هل تفلح جهود "جودفري" في حل أزمة السودان؟
جهود دؤوبة يبذلها السفير الأمريكي المعين حديثا لدى الخرطوم جون جودفري، مع الفرقاء لإيجاد حلول لأزمات السياسة المعقدة في السودان.
ومنذ تعيينه في الأسبوع الأخير من أغسطس/آب الماضي، بعد قطيعة دبلوماسية اقتربت من ربع قرن بين الولايات المتحدة والسودان، انطلق جودفري يبحث عن مخارج للأزمة السودانية، في محاولة للوصول إلى نتائج تعيد قطار الفترة الانتقالية إلى مساره.
وتتركز أجندة السفير الجديد على النهوض بالأولويات المتعلقة بالسلام والأمن والتنمية الاقتصادية والأمن الغذائي، بحسب بيان أصدرته السفارة الأمريكية في الخرطوم بمناسبة تعيين جودفري في 25 أغسطس الماضي.
ويصبح السؤال، هل ينجح المسؤول الجديد في إحداث اختراق للأزمة المستحكمة في ظل حالة الانقسام التي تعاني منها القوى المدنية، وسيطرة العسكريين وحلفائهم من قادة الفصائل المسلحة على مقاليد السلطة، لا سيما أن الآلية الثلاثية التي يقودها فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان "يونيتامس"، فشلت حتى الآن في جمع الفرقاء على طاولة حوار واحدة، وكذلك كل المبادرات المحلية، التي لم تراوح مكانها بسبب حاجز انعدام الثقة بين الأطراف المختلفة.
اتفاقية محتملة
ألمح جودفري في مستهل جولاته خارج العاصمة الخرطوم، وخلال مخاطبته شباب لجان المقاومة بمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، إلى "اتفاقية محتملة" ستؤدي إلى حكومة مدنية جديدة، وشدد خلال اللقاءات التي عقدها مع الفاعلين في مشهد السياسي السوداني على أهمية تناسي الخلافات والعمل معاً، للتوصل إلى اتفاق سياسي في وقت وجيز، من أجل استقرار البلاد.
الخبراء في الشأن السوداني يعتقدون أن السفير الأمريكي الجديد سيلعب دوراً مهماً في خلق استقرار سياسي بالسودان، وذلك عبر مشاركة الفاعلين الرئيسيين في المشهد، وممثلين في قوى الثورة والقوى العسكرية التي تشمل بجانب المؤسسة العسكرية الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية السلام، لا سيما أن التحرك الأمريكي يصاحبه تحرك إقليمي داعم له من دول مؤثرة في المنطقة، ما يشير إلى أن ما يجري الآن سيتبلور قريباً في شكل رؤية لمحافظة أمن واستقرار البلاد، عبر استكمال عملية التحول المدني الديمقراطي.
دور أمريكي جديد
تقول الدكتورة أماني الطويل، خبيرة الشؤون السودانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الدور الأمريكي في السودان يشهد تحولات كبيرة خاصة بعد توسع النفوذ الروسي اقتصادياً، وارتباطه بإنتاج الذهب، وتمدد ذلك النفوذ في بعض دول غرب أفريقيا سواء في النيجر أو تشاد أو أفريقيا الوسطى، مما دفع الإدارة الأمريكية للتعامل مع الأوضاع في السودان بجدية، تمثلت في رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي وتعيين سفير جديد بعد قطيعة استمرت لثلاثة عقود.
وتضيف الطويل، في تحليل نشرته على صفحتها الرسمية على "فيسبوك" أن العملية السياسية في السودان تشهد تغيرات دراماتيكية بعد تراجع دور الآلية الثلاثية، التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيجاد الخاصة بالتكامل الإقليمي لدول وسط أفريقيا.
ولفتت الطويل في التحليل إلى أن تلك الرؤية الجديدة للإدارة الأمريكية تجاه السودان تمضي في اتجاه دعم عملية التحول الديمقراطية، وبناء حكومة مدنية، وذلك بالاستفادة من تجربة الانتقال الأولى برئاسة عبدالله حمدوك، من خلال التعاطي الجديد مع المؤسسة العسكرية.
نقطة تحول
في السياق ذاته، كان وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق أعرب عن تفاؤله برفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين الخرطوم وواشنطن، معتبراً أن تعيين السفير الأمريكي لدى السودان يعد "نقطة تحول كبيرة" في العلاقات بين البلدين.
وقال علي الصادق في تصريحات إعلامية، السفير الأمريكي الجديد في الخرطوم يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في وصول الأطراف السودانية للانتقال الديمقراطي، وصولاً للانتخابات.
وتابع "نؤكد التزامنا بالعمل مع جميع الأطراف، من أجل تسهيل الوصول إلى حل يفضي لعودة الحكومة المدنية إلى السلطة، وتلبية تطلعات الشعب السوداني".
يذكر أن "قوى الحرية والتغيير - التوافق الوطني" كانت قد وقعت الشهر الماضي إعلانا سياسيا للحكم المدني الديمقراطي، بعد فترة من التفاوض استمرت أسابيع.
الوثيقة المعنونة بـ"الإعلان السياسي للتحول الديمقراطي" تنص على مشاركة الجيش السوداني في السلطة الانتقالية، مع اعتماد الإعلان الدستوري لعام 2019 كأساس دستوري للحكم.