بعد تعثر «إيغاد».. لمعامرة يطور خطة عمل أممية في السودان
بدأ المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة مهمته في السودان بلقاء مسؤولين وقوى سياسية لتطوير خطة عمل أممية في البلاد.
ومع تعثر مبادرة "الهيئة الحكومية للتنمية" (إيغاد) في عقد لقاء بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، يبرز الدور الأممي الذي يقوده لمعامرة في ظل تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية في السودان.
والتقى المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، مسؤولين حكوميين وعسكريين وقادة القوى السياسية بمدينة بورتسودان شرقي السودان.
وقال لعمامرة في بيان، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، في ختام زيارة استغرقت 3 أيام: "أردت أن تنطلق مهمتي كمبعوث شخصي لأمين عام الأمم المتحدة إلى السودان رسميا على الأرض".
وأضاف: "عملت على برمجة هذا اللقاء مع الرئيس البرهان، وكذلك على مشاورات مع العديد من المسؤولين وشرائح المجتمع المدني".
وتابع: "أستطيع القول إنني تعلمت الكثير فيما يتعلق بحقائق السودان والتطلعات إلى مستقبل أفضل، وكذلك إلى وجهة النظر الرسمية لدولة السودان حول عدد من المبادرات الرامية إلى حلحلة الأوضاع وإطلاق عملية سلام تؤدي إلى الحل السلمي المنشود الذي يسمح للشعب السوداني باستئناف الحياة الكريمة في ظل دولة مستقلة ذات سيادة تؤدي دورها في القارة الإفريقية وفي العالم العربي وعلى الساحة العالمية."
الوضع الميداني
وميدانيا، أفادت مصادر عسكرية "العين الإخبارية"، اليوم الإثنين، باندلاع اشتباكات جديدة جنوبي العاصمة الخرطوم، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان في مناطق بالخرطوم.
وبحسب المصادر، فإن الجيش السوداني، قصف تجمعات لقوات "الدعم السريع"، بالبراميل المتفجرة، ما أدى إلى تدمير منازل في أحياء جنوبي الخرطوم.
وطبقا للمصادر، فإن "القصف العشوائي، أثر بشكل مباشر على الخدمات الضرورية المتمثلة في الكهرباء والمياه، وتعطل المستشفيات والمراكز الصحية".
وأبلغ شهود عيان "العين الإخبارية"، أن مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، تعيش وضعا إنسانيا بائسا إثر الاشتباكات المتواصلة، ما أدى إلى توقف الحياة تماما.
ويقول المواطن، محمد الأمين، إن مدينة بحري، تشهد اشتباكات مستمرة بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، ما أثر سلبا على الحياة اليومية.
وأشار في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن القصف العشوائي، تسبب في خروج مَن تبقى من المواطنين، إلى خارج العاصمة الخرطوم، هربا من الموت والدمار.
كما تعيش مدينة أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، وفقا لشهود عيان، أوضاعا أمنية وإنسانية متدهورة، جراء الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع.
وحسب الشهود، فإن الجيش السوداني، يحاول التوغل نحو أحياء أم درمان القديمة، لكن قوات "الدعم السريع"، تقاتل من أجل تعزيز سيطرتها.
وحسب بيان للجيش السوداني، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، فإن قوات الشرطة عاودت مهامها في مناطق بمدينة أم درمان، استعاد الجيش السيطرة عليها وشرعت في تأمين المنازل وممتلكات المواطنين وحماية الأسر.
وذكر البيان، أن قيادات قوات الشرطة وقفت ميدانيا على المجهودات، وانتشرت بقوة مشتركة تشمل شرطة العمليات والمباحث والاحتياطي في المنطقة.
أوامر طوارئ جديدة
ومع تمدد قوات "الدعم السريع"، وتوسع دائرة انتشارها، أصدر والي الحاكم بولاية القضارف (شرق) المكلف محمد عبدالرحمن محجوب، أمر طوارئ حظر بموجبه النشر في وسائل التواصل الاجتماعي بما يضر بالأمن، كما منع تناول أخبار القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى وحكومة الولاية دون الرجوع للجهات الرسمية.
وتأتي القرارات ضمن حزمة إجراءات أمنية مشددة تفرضها السلطات الأمنية في الولاية، تحسبا لهجوم محتمل لقوات الدعم السريع.
كما أصدر ولاة ولايات نهر النيل، والشمالية (شمال) قرارات بحل لجان الخدمات والتغيير وحظروا أنشطة قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة.
وتشهد ولايات شمال وشرق ووسط السودان، دعوات مكثفة لتسليح المدنيين استعدادا لقتال قوات "الدعم السريع"، فيما يعرف بالمقاومة الشعبية لكن الحملة جوبهت برفض واسع من قوى سياسية أبدت قلقا بالغا من الخطوة باعتبارها ستقود إلى اندلاع الحرب الأهلية في جميع أرجاء السودان.
وقال وزير رئاسة مجلس الوزراء السابق، والقيادي بقوى الحرية والتغيير، خالد عمر يوسف، إن القرارات الصادرة بحظر وحل تنسيقيات قوى الحرية والتغيير ولجان التغيير والخدمات، يفضح طبيعة هذه الحرب، كحرب ضد التحول المدني الديمقراطي، ويؤكد الحقيقة الناصعة بأن عناصر النظام البائد أشعلتها وتستثمرها لهدف واحد هو الانتقام من الثورة وتصفية ما يمت لها بصلة.
وأوضح يوسف في تغريدة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) أن "الهجمة المنظمة على القوى المدنية الديمقراطية تجعلنا أكثر تمسكا بالقيم التي ناضلنا من أجلها. سنواصل العمل لوقف هذه الحرب وتأسيس الدولة السودانية على أساس مدني ديمقراطي عادل. ولن تثنيا أو ترهبنا هذه الترهات. فالمكر السيئ لن يحيق إلا بأهله، وسيذهب الزبد جفاء ويبقى السودان واحدا سلميا على هدى إرادة شعبه التي لا تلين".
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير، جعفر حسن، عبر تغريدة على منصة "إكس" إن قرارات حل تنسيقيات قوى الحرية والتغيير ولجان التغيير والخدمات، يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الحرب تهدف في الأساس لتصفية ثورة ديسمبر (التي أنهت حكم عمر البشير).
وتكونت "لجان المقاومة" في المدن والقرى عقب اندلاع احتجاجات 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، وكان لها الدور الأكبر في إدارة المظاهرات في الأحياء والمدن حتى عزلت قيادة الجيش الرئيس آنذاك عمر البشير في 11 أبريل/نيسان 2019.
ومنذ منتصف أبريل / نيسان 2023 يشهد السودان معارك مريرة بين الجيش و"الدعم السريع" خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.