سلطان زابن.. العقل المدبر لمهام الحوثي المشبوهة
لطالما ظل سلطان زابن لسنوات يلعب بالظلام كذراع مهمة للجهاز الأمني الذي شيده خبراء إيران للحوثيين، قبل أن تفوح رائحة أعماله السوداء كرجل مهمات مشبوهة لزعيم الانقلاب عبدالملك الحوثي.
وتنامت خطورة "زابن" طيلة 3 أعوام حتى باتت مصدر قلق لدى مجلس الأمن باعتباره المسؤول الأول على سجون النساء بصنعاء والعقل الحوثي المدبر لجناح التجسس "الناعم" باستخدام الفتيات "الزينبيات" (شبكة استخباراتية).
وينحدر سلطان صالح عيضة زابن من "رازح" محافظة صعدة، المعقل الأم للحوثيين، ويوصف بأنه عضو نافذ في جناح "الصقور" المتطرف الذي يقرر السواد الأعظم من نشاطات المليشيات.
ويعود دوره الخفي إلى حروب صعدة الست 2004-2009، كواحد في قائمة تضم أذرعا أمنية متشابكة تدربت على أيدي الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ومهّدت لتفكيك تحالفات المجتمع وإسقاط صنعاء عام 2014.
وقالت مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية" إن زابن كان همزة وصل بين زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، ومجموعات نسائية تضم زوجات وشقيقات قيادات الصف الأول للجماعة، والتي شكلت فيما بعد النواة الأولى لـ"الزينبيات" في معقلها صعدة.
واقتصر دور هذه المجموعات النسوية في حشد النساء للمظاهرات ومواساة الأمهات التي يقتل أبناؤهن في المعارك الحوثية وعقد مجالس للعزاء وللتعبئة الفكرية ورفع معنويات المقاتلين بمبادرات يقدمن خلالها الطعام ويتفقدن الجرحى.
وعُرفت هذه المجموعة بعد ذلك رسميا بـ"الزينبيات" ويتولى زابن مسؤوليتها، لكن مهامها تطور للتجسس الإلكتروني والاستخباراتي داخليا وخارجيا، فيما أوكلت تنفيذ الأنشطة ذات الطابع الطائفي منذ مطلع العام الجاري لإحدى شقيقات عبد الملك الحوثي، والتي أنشأت جهازا نسائيا سريا آخر يسمى بـ"الفاطميات".
زابن والزينبيات
ومثلت فترة ما بعد الانقلاب الحوثي، مرحلة تطور للفتيات "الزينبيات" بقيادة "زابن" الذي عمل مسؤولا في التحقيقات في إدارة المباحث بصنعاء ثم مديرا عاما لها ورقته المليشيات لرتبة "عميد".
وطبقا للمصادر، فقد شرع في توسيع مجموعة "الزينبيات" واستقطاب النساء والفتيات المراهقات ووصل عددهن إلى أكثر من 3 آلاف مجندة وتولت تنفيذ حملات مداهمة للمنازل واختطاف وقمع مظاهرات نسائية، قبل أن يكلفن في جمع المعلومات ويشركن في رصد وتتبع مناهضين.
وأوضحت المصادر أن أولى مهام أمنية أسندت لهن، كانت بالتحرك تحت غطاء المنظمات الإغاثية، حيث كُلفن، بتنسيق كامل مع القيادي الحوثي البارز أبوعلي الحاكم وخبراء إيران، باختراق شيوخ قبائل طوق صنعاء وابتزازهم في تسجيلات مخلة خصوصا الموالين للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
إدارة سجون للنساء
علمت "العين الإخبارية" من منظمات حقوقية معنية بالدفاع عن حقوق المرأة، أن إجمالي النساء اللاتي تعرضن للاختطافات والاعتقالات من قبل مليشيا الحوثي بلغن أكثر من 808 نساء يمنيات، لا تزال بينهن 303 مخفيات قسريا في سجون سرية وذلك منذ ديسمبر/كانون الأول 2017 وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وقالت المصادر إن "زابن" حوّل أكثر من 9 مبان مدنية في ضواحي صنعاء إلى سجون سرية لمئات النساء، وأخرى رسمية معروفة كالسجن المركزي والبحث الجنائي والأمن السياسي بصنعاء والبحث الجنائي والسجن المركزي بذمار.
كما حول القيادي الحوثي مباني أخرى كمقار للعنف الجنسي وتجنيد طالبات في المدارس والجامعات بالإكراه فيما يسمى "كتائب الزينبيات"، وفقا للمصادر.
وأشارت المصادر إلى أن "زابن" تولى إرسال فتيات إلى خارج اليمن وإلى المحافظات المحررة وغير المحررة وأسند لهن مهمات أمنية واستخباراتية وإلكترونية لاصطياد الناشطين ومسؤولين مناهضين للحوثيين.
وذكرت مصادر أمنية أخرى لـ"العين الإخبارية"، أن المدعو سلطان زابن، ومعه قيادات حوثية أخرى حولت البحث الجنائي بصنعاء إلى منصة تجسس على المكالمات الهاتفية بواسطة شبكة اتصالات حديثة تنتهك الخصوصيات والحريات الشخصية، وعمل في ابتزاز كثير من أهالي النساء اليمنيات ماليا.
الرأس المدبر
واعتبرت رئيس ائتلاف نساء من أجل السلام في اليمن، الناشطة "نورا الجروي"، القيادي الحوثي "زابن" بأنه الرأس المدبر وليس الرئيس في جرائم تعذيب واختطاف واعتقال النساء.
وكشفت أن القيادي الحوثي يمارس كل أنواع التنكيل تجاه الفتيات، بينها الصعق الكهربائي، الضرب بالأسلاك الكهربائية، الاغتصاب، وتلفيق التهم اللاأخلاقية للفتيات، لافتة إلى أن مقر البحث الجنائي بصنعاء، يعد وكرا لارتكاب جرائم الحرب بحق النساء في اليمن.
وكشفت الناشطة اليمنية، أن حملة اختطاف النساء بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2017 بعد قتل الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، وحملة اعتقالات واسعة لكوادر حزب المؤتمر الشعبي العام بصنعاء، وخروج المسيرات النسائية للتنديد بهذه الجرائم.
وقالت، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إنها اُعتقلت مع 77 امرأة عند خروجهن في تظاهرة منددة بجرائم الحوثي بالتنسيق مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، يوم 6 ديسمبر/كانون الأول 2017 وقوبلت بقمع حوثي وحشي استهدف إيقاف وإرهاب صوت المرأة المناهضة.
وتصاعدت حدة الاعتقالات لتطال مئات النساء، وطبقا للجروي فإن الانتهاكات الحوثية تنوعت بين الاعتقال والاختطاف والتعذيب والاغتصاب والتشويه الجسدي وتلفيق التهم للمعتقلات تصل إلى تلفيق تهم الدعارة والجرائم غير الأخلاقية وهي جرائم حرب في المجتمع اليمني المحافظ.
كما أن مليشيا الحوثي منعت زيارة للصليب الأحمر الدولي للمعتقلات وأيضا رفضت تنصيب محامين للترافع عنهن.
واتهمت الجروي، المدعو زابن، بأنه القيادي الأبرز داخل المليشيا والممسك بملف سجون النساء، وأن تحالف نساء من أجل السلام في اليمن وثق شهادات عشرات السيدات الناجيات من السجون يديرها "زابن" وتحدثن عن الدور المشبوه له في ممارسة التعذيب والعنف الجسدي والتعنيف النفسي، وأخريات أكدن أن زابن تولى بنفسه اعتقالهن من منازلهن.
وأقر المدعو زابن، في مؤتمر صحفي سابق، بضبط 45 شبكة دعارة خلال 2019، مكونة كل شبكة من 10 فتيات أي ما يعادل 450 امرأة ضبطن لمناهضتهن ولفق لهن تهم "الدعارة" وهو أمر مخجل في المجتمع اليمني، لكن القيادي الحوثي، تعمدّ هتك أعراض اليمنيات وقذفهن في أعراضهن.
في هذا الصدد، أكدت الناشطة الجروي أن جميع المختطفات من مختلف شرائح المجتمع معلمات وطبيبات وربات بيوت وناشطات ومسؤولات في العمل الإنساني والحقوقي وعاملات في الإغاثة الإنسانية، أبرزهن أسماء العميسي وهي أول امرأة معتقلة تحاكم بالإعدام.
وأضافت أنها وثقت انتحار قرابة 4 فتيات، وأخريات فقدن البصر وتعرضن لجلطات دماغية وبتر لأيديهن، وباتت النساء في مناطق سيطرة الحوثيين لا يستطعن الخروج من منازلهن بعد الساعة 6 ليلا تحت وطأة المخاوف الأمنية.
وعندما شعرت مليشيا الحوثي أن ملف النساء بات على طاولة المحكمة الجنائية، هاجمت المدافعات عن حقوق المرأة اليمنية، ولفقت لهن تهما لا أخلاقية، ووفقا للجروي، فإن مجلس الأمن يناقش بالفعل تصنيف "زابن" كمجرم حرب وقد طوّر أدلة مقلقة حول نشاطه المشبوه وترؤسه شبكة استخباراتية نسائية من "الزينبيات".
وكان تقرير خبراء الأمم المتّحدة، أظهر ترتيبا هرميا لمسؤولين عن اختطاف وتعذيب النساء واغتصابهن في سجون سرية بصنعاء وتضم 13 قياديا حوثيا بدءا من سلطان زابن وانتهاء بعبدالملك الحوثي، زعيم الجماعة.