التفكير الاستراتيجي مع الحوثيين أو الإخوان أو أي فصيل مثلهما أن يتم إنهاء وجودهم السياسي والتنظيمي بصورة كاملة
بداية لا بد من التأكيد على حقيقة سياسية مستقرة في تاريخ البشرية، وهي أن التفاوض والوصول إلى حلول وسط يكون مع الأطراف البرجماتية التي تؤمن بأن كل الصراعات يجب أن تنتهي بحلول وسط، أما الأطراف الأيديولوجية فلا تؤمن بالتفاوض أو الحلول الوسط، وذلك لأنها تعتقد بامتلاك الحقيقة، وأنها هي الحق المطلق، والحق لا يقبل المساومة أو التفاوض، لذلك فإن الصراعات معها تكون طبقا لما يعرف في العلاقات الدولية بـ"المعادلة الصفرية" أي أن أحد طرفي الصراع يكسب كل شيء، والطرف الآخر يخسر كل شيء، فهو صراع بين الحق والباطل، والباطل زاهق مندثر لا بد أن يختفي بصورة كاملة، ولا مجال لإعطاء فرصة للباطل للبقاء، والنموذج الكامن في الأذهان هو فرعون وموسى عليه السلام؛ موسى يخرج بقومه سالمين، وفرعون يبتلعه البحر بجيشه كاملا، هكذا تؤمن الأحزاب الأيديولوجية، خصوصاً الدينية منها، وبصفة أكثر خصوصية تلك التي تتبع نموذج ولاية الفقيه الذي لا ينطق عن الهوى، وكل قراراته وحي، وإلهام إلهي بزعمهم.
إن هزيمة الحوثي وتجريده من كل قوته بصورة كاملة هي المقدمة الأساسية لتحقيق السلام في جزيرة العرب، وفي منطقة البحر الأحمر، وبعد تلك الهزيمة تتم مصالحة وطنية بين جميع قبائل ومذاهب اليمن، وينشأ نظام يستوعب الجميع ما عدا أولئك الخونة والعملاء الانقلابين اللصوص
الجماعات الأيديولوجية خصوصاً الدينية منها تتفاوض إذا كانت في موقف ضعف بسوء نية، ولا تحترم الاتفاقات؛ لأنها بالنسبة لها حيلة من حيل الحرب، والحرب عندهم خدعة، ولا بد من الخداع حتى بقبول السلام، لذلك من الخطأ الاستراتيجي الدخول معهم في عملية تفاوض بحسن نية، وترك البديل العسكري. هذه الجماعات لا بد من إنهاء وجودها السياسي بالكامل بنفس منطقها، وبنفس طريقة تفكيرها، لأنها تريد إنهاء الوجود السياسي لخصومها بصورة كاملة، والمقصود هنا ليس إنهاء وجود الأشخاص بحرب إبادة، وإنما إنهاء القوة العسكرية والوجود السياسي الذي يمكنهم من إعادة بناء هذه القوة العسكرية التي تستخدم في التدمير والقتل والخراب طمعاً في تحقيق أحلام هي أقرب للأوهام.
التفكير الاستراتيجي مع الحوثيين أو الإخوان، أو أي فصيل مثلهما، أن يتم إنهاء وجودهم السياسي والتنظيمي بصورة كاملة، دون الوقوع في قتل نفس حرم الله قتلها، أي يتم القضاء على المحاربين منهم الذين يحملون السلاح، والقيادات بجميع الوسائل الممكنة، وعدم التعرض للأعضاء المستحمرين منهم، أولئك لا إرادة لهم، وإنما هم أتباع معصوبو العينين، يسيرون خلف القيادات بصورة عمياء، تجعلهم غير مسؤولين عن أفعالهم، لذلك فالجريمة كل الجريمة في أعناق القيادات.
وبالنظر إلى الوضع في اليمن، فإن التحالف هو العامل الأساسي الذي قضى على حلم الحوثيين، وحلم إيران من خلفهم، وبدون التحالف لم يكن في إمكان حكومة اليمن أن تفعل شيئاً، كان من المتوقع أن يستمر الصراع لسنوات طويلة بين كر وفر، ولذلك فالحوثيون ومن خلفهم إيران وحزب الله ومليشيات الحشد الشعبي في العراق الغريق لن يقدموا أية تنازلات تعطي دول التحالف نصراً في اليمن؛ سيكون بالتأكيد على حساب الموازين الاستراتيجية لإيران وأتباعها في المنطقة. ومن هنا فإن إيران لن تسمح للحوثي أن يدخل في عملية سلام جادة. ستكون كل المفاوضات ومبادرات السلام مجرد مناورات لكسب القوت وإعادة الانتشار، والتقاط الأنفاس.
لا بد من أن تكون هذه الحقيقة واضحة وماثلة طوال الوقت، ولذلك لا بد من اعتماد استراتيجية القضاء على جماعة الحوثي بصورة كاملة مثلما قضت دول أخرى على جماعات مماثلة مثل الخمير الحمر في كمبوديا، أو الألوية الحمراء في إيطاليا، ومسلحي الجيش الجمهوري الأيرلندي في إيرلندا الشمالية.. إلخ
ولا بد من تجاوز أخطاء على عبدالله صالح أو مؤامراته، فقد خاض ضدهم ستة حروب، وقبل نقطة الحسم يتفاوض معهم، ويحافظ على وجودهم، فيعيدون ترتيب صفوفهم وبناء قوتهم، ويعودون في جولة جديدة، ولعل علي عبدالله صالح كان يستخدمهم لعمليات ابتزاز مالي لدول الجوار. لذلك لا بديل عن هزيمتهم هزيمة حاسمة، وتجريدهم من كل أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة، وحتى الخفيفة. والعمل على تجريدهم من قوتهم الاقتصادية والمالية وذلك من خلال الإسراع بتغيير العملة اليمنية، وإصدار عملة جديدة فور الانتهاء من معركة الحديدة، وإعطاء مهلة قصيرة لاستبدال العملة بصورة دقيقة تحول دون استفادة الحوثيين من الأموال التي نهبوها من البنك المركزي والبنوك الأخرى. والعمل على إلغاء كل عمليات بيع وشراء العقارات التي تمت في المدن التي سيطر عليها الحوثيون طوال فترة سيطرتهم.
إن هزيمة الحوثي وتجريده من كل قوته بصورة كاملة هي المقدمة الأساسية لتحقيق السلام في جزيرة العرب، وفي منطقة البحر الأحمر، وبعد تلك الهزيمة تتم مصالحة وطنية بين جميع قبائل ومذاهب اليمن، وينشأ نظام يستوعب الجميع ماعدا أولئك الخونة والعملاء الانقلابين اللصوص.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة