سُقيا.. شباب مغربي ينقب عن مياه الشرب في المناطق العطشى
هي لحظات تحبس الأنفاس، الكُل ينتظر، صمت يكسره هدير آلات الحفر التي تخرق الأرض منذ ساعات، وأحياناً منذ أيام.
مشهد تكرر أمام أعين محمد خليل الإدريسي، ومَن معه من الشباب المتطوع، أكثر من مرة، وفي كُل واحدة يبلغ التوتر والترقب أقصى درجاته.
ترقب
كُلما اخترقت آلات الحفر الأرض، وزاد عمق البئر، إلا وازداد الترقب، والأمل الممزوج بالخوف، لأن التقدم في الحفر يعني الاقتراب من الماء، كما يعني بذات القدر استحالة الوصول إليه، يحكي خليل لـ"العين الإخبارية".
يعمل خليل رفقة عدة شباب على حفر آبار الماء الصالح للشرب في المناطق النائية في المغرب، والتي تجد صعوبة في إيجاد المياه لتروي به عطشها.
أسس رفقة أصدقاء له مُبادرة لحفر الآباء، اختاروا لها اسم "سُقيا"، تشتغل بمبدأ التطوع وتعمل على مُساعدة بعض المناطق النائية على الحُصول على الماء، خاصة وأن بعض المُقيمين بهذه المناطق يلزمهم ساعات طوال للوصول إلى منابع المياه.
فكرة بسيطة
يوضح خليل، أن الفكرة بدأت بشكل بسيط أواخر عام 2018، لما كان ينشط رفقة مُتطوعين آخرين في تقديم المُساعدات للفقراء في قُرى المغرب، سواء من خلال قفة رمضان أو أضحية العيد.
ولفت إلى أن البداية جاءت من هذا العمل، إذ لاحظ وزملاؤه حاجة السُكان هُناك إلى أمر أكثر إلحاحاً، وهو الماء.
يقول خليل: "من هُنا انطلقنا، إذ كانت الفكرة بسيطة في بداية الأمر، وتقتصر فقط على حفر بئر، إلا أنها تطورت وصارت الفكرة بناء شروع مائي متكامل يتضمن حفر الآبار وتزويدها بمعدات حديثة تسهل عملية سقي الماء وإيصاله للبيوت كذلك".
ولفت إلى أن الهدف من هذا العمل ليس فقط حفر بئر ، وإنما تغيير نمط عيش سكان القرى مع الماء وتسهيل وصولهم إليه، موضحاً أن المبادرة تمكنت إلى حدود الساعة من حفر 24 بئراً.
صعوبات
طريق مُبادرة سقيا ليست مُعبدة بالكامل، إذ إن العديد من الصعوبات تواجه عملها في تقريب المياه من العطشى,
وفي هذا الصدد، كشف خليل لـ"العين الإخبارية"، أن أكثر صعوبة يواجهها الفريق، هي إيجاد الماء، موضحاً أنه على الرغم من كل الدراسات التي يجريها التقنيون والمهندسون المختصون في مجال حفر الآبار، إلا أن نسبة استخراج الماء وعدمه تظل متساوية.
وما يزيد الأمر حدة، أن التكلفة تظل نفسها، أياً كانت النتيجة، سواء وصل الفريق إلى الماء أو لم يصل، وهذه العملية تكلف مبالغ باهظة جداً تبدأ من 6 آلاف دولار أمريكي، وقد تصل حتى 20 ألف دولار، بحسب طبيعة التضاريس والتربة التي يتم الحفر فيها.
وأوضح أن البدايات كانت بمبادرات شخصية من الشباب لجمع المال اللازم لتمويل عمليات الحفر وما يرافقها، إلا إنه ومع مرور الأيام بدأت المبادرة تتلقى مُساهمات من مُحسنين داخل المغرب وخارجه، لدعم عمليات حفر الآبار.
وفي الوقت الذي كانت المبادرة تكتفي بحفر الآبار، إلا أنها صارت اليوم تقوم بتركيب مضخة وبناء صهريج للمياه، ناهيك عن توفير لوح للطاقة الشمية بغرض تشغيل المضخة وملء الصهريج.
aXA6IDMuMTQ1LjYzLjE0OCA= جزيرة ام اند امز