ما فعله "الكيزان" يضع الشعب السوداني أمام خيار "الصبر ثم الصبر" على الفترة الانتقالية التي حددتها الوثيقة الدستورية "بــ3 سنوات"
الشفافية والصراحة والحرية والمساواة عملات نادرة الوجود في عصرنا الحالي، لذا عندما تضع الدول هذه المعايير ضمن منظومتها السياسية والاقتصادية وتقوم بمحاسبة كل من يتسلط على قوانينها وسيادتها ودستورها ومبادئها الثابتة في المواثيق والقوانين والتشريعات والبروتوكولات الدولية، فهي ترسخ مفاهيم عظيمة لدى السياسيين والاقتصاديين وغيرهم من يعمل في خدم الشعب، وترسل رسائل واضحة لكل من يتولى منصب في الدولة.
لذا لابد أن نوجه رسالة واضحة إلى المسؤولين في وطننا السودان أنه لا بد من النظر إلى التجارب السابقة وفشلها في إدارة شؤون البلاد وإهمالها على حساب مصالحهم الشخصية وانتمائهم السياسي والحزبي، والدليل على ذلك أننا لم نشهد محاسبة أي وزير شابه شبهات فساد ولا معاقبة أي مسؤول لسواء استخدام السلطة أو غيرها من التجاوزات الكثيرة في عهد "الإخوان" مما ساعد على انتشار الفساد والمحسوبية والانهيار الاقتصادي والأخلاقي في كل وزارات ومؤسسات الدولة.
إذا عملنا بمبدأ المحاسبة والوضوح والشفافية لن نعاني من الفساد ولا المحسوبية ولا هدر الأموال في غير موضعها، وسوف نحظى برأي عام واع ومستنير يسهم في دعم التنمية والتطوير.
شهدنا ونشهد في بعض البلدان رؤساء ووزراء ومسؤولين قاموا بتعديل القوانين والتشريعات بما يتماشى مع مصالحهم الشخصية وغاياتهم وسياساتهم الحزبية، بل اتجه البعض منهم لأبعد من ذلك، حيث قاموا بتعديل بعض بنود "دستور البلد" وبعض القوانين والتشريعات لتتماشى مع ما يسعون إليه أو ما يخدم ويحقق مصالحهم.
وما فعله "الكيزان" يضع الشعب السوداني أمام خيار "الصبر ثم الصبر" على الفترة الانتقالية التي حددتها الوثيقة الدستورية "بــ3 سنوات" لأن الفساد والانهيار الاقتصادي اللذين خلفهما نظام "الإنقاذ" تعمقت في جذور السلطة بالسودان، لذا استئصالها يحتاج وقتا وصبرا وحنكة في التعامل مع تركة "النظام البائد" الثقيلة والمهترئة والتي أوصلت السودان لما هو عليه الآن، وكما نقول بالعامية "نلوك القرض" حتى ينصلح الحال.
إن محاسبة كل من يحاول تغيير القوانين والتحايل على التشريعات ويمارس الفساد في كل منصب يتولاه سواء كان رئيسا أو وزيرا أو مسؤولا أو موظفا في أي جهة، واجب على الجهات القضائية والرقابية والمحاسبية.
كما أن من يتولى منصب هو "موظف" يحتكم للدستور والقوانين والتشريعات التي تضعها الدولة، ويجب عليه تطبيقها كما هي دون تعديل أو تغيير في مضامينها لخدمة أيديولوجياته الحزبية والسياسية، أن السلطة التي تعطى لوزير أو مسؤول لا تعطيه الحق في التعالي على الشعب أو هدر أموال الدولة، بل يجب عليه العمل على توجيه هذه الأموال لتحقيق نهضة حقيقية تسهم في خدمة المواطن وترفع من شأنه وتحسن معاشه وحياته اليومية.
من خلال نشر الوعي السياسي وتعريف الرأي العام بمجريات الأحداث نساهم في منع كل أنواع الفساد في كل المناصب، وننشر الوعي بين أفراد المجتمع وتعريفهم بحقوقهم القانونية والتشريعية، ونخلق فكر مستنير يخدم مصالح الوطن قبل المصالح الحزبية أو الانتماء السياسي، ويرسخ الوطنية في روح الشباب وندفع بوطننا إلى الأمام.
وإذا عملنا بمبدأ المحاسبة والوضوح والشفافية لن نعاني من الفساد ولا المحسوبية ولا هدر الأموال في غير موضعها، وسوف نحظى برأي عام واعيا ومستنير يسهم في دعم التنمية والتطوير ونتقدم في كل مناحي الحياة ونحقق رفاهية المواطن وعلو شأن الوطن، وتصبح لدينا خدمات مميزة في كل مجالات الخدمة الحكومية والخاصة وذلك من خلال تحقيق مبدأ "المحاسبة والعقاب".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة