"الحلو مر" السوداني.. مشروب رمضاني لم يتغير طعمه
لعقود مضت ظلّ مشروب "الحلو مر" المحلي يسيطر على الموائد الرمضانية في السودان وهو يحتفظ بذات الطعم المألوف.
واستعصى "الحلو مر" أو "الآبري" كما يجري تسميته أيضاً، على أمواج الحداثة التي جرّفت كثيراً من التقاليد المتوارثة في هذا البلد مترامي الأطراف.
ويمتاز "الآبري" بنكهة رائعة فهو يًصنع من الذرة ويضاف إليه كثير من التوابل التي تمنحه مذاقاً خاصاً.
ويساعد هذا المشروب في عملية الهضم، الأمر الذي جعله يحجز مكاناً مميزاً على المائدة الرمضانية في البيوت السودانية.
ويرجع سودانيون تفضيل هذا المشروب المحلي لقدرته العالية على دفع العطش سريعاً، إلى جانب قيمته الغذائية العالية، حيث يُصنَع من الذرة ومكونات طبيعية خالصة.
ولا يُعرف على وجه الدقة تاريخ محدد لصناعة المشروب المتوارث عبر الأجيال في السودان، فالبعض يرجع بداية صناعته إلى إقليم النيل الأزرق، وآخرون يقولون إن امرأة في شمال السودان هي مَن بدأ إعداده.
وتقول السودانية مناهل عبدالله إنَّ طريقة عمل "الآبري" تتسم بنوع من التعقيد الذي يحتاج إلى مهارات خاصة، فهو خليط من دقيق الذرة "الدخن أو الفتريتة" المخمرة والبهارات وبعض الأعشاب، كما يحتاج إلى كميات كبيرة من السكر للوصول إلى مذاقه المطلوب.
وتضيف مناهل لـ"العين الإخبارية": "تجهيز مشروب (الحلو مر) أمر شاق يبدأ بوضع الذرة في جوالات الخيش ورشها بالماء لمدة أسبوع، بعدها تُنظَّف من الزرع الذي نبت منها، ثم يتم تعريضها لأشعة الشمس حتى تجف، قبل أن يُطحن ويُطبخ على النار فيما يعرف محلياً بالعواسة".
وعندما يحل شهر رمضان تُنقع "كسرات الحلو مر" في ماء وتُصفّى مع إضافة السكر والثلج حتى يصل إلى مرحلته النهائية.
وبسبب الصناعة المعقدة لمشروب "الحلو مُر" فإن امرأة واحدة لا تستطيع صناعته، ودرجت النسوة في المجمعات السكنية على التجمع كل يوم عند واحدة منهن لمساعدتها في تجهيز "الآبري"، وذلك قبل حلول شهر رمضان بوقت كاف.
ويقول أحمد أبو قرين (25 عاماً) إن مائدتهم الرمضانية لم تخل يوماً من مشروب "الآبري" الذي أصبح تقليداً ثابتاً.
ويضيف أبو قرين لـ"العين الإخبارية": "المرأة التي لا تصنع (الآبري) في رمضان يوبخها زوجها لدرجة قد تدفعه للانفصال عنها".