جيش السودان وإساءة استخدام المنظمات الدولية.. انقلب السحر على الساحر

إصرار متكرر من الجيش السوداني وحكومته على إساءة استخدام المنظمات الدولية، لتحقيق أهداف مشبوهة.
أهداف يسعى من خلالها إلى صرف الانتباه عن مسؤوليته عن الجرائم التي ترتكب في هذه الحرب التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023، وما شكوى حكومة جيش السودان ضد دولة الإمارات في محكمة العدل الدولية إلا سير على هذا الدرب.
ولا تُعد هذه الشكوى هي المرة الأولى التي تحاول فيها إساءة استخدام سلطة منظمة دولية، بل سبق تلك المرة محاولات عديدة لإساءة استخدام منصات الأمم المتحدة، لتوجيه ادعاءات وافتراءات وترويج معلومات مضللة تستهدف:
- تضليل الرأي العام المحلي والدولي
- صرف الانتباه عن مسؤوليتها عن الجرائم التي ترتكب في هذه الحرب
- الإساءة لدولة الإمارات والنيل من مكانتها
لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر، فالكثير من الدول والمنظمات والشعوب وعلى رأسهم الشعب السوداني نفسه تصدى لمواجهة حملة الافتراءات التي استهدفت دولة الإمارات، مؤكدين على دورها الإنساني والسياسي والدبلوماسي والتنموي الداعم لبلادهم على مر التاريخ.
فشل متكرر
وفشل السودان في تحقيق هدفه من النيل من سمعة دولة الإمارات، ليتزايد التقدير العالمي لها ولدبلوماسيتها، وهو ما تم ترجمته عبر أكثر من أمر أبرزها:
فشل محاولات حكومة السودان المتكررة للإساءة لدولة الإمارات عبر مجلس الأمن الدولي، وهو ما توج بصدور تقرير نهائي من مجلس الأمن الدولي عبر فريق خبرائه المعني بالسودان، كشف عن زيف ادعاءات الجيش السوداني بحق دولة الإمارات، بشأن دعمها أحد أطراف النزاع.
وبدأت محكمة العدل الدولية، في 10 أبريل/نيسان الماضي، أولى جلسات نظر الدعوى المرفوعة من القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات والتي تتهمها فيها دون أي أساس قانوني أو مستند واقعي بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية فيما يتعلق بالهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع السودانية والفصائل المتحالفة معها ضد جماعة المساليت العرقية في غرب دارفور.
ومن المقرر أن تصدر محكمة العدل الدولية يوم الإثنين 5 مايو/أيار الجاري قرارها بخصوص الدعوى.
وخلال دعواه وجه جيش السودان عدة اتهامات وادعاءات زائفة، دون وجود أي أدلة منطقية على صدقها، وانعكس يقين ممثلي السلطات السودانية في المحكمة وعلى رأسهم وزير العدل السوداني معاوية عثمان وغيره من الخبراء حول عدم صحة اتهاماتهم وادعاءاتهم، على أدائهم في المحكمة، الذي اتسم بالتردد والضعف والتوتر والارتباك، دون أن تحمل مرافعتهم أي جديد.
وأعادوا تكرار نفس الادعاءات التي لطالما سبق وأن نفتها دولة الإمارات مرارا وتكرارا، بل ودحضتها وفندت ما تحتويه من أكاذيب في أكثر من بيان رسمي، ففي بيان صادر عن وزارة الخارجية الإماراتية في أغسطس/آب 2023، أكدت دولة الإمارات بشكل حاسم رفضها الكامل للادعاءات التي تزعم قيامها بتزويد أطراف النزاع السوداني بأي نوع من أشكال الدعم.
وشدد البيان على أن دولة الإمارات لا تنحاز إلى أي طرف في الصراع، بل تسعى بكل جدية إلى إنهاء القتال، وتدعو لاحترام سيادة السودان الشقيق وسلامة أراضيه.
وفي رسالة رسمية وجهتها إلى مجلس الأمن الدولي بتاريخ 21 أبريل/نيسان 2024، أوضحت دولة الإمارات أن حملات التضليل الإعلامي والروايات الزائفة التي تُبث ضدها، تهدف إلى صرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية للصراع، وتُقوض الجهود الدولية المبذولة لمعالجة الأوضاع الإنسانية المتدهورة في السودان.
وأكدت دولة الإمارات التزامها الدائم بالحل السلمي للنزاع السوداني، واستعدادها لمواصلة العمل مع جميع الأطراف المعنية دعماً لأي مسار سياسي يهدف إلى التوصل إلى تسوية دائمة تُفضي إلى توافق وطني وتشكيل حكومة بقيادة مدنية.
كما شددت على أن جميع الادعاءات التي تربطها بأي شكل من أشكال العدوان أو زعزعة الاستقرار في السودان، أو بتقديم دعم عسكري، أو لوجيستي أو مالي أو سياسي لأي طرف، هي ادعاءات باطلة ولا تستند إلى أي أدلة موثوقة.
وفي التاسع والعشرين من يونيو/حزيران الماضي، أصدرت دولة الإمارات بياناً رسمياً موجهاً إلى مجلس الأمن الدولي، ردّت فيه بشكل حازم على الاتهامات التي أطلقها ممثل القوات المسلحة السودانية ضدها، وضمّنت البيان عرضًا مفصّلًا للأدلة التي تنسف تلك المزاعم وتكشف زيفها.
وعقب نشر تقرير نهائي أصدره مجلس الأمن الدولي عبر فريق خبرائه المعني بالسودان، تم فيه كشف زيف ادعاءات الجيش السوداني بحق دولة الإمارات، بشأن دعمها أحد أطراف النزاع، حاولت حكومة السودان كعادتها تحريف نتائجه، فأصدرت بعثة دولة الإمارات لدى منظمة الأمم المتحدة في 30 أبريل/نيسان الماضي بيانا شديد اللهجة تدين فيه ممثل القوات المسلحة السودانية لاستغلاله منبر مجلس الأمن الدولي في تداول معلومات مغلوطة.
وفي رسالة رسمية رفعتها إلى المجلس، أكدت دولة الإمارات أن المساعي الرامية إلى تحريف نتائج تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة بهدف دعم «حملة التضليل» التي تشنها القوات المسلحة السودانية تُعد أمرا "غير مقبول على الإطلاق ولا يمكن التغاضي عنه".
وقد صرحت بعثة دولة الإمارات بعبارة قاطعة: "يتعين على مجلس الأمن ألا يسمح باستغلال منابره على نحو مسيء أو بتحريف محتويات تقاريره".
كما أوضحت الرسالة أن التركيز الأساسي يجب أن ينصب على التوصل إلى وقف دائم للأعمال العدائية ومعالجة الأزمة الإنسانية الملحّة التي تفتك بالشعب السوداني الشقيق.
ثقة دولية تتزايد
وقد عبر المجتمع الدولي عن ثقته في دولة الإمارات ودبلوماسيتها وهو ما تم ترجمته عبر أمور عدة، منذ بدء أولى جلسات محكمة العدل الدولية 10 أبريل/نيسان الماضي، من بينها:
• فوز دولة الإمارات ممثلة بوزارة الداخلية 12 أبريل/نيسان الماضي برئاسة لجنة الحوكمة إحدى اللجان الرئيسية التابعة لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول"، لتكون الإمارات أول دولة تتولى رئاسة هذه اللجنة المستحدثة التي تعمل على دراسة سبل تعزيز حوكمة المنظمة الشرطية الأكبر في العالم التي تستهدف جعل العالم مكاناً أكثر أمنا وأمانا.
فوز الإمارات بالمنصب الجديد في منظمة الانتربول يحمل العديد من الدلالات المهمة، من أبرزها:
- التقدير العالمي لمكانة دولة الإمارات.
- الثقة الدولية المتزايدة في كفاءات الإمارات الأمنية.
- الثقة الدولية في قدرات الإمارات على تعزيز التعاون الأمني الدولي.
نجاح دولة الإمارات 19 أبريل/نيسان الماضي في إتمام صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا شملت 538 أسيرا من الجانبين، والتي تعد أكبر عملية تبادل للأسرى تتم بوساطة إماراتية منذ اندلاع الحرب الأوكرانية قبل أكثر من 3 سنوات، الأمر الذي يبرز تعاظم مكانة دولة الإمارات وتواصل ريادتها الدولية والثقة التي تحظى بها دولة الإمارات لدى روسيا وأوكرانيا بشكل خاص، وثقة العالم وتقديره لقيادتها ولجهودها ووساطاتها.
وبالوساطة الجديدة يرتفع العدد الإجمالي للأسرى الذين تمّ تبادلهم بين البلدين منذ مطلع عام 2024، عبر 14 وساطة إماراتية، إلى 3722، وهو رقم كبير يجسد إنجازا دبلوماسيا وإنسانيا غير مسبوق في تلك الأزمة.
وشكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال اتصال هاتفي جرى بينهما مطلع مايو/آيار الجاري للوساطة الإماراتية الناجحة في عملية التبادل الأخيرة والأكبر للأسرى بين روسيا وأوكرانيا خلال شهر أبريل/نيسان الماضي مثمناً الجهود المثمرة التي تقوم بها دولة الإمارات ووساطاتها في هذا المجال خلال الفترة الماضية.
- تسجيل دولة الإمارات نجاح جديد في إطار دبلوماسية الوساطة التي تنتهجها لنشر السلام ودعم الأمن والاستقرار في العالم وتعزيز التعاون الدولي، بإتمام تبادل بين مواطن روسي وآخر أمريكي في أبوظبي 10 أبريل/نيسان الماضي، بحضور ممثلين عن الجهات المعنية من كلا البلدين.
وتجسد وساطات الإمارات الناجحة:
- ثقة العالم وتقديره لقيادة الإمارات وجهودها ووساطاتها القائمة على إعلاء قيم المحبة والتسامح والسلام.
- تبرز التقدير العالمي لمكانة دولة الإمارات.
- تؤكد الثقة الدولية المتزايدة في سياستها الخارجية.
- تشير إلى أن دبلوماسيتها الإنسانية باتت مصدر إلهام وقوة تأثير ونموذجا يقتدى به.
الإمارات وأزمة السودان.. ثقة دولية
- مشاركة دولة الإمارات في مؤتمر دولي حول السودان في لندن منتصف الشهر الماضي، ضمن أحدث جهودها لإنهاء الأزمة، فيما كان لافتا عدم قيام الجهات المنظمة للمؤتمر (المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي) بدعوة حكومة جيش السودان لحضور المؤتمر، الأمر الذي يكشف بجلاء تقدير المجتمع الدولي لمكانة دولة الإمارات ودبلوماسيتها الداعمة للسلام والإنسانية، في مقابل عدم ثقتهم في حكومة جيش السودان.
وطرحت دولة الإمارات رؤيتها لحل أزمة السودان خلال المؤتمر، مؤكدة أنّ الحل لا يمكن أن يأتي عبر العسكر أو التواطؤ مع الجرائم، بل من خلال عملية سياسية يقودها المدنيون، مدعومة بتحرّك دولي حازم ومساءلة جدّية لمرتكبي الجرائم في السودان من الطرفين.
وأتت مشاركة دولة الإمارات في المؤتمر، عقب إطلاقها نداءً عاجلًا من أجل السلام، رسمت فيه ملامح خارطة طريق شاملة لإنهاء الحرب، حمّلت فيه طرفي النزاع المسؤولية عما ارتُكب من جرائم، لإغلاق الطريق أمام أي ادعاءات أو أكاذيب واهية، وأدانت تلك الجرائم، ودعت إلى مساءلة مرتكبيها من الطرفين.
ويعد هذا رابع مؤتمر إنساني من أجل السودان تشارك فيه دولة الإمارات خلال الربع الأول من العام الجاري، الأمر الذي يتوج حراكها الدبلوماسي والسياسي والإنساني لحل الأزمة.