قصر السلطان علي دينار في السودان.. متحف يروي تاريخ نضال الحاكم الشجاع
يقع قصر السلطان علي دينار في قلب مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، وهو آخر سلاطين سلالة الكيراوية في سلطنة دارفور بالسودان.
توفي دينار منذ نحو قرن، وتحوّل قصره إلى متحف يحوي مقتنيات السلطان الذي حكم الإقليم بين عامي 1891 و1916.
يقول خالد بلال، حفيد السلطان، لـ"العين الإخبارية": "بدأ العمل في تشييد قصر السلطان علي دينار عام 1871، واكتمل بناؤه في 1912، إذ شيّده بناؤون أتراك وإغريق استلهموا في بنائه الطراز المعماري الإسلامي التركي، لكنهم صنعوا سقوفه من أخشاب الصهب، وشبابيكه من خشب القمبيل المحلي، ولم يُستخدم لأغراض السكن بل لإدارة الدولة".
ويضيف "بلال": "وضِعت في القصر الهدايا والغنائم القيّمة التي كانت ترد إلى السلطان، وبعد استشهاده أصبح مقراً للكولونيل كلي قائد القوة البريطانية، ولاحقاً أصبح مقراً للمحافظين الوطنيين حتى عام 1976".
وبعد ذلك أصبح القصر ثاني متاحف البلاد بعد المتحف القومي، بعد قرار أصدره الرئيس الأسبق جعفر النميري، وفق "بلال".
وأنشأ السلطان دينار مصنعاً لصناعة كسوة الكعبة وظل طوال عشرين عاماً تقريباً يرسل كسوة الكعبة إلى مكة المكرمة.
ويذكر أحمد إبراهيم من أسرة السلطان أن من أهم الآثار المعروضة في المتحف طبلان من النحاس، واحد باسم "الدار عامرة" والآخر "عطا المولى"، وكان يستخدمان في إعلان الحرب والأفراح.
ويوضح أنّ المتحف يضم مجموعة منتقاة من الآثار التي تلقي الضوء على مراحل مختلفة من تاريخ السودان منها سيوف فضية، وبنادق عتيقة، وملابس السلطان وعرشه، فضلاً عن عملات فضية دارفورية وأوانٍ مطلية بالذهب ومخطوطات إسلامية.
ويشير إلى أن مواطني دارفور يعدون قصر السلطان "مصدر فخر لهم"، كما يعتبرونه رمزاً لوحدة الإقليم الذي يعاني من اشتعال الحرب منذ عام 2003.
وانتقد إبراهيم عبث نظام الإخوان بالقصر خصوصاً في عهد والي شمال دارفور السابق عثمان يوسف، الذي شوّه صورة القصر باقتطاع جزء منه وإلحاقه بمنزل الوالي وآخر بوزارتي الصحة والمالية، فيما أنشأ مبنى لجهاز الأمن في الشارع المؤدي إلى القصر بجانب بعض الخروقات والتشوهات فيه.
ويقول عبدالعظيم عبدالله من مواطني "الفاشر": "على الرغم من تحويل القصر إلى متحف منذ قرابة 40 عاماً، غير إنه يعاني إهمالاً طويلاً".
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) قد أدرجت القصر ضمن لائحتها للتراث العالمي منتصف العام الجاري، بعد أن تجاوز عمره المائة عام.
وكانت "سلطنة الفور"، آخر رقعة من الدولة السودانية بشكلها الجغرافي الحديث استطاع الغزو الإنجليزي إخضاعها لسلطته عام 1916، بعد معركة حامية استبسل فيها السلطان "دينار"، ولقي فيها حتفه مع الآلاف من جنوده.