سوق الذهب العالمي.. هل يعوض السودان غياب الدب الروسي؟
اكتشاف جديد لاحتياطي كبير من الذهب في السودان، أعاد البلاد لدائرة الضوء، وسط توقعات بأن تكون الخرطوم وجهة العالم لتعويض غياب الذهب الروسي.
وقال وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم أثناء اجتماع عقده مع مسؤولين عن شركتي أوركا الكندية وبرسيس الأسترالية هذا الأسبوع إن المنجم المكتشف بالمنطقة الواقعة بين ولاية نهر النيل وولاية البحر الأحمر يحوي مخزونا يمكن أن ينتج 7 أطنان سنويا.
وتغيب روسيا، ثاني أكبر منتج للذهب في العالم، بنحو 300 طن سنوياً عن السوق الدولي للمعدن النفيس بسبب عقوبات مفروضة عليها من دول غربية بسبب الحرب في أوكرانيا، وهو ما يقود دول العالم للبحث عن وجهات أخرى للحصول على هذا المورد الهام لبناء احتياطات تحول دون تراجع قيمة عملاتها.
وبرز السودان الذي يتأرجح تصنيفه بين (الثاني والثالث) أفريقيا، والرابع عشر عالميا في إنتاج الذهب بإنتاج سنوي يبلغ نحو 100 طن، كوجهة هامة قد تغير خارطة المعدن النفيس في ظل العقوبات المفروضة على روسيا.
وبحسب بيانات وزارة المعادن السودانية زاد إجمالي إنتاج الذهب بالبلاد في الربع الأول من هذا العام بنحو 20% ليصل إلى 5.2 مليون طن قياسا بنحو 4.3 طن قبل عام.
ثروات معطلة
وقال الخبير الاقتصادي صدقي كبلو، إن احتياطي السودان من الذهب سيكون محط أنظار الدول الغربية في سعيها لبناء احتياطات من المعدن النفيس لضمان عدم تصاعد سعره وتدهور قيمة عملاتها، بعد أن أوقفت التعامل مع الذهب الروسي بفضل العقوبات.
وقال كبلو في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن صعود السودان كلاعب قوى يعوض غياب روسيا في سوق الذهب العالمي، بحاجة لاستقرار سياسي ففي ظل الاضطراب الحالي والفراغ الدستوري من الصعب دخول استثمارات جديدة في هذا القطاع، فلا أحد سيغامر بضخ روؤس أموال في بلد يهدده شبح العزلة والعقوبات.
ويشير إلى أن الاكتشافات التي تعلن من حين لآخر يصاحبها نوع من عدم المصداقية ويشوبها تضخيم في بعض الأحيان، ربما بغرض تخدير الرأي العام أو الفساد مثلما كان يحدث دوماً في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، مستدلاً بقضية (الشركة الروسية) الشهيرة التي حصلت على امتياز تنقيب وأعلنت أنها بصدد تحقيق إنتاج كبير من الذهب، قبل أن تظهر حقيقتها بأنها مزيفة.
مخاوف من الخدعة
وقال صدقي "استوقفني ما أعلنه وزير المالية جبريل إبراهيم مؤخراً بشأن توقيع اتفاق مع شركتين كندية وأسترالية للتنقيب عن الذهب في ولاية البحر الأحمر في حقل سوف ينتج 7 أطنان سنوياً، حيث شكك البعض في وجود الشركتين".
وأضاف "لكن بوجه عام يمكن للسودان أن يستثمر في الأزمة الأوكرانية في زيادة إنتاج الذهب والنفط والغاز وحتى الحبوب الغذائية، إذا كتب له الاستقرار السياسي".
وتابع "الأزمة الروسية الأوكرانية جعلت السودان في موقف قوي للغاية ويمكنه الاستفادة من ذلك في تحسين اتفاقياته الاستثمارية في مجال التعدين عن الذهب، فإذا كان نصيب الحكومة مع الشركات 50%، يمكن أن يرتفع إلى 80%".
وقف التهريب
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير إن دخول الشركتين الكندية والأسترالية سيرفع من حجم الذهب المنتج عبر القطاع المنظم (الشركات) من 12 طنا إلى 20 طنا في السنة، وهو الذي يعول عليه بخلاف التعدين الأهلي التقليدي الذي يتعرض للتهريب.
وأشار الناير في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن السودان يتأرجح بين المرتبة الثانية والثالثة أفريقيا والرابع عشر عالمياً بإنتاج يبلغ نحو 100 طن سنوياً.
وأضاف "بعد الاكتشاف الجديد يمكن أن يتقدم تصنيف السودان ليكون ثابتاً في المركز الثاني أفريقياً والعاشر عالميا، فتصنيف الأعوام السابقة لم يكن واقعياً بسبب تعرض الذهب السوداني لتهريب واسع خاصة المنتج عبر القطاع التقليدي".
وشدد على أن الذهب السوداني يمكن أن يغير خارطة المعدن النفيس على مستوى العالم في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، لكن ذلك رهين بسن قوانين رادعة تحد من عمليات التهريب وإنشاء بورصة للذهب في البلاد".
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد خليل أن الخرطوم لن تعوض غياب روسيا عن سوق الذهب العالمي، لكنها ربما تكون وجهة للدول الغربية إلى جانب بلدان أفريقية أخرى للحصول على احتياطات من المعدن الأصفر.
وقال خليل في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن "السودان ينقصه كثيراً من الإمكانيات الفنية والتقنية في مجال اكتشاف واستخلاص الذهب، رغم أنه يذخر بثروة معدنية هائلة، ولا يمكن أن يعول عليه كمنقذ للعالم في توفير الذهب".
وأضاف "يمكن للسودان أن يتقدم خلال السنوات المقبلة ويزيد من إنتاج الذهب بدخول استثمارات جديدة مما يقود لتقليص نشاط التعدين غير المنظم وبالتالي يتم إحكام السيطرة على المعدن المنتج والحد من تهريبه للخارج".
ويعول السودان على الذهب باعتباره موردا مهما للعملة الصعبة، خاصة بعد فقدانه ثلاثة أرباع عائداته النفطية بسبب انفصال الجنوب في يوليو/تموز 2011، وفقدانه حوالي 80% من موارد النقد الأجنبي.
aXA6IDE4LjIyNy4wLjU3IA==
جزيرة ام اند امز