شندي وأم درمان تشتعلان والفاشر على الأبواب.. معارك السودان لم تخمد
مع غياب الحل السلمي في أروقة التفاوض، بات الصوت الأعلى للأسلحة الثقيلة والخفيفة، فيما أصبح المدنيون بين فكي الخوف والذعر الذي تملك منهم.
جبهات باتت مشتعلة بنيران البنادق وقذائف الدبابات، مما أسفر عن ازدياد موجات الموت والإصابات وتفاقم الأوضاع الإنسانية.
من بين تلك الجبهات المشتعلة تلك التي نشب فيها قتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في مدينة شندي شمالي السودان، بحسب مصادر عسكرية لـ«العين الإخبارية»، أكدت أن الأخيرة «استهدفت منشآت حيوية واستراتيجية في المدينة بطائرات مسيرة».
وطبقا للمصادر العسكرية، فإن المضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني، «تصدت للطائرات المسيرة دون وقوع خسائر في الأرواح».
على الجانب الآخر، تسببت تلك الجبهة المشتعلة، وتحليق الطائرات في سماء المنطقة وسماع أصوات المضادات الأرضية، في بث الخوف والذعر بين سكان المدينة، بحسب شهود عيان تحدثوا لـ«العين الإخبارية».
أم درمان.. جبهة مشتعلة أخرى
وإلى أم درمان «التي لم تكن بعيدة عن قذائف وصواريخ قوات الدعم السريع»، بحسب مصادر عسكرية وطبية تحدثت لـ«العين الإخبارية»، مشيرة إلى أن القصف العشوائي تسبب في وقوع إصابات في صفوف المدنيين، بمحلية كرري شمالي المدينة.
ولم تتلق «العين الإخبارية»، تعليقا فوريا من قوات «الدعم السريع» حول أسباب أو ملابسات، القتال في مدينة شندي ومحلية كرري.
ومع تصاعد وتيرة العنف، ذكر ناشطون، اليوم الخميس، أن «12 شخصا على الأقل قتلوا إثر قصف بطائرة مسيرة تابعة للجيش السوداني استهدفت سوقا في منطقة الجيلي، شمالي العاصمة الخرطوم».
جدير بالذكر أن منطقة الجيلي ومصفاة النفط تخضع لسيطرة قوات «الدعم السريع» منذ بدء القتال في منتصف أبريل/نيسان 2023، حيث تُعتبر المنشأة الاستراتيجية واحدة من المواقع التي تشارك قوات الدعم السريع في تأمينها، واستولت عليها مع بداية القتال.
وخلال الأشهر الأخيرة، كثف الجيش السوداني عملياته القتالية لاستعادة السيطرة على المصفاة، إذ تعرضت لعمليات قصف وتدمير وحرائق تبادل الطرفان الاتهامات بشأن المسؤولية عنها.
وأوضح بيان صادر عن لجان مقاومة بحري (نشطاء) اطلعت عليه «العين الإخبارية»، أن “الريف الشمالي لمدينة بحري «استيقظ على وقع مجزرة جديدة نفذتها الطائرات المسيرة التابعة للجيش السوداني في سوق الجيلي الكبير، راح ضحيتها 12 مواطنا».
وأدان البيان معاملة الجيش السوداني للمواطنين الذين يقيمون في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وطالب بـ«الكف عن استهداف الأسواق التي أصبحت الملاذ الأخير للمواطنين لكسب العيش».
وأضاف: «نذكر الجيش السوداني بواجبه العسكري والدستوري الأول في حماية الأرواح والممتلكات، وإلا فلا فرق بينه وبين الطرف الآخر في ارتكاب الجرائم بحق الشعب».
ولم تتلق «العين الإخبارية» تعليقا من الجيش السوداني حول أسباب وملابسات القتال في مدينة الجيلي شمالي مدينة بحري.
احتشاد عسكري
وأبلغت مصادر عسكرية «العين الإخبارية»، أن قوات «الدعم السريع» حشدت الآلاف لاقتحام مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
ووفق المصادر العسكرية، فإن الجيش والقوات المشتركة، حشدت قواتهما أيضا لحماية المدينة من التوغل والاقتحام من قوات «الدعم السريع».
ودعا البيان المجتمع الدولي لاتخاذ موقف واضح وصارم تجاه هذه الانتهاكات، ووضع حد لها بعد أن أبدى الطرفان عدم جديتهما في حماية المدنيين.
دور فاعل
في الأثناء، أكد عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للقوات المسلحة، إبراهيم جابر، الخميس، حرص السودان على بناء علاقات وخلق شراكة متميزة مع الأمم المتحدة.
وشدد جابر لدى لقائه نائب الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، بحضور مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان رمطان لعمامرة، على أهمية أن تلعب الأمم المتحدة دورا فعالا من أجل تجاوز الأزمة في السودان، وفق بيان صادر عن مجلس السيادة اطلعت عليه «العين الإخبارية».
وأكد استعداد الحكومة لتقديم كافة التسهيلات لوكالات الأمم المتحدة والعاملين في الشأن الإنساني من أجل تقديم المساعدات الإنسانية للمتأثرين بالحرب في الداخل والخارج.
وتطرق اللقاء إلى مجمل الأوضاع التي تشهدها البلاد بالتركيز على الأوضاع الإنسانية والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب السوداني.
محادثات جنيف
والجمعة الماضية، انتهت محادثات بشأن السودان في سويسرا، غاب عنها الجيش، من دون اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن الطرفين المتحاربين التزما بضمان الوصول الآمن ومن دون عوائق للمساعدات الإنسانية عبر ممرين رئيسيين.
وسبق لطرفي النزاع إجراء جولات من المباحثات في مدينة جدة السعودية تم الاتفاق خلالها على احترام المبادئ الإنسانية والسماح بدخول المساعدات التي تشتد الحاجة إليها، من دون التمكن من تحقيق خرق جدي أو الاتفاق على وقف مستدام للنار.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات الدعم السريع، حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.