إجراءات كورونا تختفي من النمسا.. تجاهل يتحدى التحذيرات
النمسا سجلت خلال الـ7 أيام الماضية 273 حالة إصابة بكورونا في المتوسط يوميا، ليصل إجمالي عدد الحالات النشطة إلى 3 آلاف و363 حالة
ما إن تطأ قدماك المدينة القديمة وسط العاصمة النمساوية فيينا، حتى تشعر وكأن فيروس "كورونا" المستجد اختفى نهائيا من الوجود، حيث لا يعبأ المارة أو الجالسون بخطورة العدوى، ولا توجد مسافات آمنة، ونادرا ما يرى المرء شخصا يرتدي قناعا طبيا "كمامة".
ويعكس هذا المشهد وضعا أصبح مألوفا في النمسا، إذ قرر أغلبية الشعب تجاهل الفيروس الذي شل الحياة في أنحاء القارة الأوروبية في ربيع هذا العام، والعودة للحياة الطبيعية، رغم تسجيل البلاد عددا من الإصابات، وتحذيرات الحكومة المتكررة من الموجة الثانية للفيروس.
وفي مقاهي المدينة القديمة تجلس أعداد كبيرة من الناس دون الحفاظ على أي من الإجراءات الاحترازية من مسافات آمنة وكمامات طبية، بل إن المقاعد تتلاصق في بعضها، وتجعل عشرات الجالسين يبدون ككتلة واحدة.
ولا يختلف الأمر بالنسبة للمارة، أو المتفقدين لجمال المباني القديمة، حيث يسير أغلبية هؤلاء دون كمامات طبية رغم بعض الزحام الذي يظهر في بعض المناطق على فترات.
ووفق صحيفة "كورونه" النمساوية فإن النمساويين اختاروا العودة للحياة الطبيعية والاستمتاع بحرارة الصيف قبل موسم الشتاء الذي يتوقع خبراء أن يشهد ارتفاعا كبيرا في معدل الإصابات.
وفي استطلاع لمركز "شؤون البحث"، وهو مركز خاص، نشر مؤخرا، قال 66% من النمساويين، إن "كورونا لم يعد عبئًا على الحياة اليومية، والحياة بالنسبة لنا عادت كما كانت قبل الأزمة".
وهذه النسبة معبرة للغاية، خاصة إذا حولت إلى أرقام حيث إن 5.9 من أصل 8 ملايين نمساوي لا يشعرون بأي تأثير لكورونا على الحياة.
الأكثر من ذلك، أن تلك العودة الطوعية للحياة الطبيعية لا تعكس إيمانا بأن كورونا انتهى من العالم، حيث يرى 63% من النمساويين أن الموجة الثانية للفيروس على الأبواب، ويمكن أن تبدأ مع بداية فصل الشتاء، ما يعني أن أغلبية النمساويين قرروا تجاهل "كورونا" عن عمد.
ورغم أن القناع الطبي "الكمامة" إلزامي في وسائل النقل، ويتعرض المخالف لذلك لغرامة تبلغ 40 يورو، أظهر الاستطلاع أن 11% فقط من النمساويين يحرصون على ارتداء الأقنعة الطبية خارج المواصلات العامة؛ أي في الشوارع والمتاجر والمطاعم.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قالت كاترين ليبهارت "41 عاما" إن "الإغلاق العام الذي سيطر على البلاد في الربيع خلق حالة من الكبت"، مضيفة: "الناس قرروا الخروج للهواء، والتمتع بقدر من الحياة الطبيعية قبل حلول الشتاء".
وتابعت: "لا يستبعد أحد هنا موجة ثانية من الفيروس في الشتاء، لذلك قرروا الخروج لتنفس بعض الهواء قبل إغلاق جديد محتمل".
وأضافت: "لا أعتقد أن كورونا سينتهي قريبا، لكن ما نفعله هنا هو نوع من المقاومة، والإصرار على الحياة في مواجهة فيروس يهدد وجودنا".
وقال أندرياس فولفجانج "25 عاما" لـ"العين الإخبارية" إنه قرر استغلال الوضع الآمن مؤقتا للاستمتاع بالحياة وحرارة الصيف، واستعادة بعض من حياته الطبيعية.
وأوضح: "أتوقع أن تتزايد الإصابات مع بداية الشتاء، حينها سيحاصرنا الفيروس والبرد ويجبراننا على البقاء في المنازل لأشهر طويلة"، مضيفا: "لا مانع من عودة للحياة الطبيعية حتى لو كانت مؤقتة".
أما السيد حافظ "35 عاما"، وهو مواطن مصري مقيم في فيينا، فيقول: "أمارس حياتي بشكل طبيعي، وأذهب لعملي وأخرج للتجول ليلا كما تعودت قبل الأزمة".
وتابع: "الأجواء في المدينة تمنحني كثيرا من الطمأنينة؛ الناس في الشوارع يسيرون بشكل اعتيادي وبدون كمامات، وأرقام الإصابات المعلنة ليست ضخمة".
ورغم هذه المظاهر، لا يكف المستشار النمساوي سبستيان كورتس عن تحذير مواطنيه من تجاهل كورونا، حيث قال قبل أيام إن "الحياة الطبيعية لن تعود قبل صيف 2021"، مطالبا الجميع بـ"الحيطة والحذر والالتزام بالاجراءات الاحترازية".
وتابع "لقد تجاوزنا الصيف بشكل جيد حتى الآن، لكن التطورات في الأيام القليلة الماضية مقلقة لحد كبير، وتدفعنا لتشديد الرقابة على الحدود"، مضيفا: "نحاول تفادي مرحلة إغلاق جديدة حتى لا نعرض الوظائف والاقتصاد للخطر".
وخلال الـ7 أيام الماضية، سجلت النمسا 273 حالة إصابة بفيروس "كورونا" المستجد في المتوسط يوميا، ليصل إجمالي عدد الحالات النشطة إلى 3 آلاف و363 حالة، بعد أن كانت البلاد تقترب من تسجيل صفر إصابات قبل أسابيع.