أسبوع السودان.. إحياء ذكرى الثورة وإحباط مخططات الإخوان
السلطة الانتقالية مضت خلال الأسبوع في محاصرة نظام الإخوان المعزول وتفكيك واجهاته النقابية والمهنية، وتنظيف مؤسسات الدولة من عناصره
كان الأسبوع الماضي استثنائيا في السودان، لكونه صادف الذكرى الأولى لثورة ديسمبر التي أنهت ثلاثة عقود من حكم نظام الإخوان الإرهابي المستبد، بجانب إدانة رأس السلطة البائدة المعزول عمر البشير بجريمة الفساد المالي.
ومع أفراح السودانيين بانتصارات الثورة وإدانة البشير، كانت جماعة الإخوان الإرهابية تتلقى مزيدا من الصفعات والضربات الموجعة، بعدما فشلت مخططاتها الخبيثة الرامية لضرب الحكومة الانتقالية، حيث كانت مسيرتهم الاحتجاجية التي أطلقوا عليها مسمى "الزحف الأخضر" محدودة العدد.
كما مضت السلطة الانتقالية خلال الأسبوع المنقضي في محاصرة نظام الإخوان المعزول وتفكيك واجهاته النقابية والمهنية، وتنظيف مؤسسات الدولة من عناصره، وهو ما عمق محنة السلطة الإرهابية البائدة.
وأصدرت الحكومة الانتقالية قرارات قضت بحل جميع النقابات والاتحادات المهنية التي كان يسيطر عليها نظام الإخوان الإرهابي طوال ثلاثة عقود ماضية، وتجميد وحجز حساباتها وأرصدتها بالمصارف وإغلاقها بقوات الشرطة بعد طرد فلول الحركة الإسلامية السياسية المعزولة.
وشمل قرار التفكيك اتحادات العمال وأصحاب العمل والصحفيين السودانيين ونقابة المحامين، إلى جانب النقابات الفرعية في الوحدات الحكومية المختلفة، الشيء الذي حظي بترحيب واسع من القطاعات المهنية والعمالية في البلاد.
واعتبر الصحفي حسين سعد أن تفكيك الواجهات النقابية لنظام الإخوان الإرهابي يمثل أحد أهم القرارات التي اتخذتها الحكومة الانتقالية، فهي خطوة مهمة في طريق تصفية الدولة العميقة التي بنتها الحركة الإسلامية السياسية على مدى ثلاثة عقود.
وقال سعد خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" إن نظام الإخوان المعزول قوض الحركة النقابية وأفرغها من مضمونها وجعلها مجرد واجهات سياسية لتنفيذ أجندته الإرهابية ومصادرة إرادة العاملين في الدولة.
ويرى أن تفكيك هذه الواجهات الإخوانية يمهد لعودة الحركة النقابية لسابق عهدها في السودان وإنهاء العبث الإخواني.
ملايين ترعب "الثورة المضادة"
في الخميس الماضي خرج ملايين السودانيين إلى الشوارع في كل أنحاء البلاد لإحياء ثورة ديسمبر المجيدة التي انطلقت شرارتها في مدينة عطبرة شمال الخرطوم يوم ١٩ ديسمبر/كانون الثاني ٢٠١٨م بسبب نقص الخبز والوقود.
امتلأت الشوارع في العاصمة الخرطوم والأبيض وزالنجي والقضارف ومدني وعطبرة التي شهدت الاحتفال الأكبر بذكرى الثورة، حيث وصلها قطار محمل بمئات الأشخاص من الخرطوم، ردا للجميل الذي فعلته المدينة في وقت سابق عندما أرسلت قطارين لدعم المعتصمين أمام القيادة العامة للجيش والاحتفال بتوقيع وثائق الحكم الانتقالي.
وكانت السيول البشرية تردد شعارات تطالب بمزيد من الاجتثاث لفلول الإخوان الإرهابي ومحاسبة رموزه على الجرائم التي ارتكبوها بحق السودانيين خلال سنوات حكمهم العجاف، بجانب هتافات مماثلة داعمة للحكومة الانتقالية بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك.
وقال المحلل السياسي حسن فاروق إن الملايين التي خرجت للشوارع في ذكرى الانتفاضة أرعبت قوى "الثورة المضادة" وفلول النظام البائد التي حاولت مطلع الأسبوع الماضي التشويش على المشهد بمسيرة محدودة يعد المشاركون فيها على أصابع اليد.
وأضاف فاروق خلال حديث لـ"العين الإخبارية": "المليونيات أكدت قوة الإرادة الشعبية في تحقيق مطالب الثورة وإحداث تحول حقيقي في البلاد، وأنه لا مجال للالتفاف على مكتسبات الانتفاضة".
وتابع: "الثورة مستمرة والشارع متحسب لأي سيناريوهات، ومصمم على تنظيف البلاد من فلول الحركة الإسلامية السياسية، وهذا ما عكسته حشود الخميس".
إدانة البشير تسعد المظلومين
السبت الماضي، أدانت محكمة في الخرطوم الرئيس المعزول البشير بجريمة الحيازة غير المشروعة لملايين من النقد الأجنبي وحكمت عليه بالسجن سنتين، يقضيها في دور رعاية اجتماعية لكبر سنه، بينما كانت هيئة الاتهام ترغب في أن يصل الحكم للإعدام، مستشهدة بقضية "مجدي محجوب".
إدانة المعزول، فتحت آمال عائلات ضحايا المجازر والانتهاكات التي ارتكبها نظام الإخوان الإرهابي خلال الثلاثة عقود الماضية ودفعتهم إلى إقامة سراديق عزاء بهذه المناسبة.
وهذا ما فعلته الحاجة هانم ٧٥ عاما، التي فتحت أبواب منزلها بالخرطوم يوم الثلاثاء الماضي لتلقي العزاء في ابنها مجدي محجوب الذي أعدمه نظام الإخوان قبل ٣٠ عاما بتهمة حيازة غير مشروعة للنقد الأجنبي، وذلك بعدما سمعت بإدانة البشير بذات الجريمة.
كما أقامت عائلة المعلم أمين بدوي الذي قتل في معتقلات جهاز أمن البشير في عام ١٩٩٨، سرادق عزاء بعد عزل الإخوان وإدانة الرئيس المعزول.
وتتأهب أسر 28 ضابطا أعدمهم نظام الإخوان قبل ثلاثة عقود بتهم تدبير محاولة انقلابية وأخفى جثثهم ومتعلقاتهم الشخصية لتلقي التعازي، وذلك بعدما أعلنت السلطة الانتقالية العثور على مقبرتهم.
وتقول "منال"، وهي شقيقة النقيب طيار مصطفى عوض خوجلي الذي كان ضمن 28 ضابطا أعدمهم البشير، "إدانة الرئيس المخلوع أسعدتنا كثيرا، لأنها تمثل بداية القصاص للشهداء، وتشير إلى أننا في الطريق الصحيح نحو هذا الهدف الذي ظللنا نكافح لأجله منذ 29 عاما".
وأضافت منال عوض خوجلي خلال حديثها لـ"العين الإخبارية": "إدانة البشير كانت بداية للانتصار، ولكن لا نزال ننتظر كشف أماكن دفن شهداء رمضان وتحديد المتورطين في الجريمة ومن ثم نقيم سرادق العزاء لأول مرة".
وتابعت: "ما تم من إجراءات بخصوص قضية شهداء 28 رمضان جيد، ولكن غير كافٍ لدرجة إقامة سرادق العزاء، فنحن ننتظر معرفة مكان دفن الجثث ومن ثم القصاص".