التي يديرها تنظيم إخواني باسم الجيش السوداني، لم تعد بحاجة حتى إلى تقارير المنظمات الدولية لكشفها".
إذ يعتقد أن تلك الجرائم أضحت "حقائق" يشهد بها أهل السودان قبل غيرهم.
- جيش السودان وإساءة استخدام المنظمات الدولية.. انقلب السحر على الساحر
- لا أثر ولا دور.. كيف فضح التقرير الأممي أكاذيب جيش السودان ضد الإمارات؟
وقال مادبو إن قيادات الجيش السوداني وحلفاءه، لا زالوا يظنون أن تحميل دولة الإمارات وزر الحرب في السودان، سيوفر لهم مهرباً آمناً من العدالة، وسوف يحجب "سوءاتهم عن أعين السودانيين".
وأوضح أنه "عندما اشتعلت الحرب في أبريل/نيسان 2023 في السودان، كانت دولة الإمارات من أهم الدول العربية، التي كشفت مخططات التنظيم الإخواني الإرهابي، بحكم أن دولة الإمارات تعطي أولوية قصوى للسلام واستقرار الشعوب بما يتماشى مع السياسة العالمية التي ترفض الإرهاب وكل أشكال مهددات السلم والأمن الدوليين".
وتابع: "حرب السودان يديرها من وراء حجاب، التنظيم العالمي للإخوان، الذي ينظر للحرب في السودان على أنها حرب وجودية يهدف عبرها لإعادة تموضعه في السلطة، لذلك حرّضت الجماعة منسوبيها في الجيش السوداني للإسراع في تلفيق دعوى قضائية لدى محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات، بهدف صرف انتباه المجتمع الدولي والإقليمي عن جرائم الحرب المرتكبة".
تقرير الأمم المتحدة
ولم يتوقف مادبو عند آرائه الخاصة حول تورط الجيش السوداني في جرائم حرب في السودان، لكنه - عزّز تلك الفرضية استناداً إلى تقارير موثوقة صادرة عن الأمم المتحدة نفسها.
وأشار إلى تقرير المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتّحدة، فولكر تورك، في يناير/كانون الثاني من هذا العام، حينما أعرب عن "قلقه البالغ" إزاء تقارير أفادت بحصول عمليات إعدام ميدانية بحقّ مدنيين في شمال الخرطوم ارتكبها عناصر من الجيش السوداني ومليشيات متحالفة معه.
وكان تورك قال في بيان صادر في 31 يناير/كانون الثاني العام الجاري، اطلعت عليه "العين الإخبارية": "إنّ القتل العمد للمدنيين أو الأشخاص الذين لم يشتركوا في أعمال عدائية، أو توقفوا عن المشاركة فيها، يُعدّ جريمة حرب".
وجاء في بيان صادر عن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أورده الموقع الإلكتروني للمنظمة أن معلومات تم التحقق منها من قبل المكتب أفادت بمقتل ما لا يقلّ عن 18 شخصاً، بينهم امرأة، في سبع حوادث منفصلة "نُسِبت إلى مقاتلين ومليشيات تابعة للقوات المسلحة السودانية منذ استعادة القوات المسلحة السيطرة على غالبية الخرطوم في 25 يناير/كانون الثاني".
وأشار البيان إلى أنّ "العديد من ضحايا هذه الحوادث – التي وقعت في محيط مصفاة الجيلي – ينحدرون من دارفور أو كردفان في السودان".
وأشار البيان إلى "مقطع فيديو" كان قد تم تداوله على نطاق واسع آنذاك، يُظهر رجالا يرتدون زي القوات المسلحة السودانية وأفراداً ينتمون إلى لواء "البراء بن مالك" في الخرطوم بحري وهم يقرأون قائمة طويلة بأسماء أشخاص يُزعم أنهم متعاونون مع قوات الدعم السريع، ويردّدون كلمة "زايل" وتعني "قتيل" بعد كل اسم.
«هيومان رايتس وتش»
مكتب المفوض الأعلى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة لم يكن وحده، من شهد على جرائم الحرب التي يمارسها الجيش السوداني ومليشيات التنظيم الإخواني المتحالفة معه.
فالمنظمة الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان "هيومان رايتس وتش"، أقرت هي الأخرى بوقوع عدد من الجرائم ضد الإنسانية تورط فيها الجيش السوداني والفصائل العسكرية المتحالفة معه.
وقالت "هيومان رايتس وتش" في بيان سابق وموثوق اطلعت عليه "العين الإخبارية": إنه وخلال هجوم الجيش السوداني لاستعادة ولاية الجزيرة وسط السودان، التي كانت خاضعة بشكل كبير لسيطرة قوات الدعم السريع، بين ديسمبر/كانون الأول 2023 وفبراير/شباط 2025، هاجم الجيش السوداني والمليشيات المتحالفة معه مدنيين في عاصمة الولاية، ود مدني، والمناطق المحيطة بها.
وتابع التقرير أن "المنظمة الدولية وجدت أن قوات درع السودان، وهي مجموعة مسلحة تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، استهدفت المدنيين وممتلكاتهم عمداً في هجوم على قرية طيبة في ولاية الجزيرة في 10 يناير/كانون الثاني 2025، ما أسفر عن مقتل 26 شخصاً على الأقل.
وأضاف تقرير هيومان رايتس وتش الذي استعرضته في بيانها آنذاك، أن الغارات الجوية التي يشنها الجيش السوداني مستمرة، بما في ذلك الهجوم على سوق مزدحمة في "طرة"، في شمال دارفور، في مارس/آذار 2025، الذي أسفر بحسب التقارير عن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص.
شهود من الميدان
ولفت المحلل السياسي إيهاب مادبو، إلى تقارير محلية أوردتها صحيفة "دارفور 24"، تتحدث فيها عن شهادات مواطنين سودانيين، أقروا بتنفيذ الجيش السوداني لعدد 8 طلعات جوية على مدينة "نيالا" في جنوب دارفور، في أواخر يناير/كانون الثاني من العام الجاري، تم من خلالها إسقاط "براميل متفجرة" بواسطة طائرة من طراز "أنتينوف 66"، حيث سقط عدد منها في أحياء مأهولة بالسكان مثل "الجمهورية" و"السينما" وحي "الوادي" وحي المطار والمصانع والمناطق الصناعية الجديدة.
وكانت صحيفة "دارفور 24" - ذائعة الصيت في إقليم دارفور- قد أوردت في عددها الصادر بتاريخ 6 فبراير/شباط من العام الجاري، عددا من القصص المأساوية لضحايا الطيران الحربي للجيش السوداني.
ونقلت الصحيفة عن المواطن السوداني، خالد موسى يحيى الذي كان يعمل خارج منزله لتأمين لقمة العيش لطفليه، عندما تعرض منزله لقصف جوي من قبل طائرات الجيش الحربي.
وروى خالد قصته للصحيفة قائلاً: "كنت بعيداً عن المنزل عندما بدأت الطائرات بإلقاء البراميل المتفجرة، ولم أكن أعلم أن تلك القنابل ستسقط على أطفالي، وعندما عدت إلى منزلي، كانت الصدمة أكبر من أن أتحملها، فقد وجدت أن طفلي، (مهند) و(محمد)، قد فقدا حياتهما".
براءة مستحقة
واستمر مادبو في استدلالاته الموثوقة عن جرائم الحرب التي يديرها التنظيم الإخواني باسم الجيش السوداني، وأنها هي السبب المباشر الذي دفع "الإخوان" إلى تحريض قيادات الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات لصرف أنظار العالم ومنظماته الحقوقية عن جرائمه.
وقال مادبو: "الجيش السوداني مختطف من قبل التنظيم الإخواني، وهذا الاختطاف له أثر بائن في عقيدة الجيش القتالية وفي قراراته السياسية والعسكرية، ولهذا تورط الجيش السوداني في هذه الحرب، نتيجة لخضوع قياداته تماماً لمليشيات التنظيم الإخواني، مثل "البراء بن مالك" و"البرق الخاطف" وغيرهما.
وأضاف أن مشروع الإخوان مشروع خطير جداً في الشرق الأوسط، خصوصاً في أفريقيا جنوب الصحراء، التي تشمل السودان والدول المشاطئة للبحر الأحمر، ونيجيريا وتشاد وأفريقيا الوسطى، وأن كل الصراعات في هذه المنطقة يديرها التنظيم الإخواني في السودان، بواسطة ما يعرف بـ"جامعة أفريقيا العالمية" في الخرطوم، إحدى أكبر "خلايا" التنظيم الإرهابي في المنطقة الأفريقية- حسب قوله.
وأشار إلى أن "براءة" دولة الإمارات من دعاوى حكومة الجيش السوداني، تُثبتها الحقائق على الأرض التي يُقر بها المواطنون السودانيون، قبل أن تستقصيها تقارير المنظمات الدولية وتحقيقات الصحف، وأن دولة الإمارات برهنت قولاً وفعلاً على انحيازها للسلام ودعم استقرار السودان، ومد يد العون لشعبه المنكوب.
aXA6IDE4LjIyNi44OC4xNDUg جزيرة ام اند امز