القلق الأمريكي والإقليمي والدولي مبرر حول تمكن إيران مرة أخرى من شراء الأسلحة بعد رفع الحظر عنها.
من المحتمل أن يعيد رفع حظر شراء الأسلحة عن إيران درجات متفاوتة من معايير التوتر بين إيران وأمريكا بالدرجة الأولى، وبين إيران والمنطقة، وبين إيران والعالم المحب للسلام، لذلك تحدث وزير الخارجية الأمريكي بوضوح عندما قال حرفياً "على مدى السنوات العشر الماضية، امتنعت الدول عن بيع أسلحة لإيران بموجب إجراءات الأمم المتحدة المختلفة، وأي بلد يتحدى الآن هذا الحظر سيختار بشكل واضح تأجيج الصراع والتوتر بدلا من تعزيز السلام والأمن".
النظام الإيراني وعبر أكبر مؤسساته الأمنية "الحرس الثوري" حرم الشعب الإيراني خلال العقود الماضية من السير في الاتجاه التنموي الصحيح، فبدلاً من ذلك لجاء النظام في إيران إلى تكديس الأسلحة وشرائها من عدة مصادر على حساب الشعب في عملية تبديد واضحة للثروات الإيرانية، وقد لفت وزير الخارجية الأمريكي النظر إلى هذه النقطة عندما قال "إن عقوداً من الفساد والسياسات المتطرفة من قبل قادة النظام مسؤولة عن اضمحلال أمة عظيمة، وإننا نقف مع الشعب الإيراني ضد الاستبداد وتبديد ثرواته وجهود النظام لسحق نضاله من أجل الحرية".
القلق الأمريكي والإقليمي والدولي مبرر حول تمكن إيران مرة أخرى من شراء الأسلحة بعد رفع الحظر عنها، فالتجربة التي عرفها العالم عن إيران لا توحي بأن السلوك الإيراني يبدي أي تغير أو تحول تجاه المنطقة وجيران إيران بالدرجة الأكبر، فالكثير من السيناريوهات يمكن استعراضها لفهم الاحتمالات التي من الممكن أن تتسبب بها إيران للمنطقة وللعالم كله.
قد تلجاء إيران إلى الوقوف على حبل التوازنات الدولية وخاصة أن بعض الدول تلوح ببيع أسلحة لإيران ليس من أجل إيران ولكن لأهداف سياسية تتعلق بالمنطقة والمصالح الاستراتيجية لها، وخاصة من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، هذا الاحتمال ممكن في السياق الإعلامي والتعاطي الدبلوماسي، ولكن يبدو أن حدوثه بشكل فعلي يمثل منعطفا صعبا لن تلجأ فيه الدول الكبرى إلى فتح باب المواجه بين بعضها من أجل إيران.
مهما حاولت إيران أن تستعرض قوتها في الخليج بعد هذا القرار إلا أنها تفكر بعمق بالحالة الاقتصادية التي يعيشها الداخل الإيراني، ومن الناحية المنطقية سيكون الخطأ الأكبر وستكون الضربة القاضية للنظام الإيراني في حال عاد الحرس الثوري إلى إبرام الاتفاقيات وشراء الأسلحة على حساب شعب يغرق بالأزمات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية على حد سواء.
لن تتمكن الدول ببساطة من بيع أسلحة لإيران هذه حقيقة واضحة، فالتاريخ الأسود للنظام الإيراني في تأجيج الصراعات ودعم الشبكات الإرهابية، كلها مبررات صارمة تجعل الدول تحجم عن دعم إيران عسكرياً، وكما يبدو أن الفرصة الأخيرة أمام النظام الإيراني تحين في هذا التوقيت إذا ما أراد النظام الإيراني التخلص من سلوكه غير المقبول إقليما ودولياً، فالتاريخ يعملنا أن أي تصرف غير موزون مع القوى العالمية في الجوانب التي تخص السلاح أو امتلاك الأسلحة الخطيرة ثمنه كبير، وعلى إيران التعلم من تجارب الدول في هذا الجانب إذا ما أراد نظامها السلامة له ولشعبه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة