البرلمان السوداني.. أزمة تشكيل ومهام مؤجلة
شكلت الوثيقة الدستورية عماد الفترة الانتقالية في السودان، ورغم تحقيق كثير من بنودها لا يزال تشكيل المجلس التشريعي غائباً حتى الآن.
فبموجب الاتفاقية الموقعة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، تم التوافق على أن تشمل هياكل الحكم الانتقالي مجالس السيادة والوزراء والتشريعي.
لكن مضى أكثر من عام على توقيع الوثيقة ولم يتم تشكيل المجلس التشريعي، حتى الآن، ما أسهم في تعقيد الأوضاع وإرباك المشهد السياسي السوداني، وتباينت وجهات النظر بين مجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير - الحاضنة السياسية للحكومة - خاصة أن مهام المجلس مراقبة أداء الوزراء وسن القوانين والتشريعات.
والأيام الماضية، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، اجتماعات مكثفة للاتفاق على نسب المجلس التشريعي بين الحاضنة السياسية (الحرية والتغيير) وأطراف العملية السلمية (الجبهة الثورية) التي انضمت مؤخرا للمشهد عبر توقيع اتفاق يجعلها إحدى ركائز الفترة الانتقالية، وبالتالي شراكة في كل مؤسسات الحكم.
قيادات سياسية بدورها طالبت بضرورة الإسراع في تكوين المجلس التشريعي، الذي يعمل على مراقبة أداء الحكومة، بجانب سن القوانين والتشريعات التي تضمن استقرار الفترة الانتقالية، معتبرة التأجيل ارتبط بظروف معينة في ذاك الوقت لكنها انتفت الآن.
بدوره، قال القيادي بقوى الحرية والتغيير ساطع الحاج إنه منذ بداية التفاوض مع المكون العسكري تم الاتفاق على تأخير التشكيل لمدة 90 يوما تحسب من 17 أغسطس/آب 2019، وهو تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية التي حددت المادة (25/ 3) أن يملأ الفراغ بواسطة اجتماع مشترك ما بين مجلسي السيادة والوزراء.
وأضاف ساطع لـ"العين الإخبارية": "عندما شرعت الحكومة وقوى الحرية والتغيير في عملية تكوين المجلس قبل توقيع السلام اعترضت الجبهة الثورية على ذلك باعتبار عدم تمثيل مكوناتها، خاصة أنه لن يغطي كل أركان السودان أو كل القوى السياسية الفاعلة".
وتابع: "بالتالي تم التأجيل حيث حسم أخيرا بإعطاء أطراف العملية السلمية 75 مقعدا من مقاعد البرلمان المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية البالغة 300 مقعد".
ونصت الوثيقة الدستورية كذلك على تشكيل المجلس التشريعي (البرلمان) ليباشر مهامه خلال فترة لا تتجاوز 90 يوما من تاريخ التوقيع بعضوية (300) برلماني، لكن مر أكثر من عام ولم يتحقق شيئا.
وبحسب الخاج فقد أزيلت جميع العقبات من أمام تكوين المجلس التشريعي، منبهًا إلى نص المادة المعدلة (80) من الوثيقة بإنشاء مجلس جديد يسمى (مجلس الشركاء).
ويتشكل مجلس الشركاء من الجبهة الثورية، والمكون العسكري، والحرية والتغيير، ورئيس الوزراء، ويحظى بصلاحيات واسعة.
والبرلمان السوداني المزمع سلطة تشريعية مستقلة لا يجوز حلها ولا تتجاوز عضويته 300 عضو على أن يراعى تمثيل كافة القوى المشاركة في التغيير باستثناء أعضاء المؤتمر الوطني والقوى السياسية التي شاركت في النظام البائد حتى سقوطه.
أما الناطق باسم حزب المؤتمر السوداني نور الدين بابكر فاعتبر أن البرلمان يمثل أحد أضلاع مؤسسات الحكم الانتقالي، مضيفا: "السلطة المطلقة مفسدة".
وقال بابكر لـ"العين الإخبارية" إن مهام المجلس التشريع والتقييم والمراقبة وجميعها ظلت غائبة بسبب عدم قيامه، ومن ثم فإن خطوات الحكومة تظل قاصرة ومنتقصة، فالدور الذي يمكن أن يلعبه البرلمان هو تحسين أداء الوزارات وتوسيع قاعدة المشاركة سياسياً وثقافياً وحتى جغرافياً.
وأشار إلى حدوث تقدم كبير في الاتفاق حول النسب بعد توقيع سلام جوبا؛ حيث خصص (165) مقعدا لصالح قوى الحرية والتغيير توزع بين المناطق الجغرافية والكتل السياسية، أما نصيب الجبهة الثورية (٧٥) مقعداً، بينما (٦٠) مقعداً بالتشاور بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري لتوسيع دائرة المشاركة.
وتوقع بابكر أن يمثل المجلس كل السودان ليكون بمثابة رافعة حقيقية لأداء الحكومة لقيامه بدور التشريع والتقويم والمراقبة تحقيقاً والتزاماً بمهام الفترة الانتقالية.
أما مقرر المجلس القيادي بالجبهة الثورية الدكتور محمد زكريا فأكد أن البرلمان يمثل أولوية قصوى للجبهة الثورية بتأسيسه تشكل الأطراف جسدا رقابيا يسهم في تعزيز الفترة الانتقالية.
ومضى في حديثه: "الوثيقة الدستورية تناولت موضوع المجلس التشريعي، وأعطت صلاحيات التشريع لمجلسي السيادة والوزراء، وبالتالي عملت هذه الأطراف على إجازة القوانين والتشريعات اللازمة، خاصة اتفاقية السلام والوثيقة الدستورية".
يشار إلى أن أبرز اختصاصات المجلس التشريعي تتمثل في سن القوانين والتشريعات، ومراقبة أداء مجلس الوزراء ومساءلته، وإجازة الموازنة العامة للدولة، والمصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات.
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4yOCA= جزيرة ام اند امز