مصرية تتحدى فقدان البصر: هذا سر حصولي على الدكتوراه في الفلسفة
المصرية سهى سعيد قهرت ظروفها الصعبة بالعزيمة والإرادة، وحصلت على شهادة الدكتوراه في علم الفلسفة رغم فقدانها البصر منذ الصغر.
لم تبصر النور يوما في حياتها، فقدانها البصر لم يفقدها الإرادة، بل خلق داخلها قوة خارقة جعلتها تقهر الظروف الصعبة والحياة المظلمة التى تعيشها.. إنها المصرية سهى سعيد جابر السيد، التى اقتحمت طريق العلم وحصلت على الدكتوراه في علم الفلسفة دون مشاهدة واحدة لحروف رسالتها البحثية.
"سهى" صاحبة الـ 28 عاما، والتي نشأت في عروس البحر المتوسط، مدينة الإسكندرية، تكشف خلال حوارها لـ"العين الإخبارية"، رحلة التحدى التى خاضتها في مواجهة فقدان البصر، الذي لم تستسلم له، وواصلت مسيرة التعليم حتى حصلت على الدكتواره في علم الفلسفة.. وإلى نص الحوار.
متى فقدت بصرك؟
منذ أن دخلت إلى الدنيا، فأنا لم أر النور يوما واحدا في حياتي، ولكن هذا جعلني أشعر بأن النور يخرج من القلب والعقل، فوالدتي حدثتني كثيرا في بداية حياتي عن أهمية العلم، وأن فقداني البصر لا ينبغي أن يوقفني أو يعرقلني، وأنه يجب أن يكون دافعا قويا لأصبح صاحبة رسالة علمية، وبالفعل وضعت طموحي أمامي وبدأت في تنفيذه منذ أول يوم التحقت به في مدرسة النور للمكفوفين.
هل كان لتلك المدرسة دور فيما وصلت إليه؟
بالطبع كان لها دور إيجابي بشكل كبير، ودائما كانت تحثني على التفوق والتقدم الدراسي. ومنذ اليوم الأول لدخولي مدرسة النور شعرت بأن حلمي العملي سيتحقق، فهذه المدرسة تحتوي على طاقة إيجابية لم أشعر بها في أي مكان آخر، والمعلمون بها يتعاملون معنا بشكل معنوي مميز يجعلنا متحفزين دائما للدراسة والقراءة والكتابة بشكل صحيح.
كيف تغلبت على صعوبات القراءة والكتابة؟
بطريقة برايل المعروفة للمكفوفين التي تتيح الفرصة أمامنا لكي نقرأ باللمس لمعرفة الحروف، وهذه الطريقة ساعدتني بشكل كبير على تفوقي في الدراسة، وجعلتني أشعر بأهمية العلم في حياتنا، وأصمم على طموحي أكثر يوما تلو الآخر حتى التحقت بجامعة الإسكندرية كلية الآداب قسم فلسفة.
وماذا عن المرحلة الجامعية؟
كانت صعبة مقارنة بالمرحلة المدرسية، بسبب عدم وجود طريقة برايل، ولكن والدتي كان لها دور بارز ومهم في هذه المرحلة، لأنني كنت أحصل على المحاضرات والأبحاث وأحولها إلى طريقة برايل حتى أتمكن من المراجعة ومواصلة مشوار التفوق الذي بدأته منذ التحاقي بمدرسة النور للمكفوفين، ولحبي الشديد لمجال الفلسفة منذ الصغر اخترت الالتحاق بقسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية.
وماذا عن دور الأسرة في حياتك؟
كان لوالدتي الدور الأكبر، خاصة بعد أن قامت في بداية التحاقي بالجامعة بقراءة المحاضرات لي ومساعدتي على فهم المواد الدراسية، فضلا عن دورها خلال مرحلتي بالمدرسة وتأهيلي نفسيا ومعنويا لتمكيني من مواجهة الصعاب وتحدي فقدان البصر، فكانت والدتي تحاول أن تبعدني عن أى شعور سيئ قد يجعلني حزينة.
كيف كنت تخوضين امتحانات الجامعة؟
كنت أخوضها بمساعدة أحد الأشخاص التابعين للجامعة، نظرا لعدم وجود طريقة برايل، فقبل الامتحانات كنت أساعد نفسي، أذاكر المواد بطريقة برايل وعبر مساعدة والدتي، خاصة أنني حولت جميع المواد والمحاضرات والأبحاث العلمية على نفقتي الخاصة إلى الكتابة بطريقة برايل حتى أتمكن من مراجعتها، وعند دخولي الامتحان كان يجلس شخص بجواري يقرأ السؤال وأنا أقول له الإجابة ويكتبها داخل ورقتي، وبفضل الله استطعت اجتياز الصعاب وتمكنت من الحصول على ليسانس الآداب قسم الفلسفة، ومواصلة حلمي وأقدم على رسالة الماجستير، لأحصل بعدها على الدكتوراه.
كيف بدأت التحضير لرسالة الدكتوراه؟
بدأت أقرأ في علم الفلسفة وحقوق الإنسان والطفل والمرأة بشكل أوسع باعتباره محور رسالتي، وبالفعل بدأت أقدم أوراقي للجامعة وأستعد لطريق آخر في حياتي العملية، وحددت عنوان الرسالة بأن يكون "كفالة حقوق الإنسان بين الحرية والمسؤولية"، وفي سنوات قليلة استطعت الحصول على درجة الماجستير، ثم تحقيق الحلم الأكبر وحصولي على الدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وقريبا سأعد كتابا يحمل الرسالة لأطرحه بالأسواق بسعر رمزي حتى أشعر أنني استطعت نشر علمي ومساعدة الآخرين حتى يحصلوا على المعلومات الوفيرة والقيمة التي تتضمنها الرسالة.
ما طموحاتك خلال الفترة المقبلة؟
أطمح لتعييني في مجلس أعضاء التدريس في قسم الفلسفة بكلية الآداب في جامعة الإسكندرية، حتى أكمل مشواري العملي الذي أحببته منذ الصغر، وأستطيع تقديم كل ما في وسعي لخدمة العلم والطلاب، فهدفي في الحياة الآن أن أصبح داخل الكوكبة العلمية بالجامعة، لذا أطالب رئيس الجامع بتنفيذ رغبتي خاصة أنه يعلم كثيرا ما مدى المجهود التى بذلته من أجل الحصول على الدكتوراه والصعوبات التي واجهتني خلال الفترة الماضية.
وماذا عن الحب والزواج؟
أنا لست متزوجة، لكني أتمنى أن أكون أسرة طيبة من زوج يقدرني وأبناء يسعدونني، وأن أروي لهم قصة كفاحي مع العلم، وفي نفس الوقت أعلمهم وأقدم لهم كل العون كما فعلت معي والدتي منذ أن جئت إلى هذه الدنيا وحتى هذه اللحظات التي أعيشها في فرحة وسعادة لحصولي على الدكتوراه رغم فقداني البصر، الذي جعلني فخورة بأنني يوما ما استطعت أن أسعد أسرتي.
aXA6IDMuMTQ3Ljg5LjUwIA==
جزيرة ام اند امز