خبيران عن خطاب البرهان والحرب: مراوغات سياسية هدفها البقاء بالسلطة

فتح خطاب قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان عن مواصلة الحرب، الباب أمام قراءات مغايرة للتطورات في البلاد، تثبت سيطرة الإسلاميين.
وقبل أسبوع أعاد البرهان تشكيل هيئة أركان الجيش السوداني من خلال تعيين عدد من الضباط الجدد وإعفاء آخرين، ما دفع البعض للحديث عن إعادة هيكلة وتغيير في البوصلة.
ثم جاء خطاب البرهان أمام حشد من جنوده في مدينة أم درمان، أمس الأحد، ليبدد أي أوهام عن رغبته في السلام، بحسب مراقبين، إذ تعهد بمواصلة الحرب حتى نهاية المطاف، دون الإشارة إلى أي نوايا للجنوح للسلم خلال الفترة القادمة.
هذه التطورات دفعت مراقبين لإعادة قراءة قرارات البرهان حول تشكيل هيئة الأركان، ووصفوه بأنه رجل يمتهن "المراوغة" السياسية، ولا يدخر أي نوايا "صادقة" لإنهاء الحرب.
وكان القائد العام للجيش السوداني قد قال وسط حشد من الجنود في أم درمان: «نعاهد الشهداء بأن الراية لن تسقط، وأن التمرد في السودان لن تقوم له قائمة، وأن الشعب السوداني لن يقبل بالتمرد أو من يدعمه».
وأضاف أن المعركة ضد «قوات الدعم السريع» مستمرة، مشدداً على أن الجيش السوداني قادر على حسمها.
"استنساخ خطاب الإخوان"
حديث البرهان أمام جنود الجيش السوداني عن ضرورة المضي قدماً في الحسم العسكري، وعدم الامتثال لأية نداءات دولية وإقليمية أو محلية تطالب بإنهاء الحرب وإصلاح المنظومة العسكرية والأمنية في السودان، أغلق نافذة الأمل التي فتحها كثير من الفاعلين السياسيين في السودان، عندما حاولوا تفسير قرارات البرهان الأخيرة والخاصة بإجراء تعيينات وتنقلات طالت عدداً من الضباط الكبار الموالين للتنظيم الإخواني المتحكم في قرارات الجيش السوداني، على أنها محاولة جادة من البرهان لإصلاح المنظومة العسكرية والأمنية.
وبحسب مراقبين، فإن خطاب البرهان أمام حشد من الجنود في أم درمان لا يحمل جديداً، فهو بمثابة "استنساخ" مكرور لخطاب دعاة الاستمرار في الحرب من جماعة الإخوان في السودان.
الأمين العام للقيادة المركزية العليا للضباط المتقاعدين "تضامن" في السودان، العميد محمد نور أبو خلف، وصف تصريحات البرهان خلال الفترة الماضية بأنها "متناقضة"، وتكشف عن حالة "ارتباك" و"اضطراب" تعتري البرهان "بسبب ضعفه وعدم قدرته على الانفكاك من أجندة الإخوان".
وقال أبو خلف لـ"العين الإخبارية": "البرهان لا يتسم بشخصية القائد الوطني الذي يريد الخلاص لشعبه من ويلات الحرب والتشريد والنزوح". مضيفاً أن البرهان "لا يرى أبعد من الحفاظ على سلطته التي يريد أن يحمله إليها التنظيم الإخواني، ليكون بديلاً لهم عن الرئيس السابق عمر البشير".
وأكد أبو خلف أن كل قرارات البرهان "تقوم على امتهان اللعب على كل الحبال التي تضمن له تأييد الإخوان حتى لا يتم إبعاده قسراً عن قيادة الجيش السوداني، ومن ثم يتم إزاحته من حلمه بحكم البلاد، سلماً أو حربا".
"مراوغة سياسية"
من جانبه، يرى القيادي في حزب الأمة القومي في السودان، عروة الصادق، أن التصريحات والقرارات "الشكلية" للبرهان تندرج في خانة "المراوغة" السياسية التي اعتاد عليها الشعب السوداني أكثر من كونها خطوة حقيقية نحو السلام.
وقال عروة في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن البرهان منذ عام 2019 "يستخدم أسلوب التخلص من المجموعات العسكرية كلما تحولت إلى عبء على سلطته".
وأشار إلى أن البرهان "فعل ذلك مع ضباط اللجنة الأمنية بعد الثورة السودانية في أبريل/نيسان 2019، ومع ضباط متورطين في جريمة فض الاعتصام من أمام قيادة الجيش السوداني في الخرطوم في يونيو/حزيران 2019، ثم مع ضباط كانوا جزءاً من انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، وأخيراً مع ضباط شاركوا في إشعال حرب 2023".
وأوضح أن البرهان "يكرر الأمر مع بعض الضباط المحسوبين على التنظيم الإخواني، من خلال إجراءاته الأخيرة الخاصة بكشف التعيينات والتنقلات والإعفاءات، ليكون المغزى الأساسي هو تثبيت بقائه على رأس السلطة، عبر إعادة تدوير القيادات، بحيث يظل التيار المهيمن، وهو تيار الإخوان وحزبها المؤتمر الوطني، ممسكاً بمفاصل الدولة السودانية ومنظومتها العسكرية والأمنية على وجه التحديد".
وأضاف: "لا يمكن قراءة هذه الخطوات التي يقوم بها البرهان كتحول نحو السلام، لكن سلوكه طوال الأعوام الماضية يوضح أنه لا يقدم تنازلات حقيقية للسلام استجابة للضغوط المحلية أو الإقليمية والدولية، وإنما يكتفي بالمناورات السياسية وإعادة ترتيب صفوف الجيش السوداني لتأمين موقعه".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز