السودان بأسبوع.. سند أوروبي يعيد الأمل و"الإخوان" تحتضر
السودان شهد الأسبوع الماضي تطبيعا دوليا مع الاتحاد الأوروبي واستمرار اجتثاث الإخوان من مؤسسات الدولة ومساعي لرفع العقوبات الأمريكية.
شكلت زيارة رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك إلى بروكسل وعقده مباحثات رفيعة المستوى مع قادة الاتحاد الأوروبي، حدثاً متفرداً خلال الأسبوع الماضي، ونالت اهتمام الرأي العام المحلي والإقليمي من واقع النتائج التي حققتها.
- اتجاه لتأجيل المفاوضات المباشرة بين فرقاء السودان في جوبا
- حميدتي يطالب برفع العقوبات الأممية عن السودان
زيارة حمدوك التي أنعشت آمال السودانيين بالتطبيع مع الاتحاد الأوروبي والعالم، وفق مراقبين، صاحبتها إجراءات داخلية، قضت بمزيد من التضييق على نظام الإخوان البائد، بحيث استمرت الحكومة في اجتثاث عناصره المتغلغلة في مؤسسات الدولة، وفتحت جرائمه الكبرى كانقلاب 1989 ومجزرة 28 رمضان، وهو ما جعل التنظيم الإرهابي يحتضر للتلاشي.
كما فتحت زيارة المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، دونالد بوث، ورئيسة لجنة الأمم المتحدة للعقوبات على السودان، إلى الخرطوم، الأسبوع الماضي، الباب أمام إنهاء العقوبات وتطبيع العلاقات مع واشنطن، بعد إزالة البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
مكاسب سياسية واقتصادية
لأول مرة منذ سنوات تم رفع العلم السوداني أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الأسبوع المنقضي، وذلك احتفالاً بزيارة حمدوك، الأمر الذي وجد احتفاءً من جانب السودانيين الذين ظلوا يدفعون ثمن العزلة الدولية لعهود ماضية، نتيجة الممارسات الإرهابية لتنظيم الإخوان البائد.
زيارة حمدوك التاريخية لبروكسل، جاءت استجابة لدعوة من الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية نائب رئيس المفوضية، فيدريكا موجيريني، بهدف بحث الأوضاع في السودان وكيفية دعم الفترة الانتقالية.
وحصدت الزيارة دعماً مالياً بقيمة 55 مليون يورو كمساعدات للمناطق المتأثرة بالنزاعات، بجانب دعم سياسي مماثل لجهود إزالة الخرطوم من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وتحقيق السلام، وإسناد الحكومة الانتقالية لتتجاوز التحديات.
وأجرى حمدوك محادثات رفيعة المستوى في بروكسل شملت موجيريني ولقاء وزراء الخارجية، كما خاطب البرلمان الأوروبي وأجاب عن استفسارات مفصلية بشأن سياسة حكومته وما تواجهه من عقبات.
وعن هذه الزيارة، أشاد السفير المتقاعد بوزارة الخارجية السودانية، الطريفي أحمد كرمنو، بالنتائج الإيجابية الكبيرة التي حققتها زيارة حمدوك للاتحاد الأوروبي، حيث فتحت آفاقاً جديدة للتعاون، وجلبت دعم منظمة اليورو للسودان في قضايا ملحة.
وقال إنه للمرة الأولى يشارك السودان في اجتماع عالي المستوى بالاتحاد الأوروبي بهذا الحجم بعد غياب سنوات، وهو ما ينعش الآمال بعودة البلاد إلى البيت العالمي والتطبيع مع المجتمع الدولي.
وأضاف كرمنو لـ"العين الإخبارية": "زيارة حمدوك إلى بروكسل كانت ناجحة، وحصدت دعماً مالياً مقدراً ووعوداً بمزيد من المساعدات لتحسين الاقتصاد السوداني، بجانب وعود مماثلة، بالمساعدة على رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب ودفع عملية السلام في البلاد".
وتابع: "هناك متغيرات كبيرة في السودان حيث لم يعد هناك إرهاب في البلاد بعد سقوط النظام السابق، ونتطلع لمساعدة الاتحاد الأوروبي في هذا الجانب، حتى تتمكن بلادنا من الاندماج في الاقتصاد العالمي؛ حيث لا تزال المؤسسات المالية الكبرى في العالم تتعامل معنا بحذر".
مواصة اجتثاث الإخوان
كما شهد الأسبوع الماضي استثمرار اجتثاث الإخوان، ما جعل هذا التنظيم الإرهابي يحتضر في السودان، حيث أصدرت النيابة السودانية أوامر بالقبض على قادة انقلاب الرئيس المعزول عمر البشير، ومضى رئيس الوزراء في اجتثاث الإخوان من مؤسسات الدولة.
وجاءت أوامر النيابة بعد بلاغ قدمه محامون سودانيون بينهم السياسي والقانوني الضليع الراحل علي محمود حسنين، في شهر مايو/أيار الماضي، ضد قادة انقلاب الإخوان 1989، بتهمة تقويض السلطة الشرعية الديمقراطية برئاسة زعيم حزب الأمة الحالي الصادق المهدي.
وقال منسق اللجنة الإعلامية بتحالف قوى الحرية والتغيير، محمد حسن عربي، في تصريح صحفي، الثلاثاء الماضي، إن النيابة خاطبت سلطات سجن "كوبر" القومي، لتسليم المتهمين الرئيس المعزول ونائبه علي عثمان محمد طه وعوض الجاز، للتحري معهم بشأن الانقلاب.
وأضاف أن النيابة أصدرت أوامر قبض في مواجهة كل أعضاء مجلس قيادة الانقلاب من العسكريين الأحياء، ومن المدنيين صدرت أوامر قبض بحق كل من الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي (إحدى الواجهات السياسية للإخوان)، علي الحاج محمد وإبراهيم السنوسي زميله في الحزب نفسه، ولم يتم توقيفهم حتى الآن.
وأشار إلى أن النيابة الجنائية أمرت بحظر سفر كل المتهمين في بلاغ الانقلاب.
وقال عربي إن النيابة قبضت على يوسف عبدالفتاح، أحد مدبري الانقلاب المعني، وأودعته سجن كوبر القومي.
بينما شملت إجراءات اجثتاث الإرهاب، الإخواني صلاح حسن أحمد، الذي أقاله رئيس الوزراء من منصبه كمدير عام للبنك الزراعي المملوك للدولة.
وأشار تعميم صادر من مجلس الوزراء السوداني، الخميس، إلى أن إعفاء الإخواني صلاح حسن أحمد، جاء بناءً على توصية من وزير المالية والتخطيط الاقتصادي.
وتعتبر إقالة صلاح حسن أحمد ضمن حملة إعفاءات شملت حتى الآن عشرات العناصر الإخوانية الذين تم إبعادهم من مناصب رفيعة بالخدمة المدنية في السودان.
واعتبر الكتاب الصحفي الزبير سعيد أن الإقالات التي طالت عناصر الإخوان من مؤسسات الدولة، خلال الأسبوع الماضي، تمثل ضربة قوية للدولة العميقة للتنظيم الإرهابي، وينبغي اتباعها بمزيد من الخطوات من هذا النوع.
وقال سعيد لـ"العين الإخبارية": "بلاغ انقلاب 1989 الذي تقوده هيئة اتهام تضم محامين وطنيين، ستلقى بمعظم عناصر الحركة الإسلامية السياسية في السجون، وربما الإعدام، لأنهم يواجهون تهم تقويض النظام الدستوري".
وأضاف: "هذا ما يرغبه المواطن السوداني بالضبط، لأن الثورة الشعبية قامت من أجل تصفية نظام الإخوان، الذي مارس أبشع الجرائم والانتهاكات، ودمر غالبية المرافق الحيوية في البلاد".
مساعٍ لرفع العقوبات
وشهد الأسبوع الماضي أيضاً زيارة المبعوث الأمريكي للسودان دونالد بوث؛ حيث التقى عدداً من المسؤولين السودانيين؛ بينهم رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان ووزيرة الخارجية أسماء محمد عبدالله.
وشكلت الزيارة فرصة للتباحث حول الملفات المشتركة بين الخرطوم وواشنطن، وسبل دفع العلاقات الثنائية وترفيع التمثيل الدبلوماسي؛ حيث لا تزال بعثة واشنطن لدى السودان على مستوى "قائم بالأعمال".
فيما تعهد المبعوث الأمريكي بدعم بلاده للحكومة الانتقالية وجهودها في تحقيق السلام، ووعد بالعمل على رفع الخرطوم من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
وقال إن تفاهمات ومحادثات تجرى حالياً ستحدث نقلة نوعية في العلاقات الثنائية لصالح شعب السودان.
aXA6IDMuMTM4LjEyNS44NiA=
جزيرة ام اند امز