السودان و«العدل الدولية».. حين تكون الدعاوي وسيلة للهروب من المسؤولية

تستعد محكمة العدل الدولية في الخامس من مايو/أيار الجاري، لإصدار حكمها النهائي بخصوص الدعوى السودانية المرفوعة ضد دولة الإمارات.
يأتي ذلك في وقت، يعتبر فيه كثير من الخبراء العسكريين وعدد من المحللين السياسيين في السودان، الخطوة، بأنها "دعوى" بلا مضمون ولا تقوم على أسس قانونية، وإنما جاءت كدليل واقعي لتهرب قيادة الجيش السوداني وحلفائه من تنظيم الإخوان، من تحمل المسؤولية المباشرة في إشعال الحرب في السودان في 15 أبريل/نيسان، وكل ما ترتب عليها من جرائم ضد الإنسانية.
وأعلنت محكمة العدل الدولية، الخامس من مايو/أيار الجاري موعداً لإصدار قرارها بشأن دعوى تقدم بها السودان ضد دولة الإمارات، حيث تدعي حكومة الجيش السوداني وحلفائها، تورط دولة الإمارات في إبادة جماعية ضد مجموعة "المساليت" العرقية في دارفور غربي البلاد.
وقالت المحكمة في بيان لها الأسبوع المنصرم، إنها ستعقد يوم الإثنين الموافق 5 مايو/أيار الجاري، جلسة في مقرها بمدينة لاهاي الهولندية لإعلان قرارها بشأن الدعوى.
وفي مارس/آذار الماضي، قدم السودان طلباً لإقامة دعوى ضد دولة الإمارات أمام المحكمة فيما يتعلق بنزاع حول "مزاعم" انتهاكات الإمارات لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".
"التهرب من المسؤولية"
خلال الجلسة السابقة، أعربت دولة الإمارات، عن رفضها القاطع لما وصفتها "الادعاءات" الباطلة التي أدلت بها القوات المسلحة السودانية.
وقالت إن "القوات المسلحة السودانية فشلت بتقديم أي دليل ذي مصداقية لإثبات ادعاءاتها، ما عكس كونها قضية ضعيفة لا تملك شرعية ولا أسساً قانونية، ولا تلبي أياً من معايير الإثبات القضائي".
وبحسب مراقبين سودانيين، فإن الرغبة في التهرب من مسؤولية جرائم الحرب التي تسبب فيها الجيش السوداني والفصائل العسكرية المتحالفة معه، هي المحرك الفعلي لاتهام دولة الإمارات، خصوصاً وأن الإمارات ظل موقفها ثابت في ضرورة إنهاء الحرب عبر عملية تفاوضية سلمية.
"كيد سياسي"
الخبير العسكري، عضو القيادة المركزية العليا للضباط وضباط الصف والجنود المتقاعدين (تضامن) في السودان، العميد وليد عزالدين عبد المجيد، يرى أن اتهام "الإخوان" لدولة الإمارات تحت غطاء القوات المسلحة السودانية، بانتهاك اتفاقية ١٩٤٨ لمنع الإبادة الجماعية عبر التواطؤ أو الحض على ارتكابها، يأتي من باب "الكيد السياسي".
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن ذلك مجرد "أوهام" لتبرير كثير من الهزائم العسكرية التي تلقاها الجيش السوداني والفصائل العسكرية المتحالفة معه، في عدد من النقاط الساخنة التي تدور فيها المعارك ضد قوات الدعم السريع.
وقال العميد وليد عزالدين ، إن كل العتاد العسكري الذي تمتلكه قوات الدعم السريع، "تم تحت إشراف وبموافقة قيادة الجيش السوداني في أوقات سابقة، ومنذ أن كانت قيادة الجيش السوداني تعتبر أن الدعم السريع هو جزء أصيل من مكونات الجيش السوداني".
وأضاف أن "قيادة الجيش السوداني السابقة والحالية، هي التي قامت بتمكين قوات الدعم السريع، وهي من عبّدت له طرق الاستئثار بأموال الدولة، وفتحت له النوافذ لإقامة علاقات دولية مستقلة عنها".
"تبرير الفشل"
العميد وليد عزالدين، مضى في تفسيراته لتهرب قيادة الجيش السوداني من تحمل مسؤولية تدمير الدولية السودانية، بعد إصرارها على الاستمرار في حرب خاسرة، لم تجلب للإنسان السوداني سوى الخراب والدمار والموت والتهجير القسري.
وقال إن اتهام دولة الإمارات الشقيقة، "هو مجرد ذرائع لتبرير الفشل والتمادي في الهلاك والدمار، وفقدان واضح للدبلوماسية الحكيمة والسياسة المتزنة".
"خلل قانوني"
ولفت العميد عز الدين، إلى أن "الدفوعات القوية التي تقدمت بها دولة الإمارات ضد الدعوى السودانية، وإشاراتها للخلل القانوني، هو ما دفع هيئة المحكمة أن تتوانى في اتخاذ قرارها، وتطالب الجانب السوداني بمزيد من الحيثيات".
وأضاف أن "تحفظ دولة الإمارات عام 2005 على بعض المواد في اتفاقية 1948، بالإضافة إلى تصريحها الأخير بضبط شحنة أسلحة وذخائر يراد تمريرها إلي السودان بطرق غير قانونية، ستربك المشهد وتعقد سير القضية وربما تضعف موقف الحكومة السودانية".
وكانت الإمارات قد أعلنت، الأسبوع الماضي، عن إحباط أجهزة الأمن محاولة "تمرير أسلحة، وعتاد عسكري إلى القوات المسلحة السودانية بطريقة غير مشروعة".
وكشف النائب العام الإماراتي الدكتور حمد سيف الشامسي، أن أجهزة الأمن في الإمارات تمكنت من إحباط محاولة تمرير كمية من العتاد العسكري إلى القوات المسلحة السودانية، بعد القبض على أعضاء خلية متورطة في عمليات الوساطة والسمسرة والاتجار غير المشروع في العتاد العسكري، دون الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة.
aXA6IDMuMTQzLjI0LjE3NCA= جزيرة ام اند امز