السودان بأسبوع.. انقلاب فاشل وتوافق ينسف مخطط التخريب القطري
رغم اختلاف حيثيات مؤامرات قطر وانقلاب الإخوان البائد لكنهما يلتقيان عند هدف مشترك يتمثل في جر السودان إلى دوامة الحرب والفوضى
سيطرت المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قام بها تنظيم الإخوان البائد في السودان ومخططات قطر لنسف التوافق بين المكونات السودانية على تفاصيل المشهد السياسي في البلاد خلال الأسبوع المنقضي.
ورغم اختلاف حيثيات مؤامرات قطر وانقلاب الإخوان البائد، لكنهما يلتقيان وفق مراقبين عند هدف مشترك يتمثل في جر السودان إلى دوامة الحرب والفوضى؛ ليتسنى لتنظيم الحركة الإسلامية السياسية المعزول، العودة إلى سدة الحكم مجددا.
ولكن في مصادفة متناهية خابت معها تطلعات تنظيم "الحمدين" الحاكم في قطر، تمكن السودانيون من إجهاض مخططات الإخوان في جانبها الانقلابي والآخر الذي يسعى لوقف عمليات الوفاق السياسي بين المكونات المعارضة والمجلس العسكري الانتقالي.
وبعد ساعات محدودة من إعلان المجلس العسكري الانتقالي إحباط رابع محاولة انقلابية دبرها ضباط ينتمون للحركة الإسلامية السياسية، اتفقت قوى الحرية والتغيير مع الجبهة الثورية على ميثاق سياسي لتحقيق السلام ووقف الحرب، رغم سعي قطر لنسف تقارب الطرفين مستخدمة مخلبها رئيس حركة العدل والمساواة الإخواني جبريل إبراهيم.
وفي منتصف الأسبوع الماضي، تمكنت السلطات الإثيوبية من إحباط المخطط القطري الخبيث لضرب التوافق السوداني بعد أن رصدت لقاءً ضم جبريل إبراهيم وعناصر مخابرات قطرية على مائدة عشاء بسفارة الدوحة في أديس أبابا.
ويرى مراقبون للمشهد في السودان أن استدعاء السلطات الإثيوبية للإخواني جبريل إبراهيم والتحقيق معه وإعطاءه تحذيرات شديدة اللهجة أسهم في اكتمال التوافق بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة ومكونات سياسية مدنية.
"مؤامرات" تكسر جمود التفاوض
المؤامرات الإخوانية رغم سوءتها، ينظر إليها محللون سياسيون كمحمدة ربما تعجل بإكمال التوافق السياسي في السودان؛ لكون جميع المكونات باتت على قناعة بضرورة التسوية وقطع الطريق أمام مخططات الإخوان.
أستاذ العلوم السياسية إبراهيم كباشي، أبدى تفاؤله بإنجاز الاتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير خلال الأسبوع المقبل نتيجة لما حدث من متغيرات.
وقال كباشي لـ"العين الإخبارية": "إنه لا مجال لأن يستمر المجلس العسكري وقوى التغيير على استراتيجية التفاوض السابقة بعد أن برزت مخططات الإخوان للانقضاض على الثورة".
وأضاف: "الإسراع في إكمال الاتفاق وتشكيل الحكومة الانتقالية يمثل أكثر الحلول نجاعة في وقف أطماع الحركة الإسلامية في العودة للسلطة، لذلك فإن الأسبوع المقبل سيشهد اتفاقا".
وبعد توقف لأكثر من أسبوعين، ينتظر أن تستأنف محادثات المجلس العسكري والحرية والتغيير حول وثيقة الاتفاق الثانية "الإعلان الدستوري" بعد أن وقع الطرفان الوثيقة الأولى "الإعلان السياسي" الخاصة بهياكل السلطة الانتقالية.
وهي الجولة التي يتفاءل السودانيون بنجاحها، وإكمال عملية الوفاق السياسي من أجل نسف مخططات الإخوان وحلفهم الإقليمي القطري التركي.
اعتقالات تفتك بالإخوان
على خلفية المحاولة الانقلابية الفاشلة، نفذت السلطات السودانية اعتقالات واسعة وسط عناصر الحركة الإسلامية السياسية عدها مراقبون كسر شوكة للإخوان.
وشملت الاعتقالات إلى جانب رئيس الأركان هاشم عبدالمطلب وقائد سلاح المدرعات كلا من نائب البشير السابق بكري حسن صالح، وأمين الحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن، ومدير مليشيا الأمن الشعبي كمال عبداللطيف، ومدير التصنيع الحربي محمد الحسن عبدالله وشقيقه أسامة عبدالله.
واعتقلت السلطات أيضًا الإخواني أسامة توفيق ورئيس اتحاد الصحفيين الموالي للنظام البائد الصادق الرزيقي قبل أن يتم إطلاق سراحه الخميس.
وقال المحلل السياسي عبدالناصر الحاج: "إن الاعتقالات ستشل الإخوان تماما وتهزم جميع مخططاتهم التخريبية".
وأضاف الحاج لـ"العين الإخبارية" أن خطوة الاعتقالات لرموز الحركة الإسلامية السياسية رغم تأخرها لكن ستضع البلاد على المسار الصحيح.
ودعا إلى "ضرورة توقيف كل الإخوان الفاعلين لضمان تحقيق الأمن والاستقرار في السودان".
جبهة إخوانية لتغذية الإرهاب
ضمن مخططاته التخريبية، يمضي تنظيم الحمدين الحاكم بقطر في تشكيل "جبهة إخوانية" جديدة لتحل مكان الحركة الإسلامية السياسية التي عزلها السودانيون بانتفاضة شعبية أيدتها القوات المسلحة.
ويقضي المخطط الذي انكشفت تفاصيله الأسبوع الماضي، بدمج الأحزاب السودانية ذات الخلفيات الإخوانية في جبهة عريضة على أن تحمل اسما ليس له أي دلالات "إسلامية" بغرض تمويه الرأي العام المحلي والحصول على تأييد منه.
والأحزاب السودانية، التي تقود المخطط القطري هي "المؤتمر الشعبي" الذي أسسه الراحل حسن الترابي، مؤسس الحركة الإسلامية السياسية، وحزب حركة الإصلاح الآن بقيادة الإخواني غازي صالح الدين، ومنبر السلام العادل الذي يتزعمه خال الرئيس المعزول الطيب مصطفى.
كما يشمل المخطط ما يسمى بتيار الشريعة والقانون الذي يقوده الإخواني المؤيد لداعش محمد علي الجزولي والمتطرف عبدالحي يوسف وقوى سياسية أخرى كانت متحالفة مع نظام عمر البشير.
وأشارت مصادر إلى أن المخطط القطري الذي بدأ منذ سقوط البشير في 11 أبريل/نيسان الماضي شارف على نهايته وأن الجبهة الإخوانية ستعلن قريبا.
وطبقا للمعلومات فإن اجتماعا تم قبل أسبوعين في إحدى بنايات الحركة الإسلامية السياسية بالعاصمة الخرطوم ضم نحو 1500 من منسوبي نظام المؤتمر الوطني الإخواني، وتوافقوا على تغيير مسمى حزبهم ضمن التوجه الجديد، كما ناقشوا مخطط الاندماج القطري.
ويرى مراقبون أن التحالف الإخواني الذي تسعى إليه قطر سيكون على غرار ما في تونس بإعطائه اسما ليس ذي صلة بالحركة الإسلامية السياسية بغرض التمويه وخداع الرأي العام السوداني والحصول على مؤيدين.
لكن هذا الشيء عصي التحقق، حيث يؤكد مراقبون أن الذاكرة السودانية تحفظ تماما رموز الإخوان ومعاونيهم في الحكم خلال 3 عقود ماضية، ولا يمكن أن تنطلي عليهم أي خدعة جديدة.
ومنذ سقوط البشير، ظلت قطر في حالة تخبط سياسي ودبلوماسي من أجل استعادة نفوذها في السودان، ولكن إلى الآن تواجه تحركاتها فشلا ذريعا.