هذا الاتفاق بلا شك يضاف إلى رصيد إثيوبيا وإلى مساعي رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد"؛ لاستعادة دور إثيوبيا الإقليمي في القرن الأفريقي.
لا شك أن توقيع الاتفاق السياسي في السودان بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير والذي تعد أهم أبرز بنوده: تشكيل مجلس سيادي، وتشكيل حكومة كفاءات، هي خطوة نحو طريق تحقيق الاستقرار في السودان، بل يقطع الطريق أمام رعاة الفوضى وأي محاولات لجر السودان إلى طريق الفوضى لتحقيق مكاسب وأهداف سياسية، بخاصة الدول التي لا وجود لها في مستقبل السودان.
بلا شك أن المحطة الفارقة في تاريخ السودان بإسقاط نظام البشير لا تقف عند حدود الداخل السوداني بل التغيير سيطال علاقات السودان الخارجية، وبالتالي نجد أن التغيير في السودان أثار قلق "المحور التركي–القطري"، والذي اتضح من خلال المطالبات الداخلية في السودان بمراجعة "اتفاقية جزيرة سواكن"، ما يهدد الوجود التركي في السودان.
إن الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير كان صفعة للنظام القطري الذي كان يأمل بعدم التوصل لهذا الاتفاق السياسي، وحاول عبر ذراعه الفوضوي "قناة الجزيرة" محاولة جر الشارع السوداني إلى الفوضى والدفع باتجاه تعطيل المفاوضات
ولم يكن الحديث مقتصراً على الداخل السوداني، بل تخطى ذلك إلى الداخل التركي عندما بعث النائب التركي عن حزب الشعب الجمهوري المعارض "إلهامي أورجان إيغو" برسالة إلى مجلس النواب التركي يتحدث عن مصير الاستثمارات التركية في السودان عقب سقوط نظام البشير.
ومن تركيا إلى قطر التي تلقت صفعات عديدة من المجلس العسكري الانتقالي، بدأت برفض المجلس الانتقالي استقبال وفد قطري، لتأتي الصفعة الثانية بإغلاق مكاتب قناة الجزيرة في السودان، لترفع حالة القلق لدى النظام القطري الذي حاول ركوب موجة التغيير في السودان في محاولة لإيجاد موطئ قدم له في مستقبل السودان ولكنه فشل. نتيجة لذلك فمن الواضح أن التغيير في السودان لم يطل البشير ومعه التنظيم الإخواني -الذي سعى هذا التنظيم طوال 30 عاماً للتغلغل في مفاصل حكم البشير- فقط بل سقط معه محور الشر القطري، التركي الذي أصبح لا وجود له في مستقبل السودان.
لقد باتت الدول التي أصبح لا وجود لها في مستقبل السودان تنظر للتغيير في السودان وللمجلس العسكري الانتقالي على أنه يشكل خطراً عليها. ولربما لاحظ المراقب لطريقة تعاطي قناة الجزيرة مع الأوضاع في السودان ما قبل الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، ووجد أنها لا تخفي محاولاتها في إخراج السودان والمظاهرات السلمية التي تحدث في الشارع السوداني من مسارها السلمي إلى العنف والفوضى ومحاولة توظيف " فض اعتصام الخرطوم " في سياق ما ترمي إليه، وهو ما سبق وكشف عنه المجلس العسكري الانتقالي، بأن "قناة الجزيرة تسعى إلى تأليب الشباب وإشعال الفوضى وتعطيل المفاوضات ".
إن الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير كان صفعة للنظام القطري الذي كان يأمل بعدم التوصل لهذا الاتفاق السياسي، وحاول عبر ذراعه الفوضوي "قناة الجزيرة" محاولة جر الشارع السوداني إلى الفوضى والدفع باتجاه تعطيل المفاوضات في محاولة تأمل قطر عبرها الوصول بالعلاقة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلى مرحلة " اللاعودة" ليتسنى لها القفز على الأحداث في السودان والتأثير في عملية صنع القرار.
بالعودة إلى الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير والذي ساهمت الوساطة الإثيوبية في الوصول إليه، نجد أن هذا الاتفاق بلا شك يضاف إلى رصيد إثيوبيا وإلى مساعي رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" لاستعادة دور إثيوبيا الإقليمي في القرن الأفريقي.
ومن جهة أخرى، فإلى جانب هذا الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بجانب الوساطة الإثيوبية، كان هناك دور للاتحاد الأفريقي لعب دورا فاعلا في التوصل إليه، وهو ما يصب في مصلحة دور المنظومة الأفريقية التي أثبتت فاعليها وقدرتها على التحرك بسرعة لاحتواء الأزمات الأفريقية والتخفيف من حدتها، والحيلولة دون تفجرها.
بجانب الدور السياسي لإثيوبيا والاتحاد الأفريقي في الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير، وبجانب الدعم المصري، يأتي دور السعودية والإمارات والتي ساهمت في الحفاظ على أمن واستقرار السودان، عبر تحقيق الاستقرار الاقتصادي السوداني الذي يعد مطلبا رئيسيا لتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، إذ سارعت الرياض بتقديم حزمة من المساعدات المشتركة إلى جانب أبوظبي بقيمة إجمالها مبلغ 3 مليارات دولار، منها 500 مليون دولار كوديعة للبنك المركزي السوداني لتقوية مركزه المالي. ومن هنا فقد توضح أن تحقيق الاستقرار في السودان والتوصل إلى اتفاق سياسي بين المجلس العسكري وقوى التغيير كان نتاج جهود سياسية واقتصادية عربية وأفريقية، نجحت في الحفاظ على الاستقرار السوداني وقطعت الطريق أمام رعاة الفوضى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة