مستشار رئيس الوزراء السوداني السابق لـ"العين الإخبارية": كتائب الظل أسهمت بإشعال فتيل الأزمة الحالية
نبتة شيطانية غُرست على حين غرة في السودان، فكان ثمارها العنف والدمار، الذي يكتوي بنيرانه البلد الأفريقي الآن، والذي بات مهددًا بموجة من الإرهاب تحصد ما كافح سنوات من أجله تحقيقه.
تلك النبتة الشيطانية المتمثلة في "كتائب الظل" غرس النظام السابق في السودان بذورها، فباتت تنشر أذرعتها في البلد الأفريقي، محاولة قمع أي انتفاضة للخلاص.
- "كتائب الظل" للكيزان تحرق السودان.. اغتيالات وافتعال أزمات
- محكمة سودانية تقضي بإعدام أشهر عناصر كتائب الظل الإخوانية
فمتى كشف الغطاء بشكل رسمي عنها؟
يقول مستشار رئيس الوزراء السوداني الأسبق، فايز الشيخ السليك، إن كتائب الظل الإخوانية ظهرت إلى العلن للمرة الأولى في بداية العام 2019، في تصريحات لعثمان محمد طه نائب الرئيس السوداني السابق عمر البشير، في حوار مع وسائل إعلام محلية.
وقال عثمان، في رسالة تهديد للمتظاهرين الذين طالبوا بتسليم السلطة للجيش: "الذي يظن أن الجيش سيتدخل واهم، الجيش لن يتدخل أبدا (..) هناك كتائب ظل تحمي البشير ومستعدة للدفاع عنه بأرواحها، خاصة أنه يواجه استهدافا بتشويه صورته لدوره المتوازن في جهات عديدة مدنية وعسكرية، لأن لديه خبرة كبيرة في الشأن الداخلي والخارجي".
ويقول مستشار رئيس الوزراء السوداني الأسبق، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "ملامح هذه الكتائب بدأت تتشكل وتزدهر وتنتشر بسرعة خلال سنوات النظام البائد، وإن كان الرئيس الأسبق جعفر النميري، من غرس بذرتها".
وأوضح السياسي السوداني، أن "تلك الكتائب هي خلايا سرية موجودة في مؤسسات الدولة المختلفة، وهي عناصر أمنية وعسكرية تنتمي إلى الحركة الإسلامية السودانية".
وأشار إلى أن تلك الكتائب صنعها الإسلاميون منذ صعودهم إلى السلطة في السودان في أعقاب الانقلاب العسكري في يونيو/حزيران 1989، مؤكدًا أنها تضم مليشيات غير رسمية، عمادها من المدنيين.
وتتكون تلك الكتائب من مثلث يضم الدفاع الشعبي كقوة موازية للجيش، والأمن الشعبي، كمؤسسة أمنية غامضة موازية لجهاز الأمن والمخابرات، والشرطة الشعبية، وهي وحدات عسكرية موازية للشرطة الرسمية، بحسب عثمان، الذي قال إن أضلاع المثلث تتطابق في تعبئة عناصرها بعقيدة قتالية دينية، متشددة، قائمة على دعوة القتال، وتتغذى من شعار ديني نصه: "فلنعد للدين مجده، أو تُرق منا الدماء، أو ترق منا الدماء، أو ترق كل الدماء".
الفرع الأخطر
ويقول مستشار رئيس الوزراء السوداني السابق، إن أخطر تلك الأفرع هو "الأمن الشعبي"، الذي يضم آلاف العناصر السرية غير المعروفة، وتنتشر خلاياه بين الموظفين والعمال والأحياء السكنية، للتجسس لصالح الأمن الرسمي، مؤكدًا أنه ينفذ عمليات خاصة ضد المعارضين.
وحول عماد قواته، قال السياسي السوداني إنها تتشكل من مزيج من العناصر القبلية ومتقاعدين عسكريين وأمنيين سابقين، أبرزها قوات درع الوطن، مؤكدًا أن هذه المليشيات المؤثرة تعمل على نطاق قومي، ولها تاريخ طويل من العنف، "فسبق أن اتهمت محكمة الجنايات الدولية في عام 2007، علي كوشيب، أحد قادة الدفاع الشعبي في دارفور، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الإقليم المضطرب".
وتُقدر مصادر أعداد قوات الدفاع الشعبي التي حاربت في جنوب السودان تحت شعار " الجهاد" بحوالي (90) ألفاً، بينها (10) آلاف عاملين و(80) ألفاً في الاحتياط.
ما مهام كتائب الظل؟
يقول السياسي السوداني، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن مهمة كتائب الظل هي الدفاع عن الإسلاميين في السودان من خلال الانتشار السريع عسكريا، أو داخل مؤسسات الدولة حال وقوع اضطراب سياسي أو توقف عن العمل، لا سيما في قطاعات الكهرباء، والمياه والصحة، بالإضافة إلى المشاركة في عمليات قمع المظاهرات وقتل المتظاهرين.
وأوضح أن بعض التقارير كشفت تورط هذه المليشيات، في اغتيال المتظاهرين في انتفاضة سبتمبر/أيلول 2013، بالإضافة إلى انتفاضة ديسمبر/كانون الأول 2018.
وبحسب مستشار رئيس الوزراء السوداني السابق، فإن تلك الكتائب متهمة بالتورط في ارتكاب عمليات قتل بواسطة قناصة محترفين خلال المظاهرات الشعبية، مشيرًا إلى أن بعض المحتجين التقط مقاطع فيديو لبعض المركبات التي لم تكن تحمل لوحات وعلى متنها عناصر قتالية ملثمة.
"فكان واضحا أن الجهاز الإسلامي سيشكل خطراً على موجة الاحتجاجات المدنية العامة"، يقول السياسي السوداني، مشيرا إلى أنه مع بداية الاحتجاجات، هدد نائب البشير الأسبق علي عثمان محمد طه المحتجين بتحريك كتائب الظل الخفية للدفاع عن مشروع "الدولة الدينية" في السودان، في رسالة كانت بمثابة تهديد بقتل المزيد من المحتجين.
أين تلك الكتائب؟
يقول السليك إن هناك شكوكًا حول مشاركتها كطرف ثالث في عملية فض اعتصام القيادة العامة في يونيو/حزيران 2019، وتورطها في النزاع الحالي؛ أملا في أن تساهم جهودها في عودة الإسلاميين بشكل كامل إلى السلطة، وإعادة هندسة المشهد السوداني من جديد، وإقامة دولة دينية متطرفة.
وعن دورها الآن في الاشتباكات، قال السياسي السوداني إنها أسهمت في إشعال فتيل الأزمة من خلال كتائبها الإعلامية، التي نشرت خطاب الكراهية، ودعمت "الحرب" تحت ستار دعم الجيش السوداني، زاعما أن بعض عناصرها شاركوا في القتال مباشرة إلى جانب الجيش؛ "لوجود ضباط إسلاميين كعناصر في كتائب الظل".
واختتم السياسي السوداني تصريحاته، قائلا، إن كتائب الظل "ستظل عامل تهديد مستمر لاستقرار الدولة السودانية لا سيما في بلدٍ مترامي الأطراف، وتحده دولةً مضطربةً مثل ليبيا، تنشط في أطرافها الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش".