أكد الوزير البريطاني السابق وعضو حزب المحافظين جاكوب ريس موغ أن بلاده تعيش لحظة سياسية واقتصادية شديدة الحساسية، تتقاطع فيها أزمات الداخل مع تحولات دولية عميقة.
وحذر من أن استمرار السياسات الحالية، سواء على مستوى الإعلام أو الضرائب أو الخطاب الخارجي، يدفع قطاعات واسعة من البريطانيين إلى فقدان الثقة في المنظومة القائمة، والبحث عن بدائل أكثر استقرارًا ووضوحا في الرؤية.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها هادلي غاميل كبير مذيعي IMI الدوليين مع ريس موغ ضمن برنامج "الحقيقة مع هادلي غامبل"، تناولت خلالها ملفات متعددة شملت أداء الإعلام البريطاني، والتصعيد الغربي تجاه روسيا، وتحولات الهجرة والفرص الاقتصادية إلى جانب توقعاته للمشهد السياسي العالمي في عام 2026.

وفي حديثه عن الإعلام، وجّه ريس موغ انتقادات حادة إلى هيئة الإذاعة البريطانية، معتبرا أنها تتبنى عداء بنيويا تجاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوصفها جزءا من "المؤسسة اليسارية البريطانية".
وذهب أبعد من ذلك حين أشار إلى أن حالة التذمر الشعبي من تمويل الهيئة آخذة في التوسع، مؤكدا أن دافعي الضرائب بدأوا بالفعل في التساؤل عما إذا كان استمرار تمويلها مبررا.
وعلى صعيد السياسة الدولية، حذر ريس موغ من تصاعد الخطاب الأوروبي تجاه روسيا، منتقدا ما وصفه بـ"قرع طبول الحرب" من جانب قادة أوروبيين، في وقت لم تستثمر فيه دول كبرى مثل ألمانيا وفرنسا بما يكفي في قدراتها الدفاعية على مدار سنوات طويلة.
وأكد أن الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا لا يخدم أي طرف، لا موسكو ولا جيرانها، مشددا على أن الواقعية السياسية تفرض السعي إلى حماية الحدود، لا الانزلاق إلى حرب مفتوحة ستكون كلفتها باهظة على الجميع.

وفي هذا السياق، أقر بأن مستقبل حدود أوكرانيا قد لا يعود إلى ما كان عليه قبل عام 2014، واصفا ذلك بـ"الحقيقة المؤسفة"، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن السلام، مهما كان ناقصا يظل أفضل من حرب شاملة قد تزعزع استقرار أوروبا لسنوات طويلة.
أما داخليا، فتوقف ريس موغ عند معاناة الطبقة الوسطى البريطانية، معتبرا أنها باتت تشعر بأنها مستهدفة من قبل السياسات الحكومية الحالية، وهو ما وصفه بنموذج "الاشتراكية" التي تضغط على البرجوازية وتقلص حوافز النجاح.
وفي هذا الإطار، رأى أن المقارنة أصبحت حاضرة بقوة بين بريطانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة التي توفر بيئة معيشية مريحة ونظاما ضريبيا جاذبا وفرصا أوسع لتحقيق الطموحات الشخصية والمهنية.
وأشار إلى أن بحث الأفراد عن الأفضل لهم ولعائلاتهم بات دافعا رئيسيا للهجرة، مؤكدا أن فرص النجاح اليوم في الإمارات تبدو أفضل مما هي عليه في المملكة المتحدة، في ظل التحديات الاقتصادية والضغوط المعيشية المتزايدة داخل بريطانيا.

وقدم ريس موغ قراءة استشرافية لعام 2026، متوقعا أن تشهد المملكة المتحدة تغييرا في القيادة السياسية، سواء على مستوى رئاسة الوزراء أو وزارة المالية.
كما عبر عن أمله في أن يعم السلام في أوكرانيا، وإن اعتبره غير مضمون، مشيرا إلى أن تحقيق السلام وتراجع أسعار النفط، الذي بدأ بالفعل، قد يؤديان إلى انهيار الخطاب البيئي القائم على فرضية ارتفاع كلفة الطاقة.
وعن مستقبل ترامب رأى ريس موغ أن عام 2026 قد لا يكون سهلا عليه سياسيا، في ظل انتخابات التجديد النصفي الأمريكية، التي غالبا ما تشكل اختبارا صعبا للرؤساء، مؤكدا أن موازين السياسة العالمية خلال السنوات المقبلة ستبقى مفتوحة على احتمالات كبرى في عالم يشهد إعادة تشكيل عميقة لمراكز القوة والنفوذ.