جهود بحثية لتطوير إنسان خارق من أطفال معدلين جينيا
تيار ما بعد الإنسانية حركة تدعم استخدام العلوم والتكنولوجيا لتعزيز قدرة الإنسان ومدى تحمله، وإلغاء الأمور غير المرغوب كالغباء والمرض
يتوسع استخدام التكنولوجيا والعلوم لتطوير إنسان خارق من "أطفال معدلين جينياً" وعمليات زرع دماغ، على الرغم من الشكوك التي يعبر عنها علماء.
ومع نهاية عام 2018 جاء الإعلان المثير للجدل من باحث صيني عن ولادة أول أطفال معدلين وراثيا، لجعلهم مقاومين لفيروس الإيدز، غير أن هذا التيار الفكري المعروف بحركة ما بعد الإنسانية ليس بجديد.
ويقول مارك رو، رئيس الاتحاد الفرنسي لتيار ما بعد الإنسانية، إن هذا المنحى "ظهر عندما أدركنا أننا قادرون على اتخاذ خيارات طوعية للتدخل في تطورنا الحيوي بالوسائل التقنية".
وتيار ما بعد الإنسانية هو حركة فكرية تدعم استخدام العلوم والتكنولوجيا لتعزيز قدرة الإنسان العقلية والفيزيائية وقدرة تحمله، وإلغاء الأمور غير المرغوب فيها مثل الغباء والمعاناة والمرض والشيخوخة وأخيرا التخلص من الموت.
لكن بعد نحو 4 عقود من ظهور تيار ما بعد الإنسانية لدى علماء استشرافيين في كاليفورنيا، يبدو أن هذا الاتجاه بات أقوى من أي وقت مضى، فبعدما اختارت "جوجل" توظيف أحد أبرز الأسماء العالمية في هذا المجال، وهو المهندس راي كورزويل، أنشأت المجموعة فرعا مخصصا للتصدي لمسألة الشيخوخة "كاليكو"، كما أن الملياردير إلون ماسك خاض مجال البحوث بشأن زرع الدماغ.
ويقول بلاي ويتبي، المتخصص في المعلوماتية والذكاء الاصطناعي في جامعة ساسكس الإنجليزية: "بعض الناشطين في تيار ما بعد الإنسانية يوقعون الرسائل الإلكترونية التي يبعثون بها إليّ بشعارات مثل (الموت بات اختياريا - أول شخص سيعيش حتى سن 500 عام موجود حاليا)".
ويضيف: "هم حتما أكثر تفاؤلا مني".
وفي هذا الإطار، لا يزال الطب عاجزا تماما عن التصدي للأمراض العصبية الانتكاسية، وتراكم التجارب السريرية على مرض ألزهايمر بالفشل تلو الآخر، فيما تراجع أمد الحياة المتوقع هذا العام أيضاً في الولايات المتحدة، ولا تزال آلام وهم الأطراف تصيب الأكثرية الساحقة من مبتوري الأطراف، كما أن بعض الدراسات يظهر أن أعلى عمر ممكن للبشر ربما وصل إلى حده الأقصى بعدما كان في تزايد حتى التسعينيات.
ويقول ناتانائيل جاراسيه، من معهد الأنظمة الذكية وعلم الروبوتات في باريس: "لا تزال هناك عوائق حقيقية أمام فهمنا للبشر"، مضيفاً: "لا نتحدث سوى عن الوقت والمال مع نفينا بأننا قد لا نفهم أبدا بعض الأمور ونفينا أيضا المستحيل العلمي".
ويبدي مارك رو أسفه للصورة السائدة التي تحصر أنصار تيار ما بعد الإنسانية بالأفراد الأكثر راديكالية، ويؤكد هذا العالم المجاز أساساً في التاريخ "ثمة أمور كثيرة ممكنة حاليا".
ومع إقراره بوجود "ثغرات في الالتزام بالمعايير" العلمية في القضية الأخيرة حول "الأطفال المعدلين وراثياً"، يشير العالم إلى أن "أنصار تيار ما بعد الإنسانية لا يعتبرون كما يفعل البعض أن تغيير الأجيال المقبلة والتأثير على الوراثة أمر مقيت".
ويضيف: "لماذا النظر إلى هذا الأمر على أنه سيئ حكما؟ لم يعد هناك نقاش بشأن هذه المسائل.. ثمة إدانة لكن في العمق لا يعرف السبب".
ويطالب أنصار تيار ما بعد الإنسانية بالحق في التجربة على مرضى متطوعين لأمور ممكنة تقنيا مثل زرع قرنية العين، بما يسمح برؤية الأشعة ما دون الحمراء، ووضع أطراف اصطناعية بلا عوائق.