صحافة السودان.. تغطية متباينة لعزل البشير
تباينت تغطية الصحف السودانية حول قرارات وزير دفاع السودان، حيث اعتبرها البعض "خطوة نحو صحافة حرة"، فيما عدها آخرون "سقوطا مهنيا".
تباينت تغطية الصحف السودانية الصادرة في العاصمة الخرطوم، الجمعة، حول القرارات التي حملها بيان وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف الخاصة بعزل الرئيس عمر البشير وتشكيل مجلس عسكري انتقالي لإدارة البلاد لمدة سنتين، حيث اعتبرها البعض "خطوة نحو صحافة حرة"، فيما عدّها آخرون "سقوطا في اختبار المهنية".
- زعيم حزب الأمة السوداني يؤدي صلاة الجمعة بساحة اعتصام القيادة
- مستقبل السودان.. بين "سلطة" المجلس العسكري وزخم الاحتجاجات
وركزت الصحف السودانية على إبراز القرارات التي حملها بيان وزير الدفاع السوداني، فيما كانت المساحة المخصصة لتناول رأي الحراك الرافض لتلك القرارات محدودة في صفحات الصحف.
وأظهرت غالبية الصحف البيان الذي تلاه وزير الدفاع القرارات التي وردت فيه بطريقة كأنها تعبر عن إرادة الشعب السوداني، وأنها ستكون الحل لإنهاء حركة الاحتجاجات المستمرة في البلاد منذ نحو 4 أشهر، وذلك من خلال ذكر أن اللجنة الأمنية انحازت للجماهير وقررت اقتلاع رأس النظام عمر البشير واعتقاله والتحفظ عليه في مكان آمن.
وخرجت صحيفة "الصيحة" التي يرأس مجلس إدارتها رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين الصادق الرزيقي، بخط عريض يقول "نهاية عهد الإنقاذ" وخصصت صفحاتها الداخلية لتناول قرارات بن عوف بالتفصيل، وغابت عنها أي إشارة إلى الاعتصامات المستمرة أمام القيادة العامة للجيش.
وخرجت صحيفة "الأخبار" بخط عريض يقول: "الملايين تشيع الإنقاذ بالموسيقى العسكرية" بينما خصصت عناوينها الجانبية لتفصيل القرارات التي وردت في بيان وزير الدفاع، بينما تمت الإشارة إلى اعتصام القيادة العامة في مساحة محدودة بالصفحات الداخلية.
العنوان الذي كان مثار جدل بين القراء والناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، هو ما خرجت به صحيفة "الانتباهة" والذي جاء في كلمة واحدة هي (سقطت)، والكلمة مأخوذة من أدبيات الاحتجاجات في الشوارع.
ورأى الكثيرون أن "الانتباهة" أرادت السخرية من المحتجين بهذا العنوان، حيث إن الصحيفة يملكها أحد رجال الأعمال المنتمين لحزب المؤتمر الوطني وظلت طوال فترة صدورها من أكثر المدافعين عن حكومة الإخوان، ولا يمكنها أن تحتفل بسقوطها بهذه السرعة.
ويقول الصحفي السوداني نبيل سليم لـ"العين الإخبارية" إن "الصحف التي صدرت في الخرطوم لم تتعامل مع الحدث بمهنية، حيث اهتمت بعزل البشير ولم تفرد مساحة كبيرة للرفض الشعبي للمجلس العسكري والإحباط الذي تسلل إلى نفوس السودانيين".
وأوضح أن "ذلك يعود لأسباب عديدة بينها أن معظم الصحفيين ما زالوا يمارسون رقابة ذاتية لأن معظمهم مارسوا المهنة في ظل كبت ونظام شمولي، بجانب أن معظم الصحف تتبع قيادات في الحزب الحاكم".
وأضاف أن "معظم رؤساء تحرير الصحف ينتمون أيضا إلى الحزب الحاكم، بما في ذلك الصحف التي يرأس تحريرها صحفيون لا ينتمون للحزب، فلديهم مصالح مع النظام، مع التأكيد على أن النظام لم يسقط بعد".
من جانبه، اعتبر الصحفي محمد علي فزاري، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "التغطية الصحفية للأحداث كانت متقدمة جدا عن المرحلة السابقة رغم أنها لم تغطِ كل الجوانب".
وأضاف أن "هذه خطوة عظيمة نحو صحافة حرة، خاصة أن الأقلام التي كانت تمجد النظام وتدافع عنه لم يعد لها مكان في صحافة ما بعد الحادي عشر من أبريل/نيسان"، مشيرا إلى أن "تغطية تلفزيون السودان للمظاهرات وافتتاح مكتب قناة العربية بشريات نحو مستقبل إعلامي واعد".
وقال الناشط المدني علاء الدين بابكر إن "الصحف سقطت في امتحان المهنية مرة أخرى رغم رفع الرقابة عنها، حيث جاءت العناوين داعمة لبقاء المجلس العسكري في السلطة ومتجاوزة الحقائق على الأرض وصوت المنتفضين".
وأضاف أن "كل الصحف صوّرت الحكومة بأنها سقطت، في حين أن الواقع يقول إن النظام موجود بكل مؤسساته ورموزه، فقط تمت إزاحة رأس النظام".
aXA6IDMuMTM4LjM1LjIyOCA= جزيرة ام اند امز